خطة استكمال بناء الجدار العازل تهدد بتدمير قرية تعود إلى عهد الرومان

صراع القرويين والمدافعين عن البيئة ضد مخططي جدار الفصل الإسرائيلي

خط سكك حديدية على حدود قرية بتير الفلسطينية ذات المناظر الخلابة القريبة من القدس (واشنطن بوست)
TT

تروى المصاطب الزراعية الحجرية القديمة، في هذه القرية الفلسطينية ذات المناظر الخلابة القريبة من القدس، التي تمتد على جوانب التلال، بمياه الينبوع التي تتدفق عبر شبكة من قنوات الري التي تعود إلى عصر الرومان.

وتحولت القرية، التي يقطنها 6,000 شخص، والتي تطل على وادٍ يشكل الحدود مع إسرائيل، إلى نقطة محورية في صراع القرويين والمدافعين عن البيئة ضد مخططي جدار الفصل الإسرائيلي في الضفة الغربية، الذي يتكون من مجموعة معقدة من الأسياج والحوائط التي بنيت لإبعاد المهاجمين الفلسطينيين.

في بتير، سيقطع مسار الحاجز المخطط له - بما في ذلك 500 ياردة من الحائط الخرساني - الوادي ليمزق هذا المشهد الحي النادر من زراعة المصاطب التي تروى طبيعيا والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وستحرم القرية من ثلث أرضها المزروعة التي ستقع على الجانب الآخر من الحاجز.

وردا على الالتماس المقدم من الفلاحين ومجموعة الحفاظ على البيئة من قرى كثيرة، أصدقاء الأرض الشرق الأوسط، أمهلت المحكمة العليا الإسرائيلية، هذا الشهر، وزارة الدفاع الإسرائيلية 90 يوما للتوصل إلى حل بديل للجدار الذي تم التخطيط له وأن تضع في اعتبارها «الطبيعة الفريدة للمنطقة المحيطة ببتير». وحثت المحكمة في قرارها، الذي يعد تدخلا نادرا من قبلها في مشروع الجدار العازل، مسؤولي الأمن على إعادة النظر في «طبيعة جدار الفصل والترتيبات الأمنية» في المنطقة الحساسة، والمرشحة لضمها إلى موقع التراث العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو. وفي خطوة غير متوقعة أيدت هيئة المتنزهات والطبيعة الإسرائيلية (هيئة حكومية)، مقدمي الالتماس في المحكمة قائلة إن الحاجز سيشكل «انتهاكا لمشهد قديم وتفصل الفلاحين عن أراضيهم وهو ما سيؤدي إلى دمار ثقافة الزراعة القديمة».

وعبر خبراء حماية البيئة الإسرائيليين عن قلق مماثل حيث أكدوا على أن مسار الحاجز المخطط له سيدمر منظرا طبيعيا فريدا حيث تحمل القنوات مياه الينبوع إلى أراضي الخضراوات وأشجار الليمون.

ويقول غيدون برومبيرغ، مدير مؤسسة أصدقاء الأرض الشرق الأوسط: «نحن لسنا ضد الحاجز الأمني بالأساس، لكننا ضد بنائه في موقع طبيعي ثقافي يستحق الحماية. وبناء الجدار في هذا الموقع تحديدا سيتعارض مع التزامات إسرائيل الخاصة كوقعة على معاهدة اليونيسكو للتراث العالمي».

وقد أكدت وزارة الدفاع على أن إنهاء الحاجز في منطقة بتير سيغلق فجوة جنوب القدس لحماية المدينة من هجمات إرهابية محتملة ويحصن خطوط السكك الحديدية على الجانب الإسرائيلي من الحدود. وقالت الوزارة إنها اتخذت الخطوات الكفيلة بالحد من تأثير المشروع على المصاطب الزراعية حول القرية.

وسيجبر حكم المحكمة مسؤولي وزارة الدفاع على التفكير في وسائل أخرى لمراقبة المنطقة مثل كاميرات المراقبة والدوريات، اللتين تستخدمان حاليا لحماية القطار. وإذا ما تم تأجيل مشروع الجدار في بتير، فلن تكون المرة الأولى الذي يقام فيه نظام أمني خاص بالقرب من القرية. وبموجب اتفاقية الهدنة التي وقعت في عام 1949 بعد حرب الاستقلال الإسرائيلية، تم السماح لمزارعي بتير، فيما عرف آنذاك بالضفة الغريبة التي تسيطر عليها الأردن، بالاستمرار في زراعة أراضي القرية التي لا تزال على الجانب الإسرائيلي من خط وقف إطلاق النار. وفي المقابل التزموا بعدم التعرض لمسارات القطارات الإسرائيلية بين القدس وتل أبيب الذي يعمل على حدود قريتهم.

استمر الاتفاق لعقود، ولم يؤرقه سوى بعض الحالات المتفرقة لإلقاء الحجارة، وكانت أغلبها خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت في أواخر الثمانينات.

ويقول أكرم بدير، عمدة بتير، إنه قبل عدة سنوات، ركب أطفال من مدرسة القرية، القريبة من خط السكك الحديدية، القطار إلى القدس بموجب ترتيبات خاصة مع شركة السكك الحديدية الإسرائيلية. وقال: «علمناهم أن القطار صديق وليس عدوا».

وقال بدير: «نحن نعتني بالحدود لأننا نعرف أننا سنكون في مأمن إذا حصلت إسرائيل على الأمن. يمكننا القيام بذلك من دون أي حواجز مادية. بتير مكان خاص وهكذا ينبغي أن تكون في المستقبل، مشروعا تجريبيا للسلام».

وإدراكا للإمكانات السياحية في القرية قام الناشطون المحليون بتحديث مسارات المشي واستعادة المصاطب الحجرية في التلال المحيطة كجزء من متحف بتير البيئي. وقد أعيد تجديد المنازل القديمة في القرية وتم التخطيط لإقامة منزل للضيوف خلال الشهور المقبلة.

ويقول حسن معمر، مهندس مدني يدير عمل المنظمة: «مشكلتنا هي الموقف الجيوسياسي». وعبر عن أمله في أن يؤدي حكم المحكمة العليا إلى إلغاء خطط بناء أي حاجز، ولو سياج في أسفل الوادي.

وأضاف: «لسنا بحاجة إلى جريمة جديدة يمكن أن تدمر الإرث الثقافي والسلام في هذه المنطقة. كان هذا انتصارا لنا في الوقت الراهن».

* خدمة «واشنطن بوست»