مساع للتوافق ومبادرات للخروج من أزمة الانقسام بعد إقرار الدستور الجديد

«الشورى» يستحوذ على التشريع غدا.. ووزير الدفاع: لسنا طرفا في الصراعات السياسية

د. طارق الزمر رئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية يرحب في مؤتمر صحافي بنتائج الاستفتاء على الدستور الجديد أول من أمس (أ.ب)
TT

بينما تستعد اللجنة القضائية العليا المشرفة على استفتاء الدستور المصري الجديد، للإعلان عن النتائج النهائية والرسمية للاستفتاء اليوم (الثلاثاء)، بعد انتهاء المدة القانونية للجنة لبحث كافة الطعون والشكاوى المقدمة إليها، قدم عدد من المسؤولين السياسيين في البلاد وأحزاب وقوى إسلامية، ممن أيدت الدستور الجديد، مبادرات للخروج من الأزمة الكبيرة والفجوة العميقة التي أحدثتها عملية الاستفتاء بين قوى المجتمع. ونفى وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي تدخل الجيش في الأزمات الحالية قائلا: «لسنا طرفا في الصراعات السياسية».

وانتهت عملية الاستفتاء على الدستور مساء السبت (الماضي)، وأظهرت النتائج النهائية شبه الرسمية موافقة 63.6% من الناخبين على الدستور، مقابل رفض 36.4%، وفقا للنتائج التي أعلنتها اللجان القضائية الفرعية المشرفة على الاستفتاء في محافظات مصر الـ27.

وفي غضون ذلك، أصدر الرئيس محمد مرسي قرارا جمهوريا أمس بدعوة مجلس الشورى للانعقاد ابتداء من يوم الأربعاء القادم 26 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لافتتاح دورة الانعقاد الثالثة والثلاثين، وذلك بعد قراراه بتعيين 90 عضوا جديدا لاستكمال عضوية المجلس.

ويتولى مجلس الشورى بموجب الدستور الجديد، السلطة التشريعية في البلاد، لحين انتخاب مجلس النواب، في غضون شهرين، وتتضمن جلسة الأربعاء أداء الأعضاء المعينين اليمين الدستورية.

وقال رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل أمس إنه ناقش مع الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى الأجندة التشريعية للمجلس بعد تسلمه للسلطة التشريعية، موضحا أن أولويات الأجندة هي قانون الانتخابات، وقانون التأمين الاجتماعي، والصكوك الإسلامية، والقوانين الخاصة بالعمالة، موضحا أن الحكومة كانت تنتظر جهة مشرعة حتى ترسل إليها القوانين التي قامت بتجهيزها.

وفي إطار مبادرات الخروج من حالة الانقسام الكبيرة التي أحدثتها عملية التصويت على الدستور، بين القوى المدنية والإسلامية. قال الدكتور عماد عبد الغفور مساعد الرئيس محمد مرسي للحوار المجتمعي، إن المادة رقم (232) في الدستور الجديد، والمتعلقة بالعزل السياسي لأعضاء النظام السابق، كانت وراء أكثر من 80% من أحداث العنف والقتل والمظاهرات التي شهدتها البلاد، كاشفا في الوقت نفسه عن مبادرة مكونة من عشرة بنود طرحها قبل أيام على كافة القوى السياسية بهدف وضع ميثاق للعمل السياسي.

وأكد عبد الغفور، في تصريحات له نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط (الرسمية)، أن جولات الحوار الوطني حتى الآن، شهدت نقاش الخيارات المطروحة وتم الاتفاق مع عدد كبير من القوى السياسية المشاركة على ضرورة اعتماد الحوار كوسيلة للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، مشيرا إلى أن الدستور هو منتج بشري وليس معصوما، وأنه منتج متغير وقابل للتطوير والتعديل والنقاش.

ومن جهتها، أطلقت الجماعة الإسلامية وحزبها «البناء والتنمية» مبادرة للخروج من الأزمة تحت اسم «الحوار من أجل الوطن»، وذلك لـ«وضع مصر على الطريق الصحيح»، وناشدت الجماعة الإسلامية الرئيس محمد مرسي أن يدعو كافة القوى السياسية والشخصيات الوطنية، للمشاركة في هذا الحوار أو المبادرة لتحقيق ما سمته «الهدف الوطني».

واقترحت الجماعة الإسلامية خلال مؤتمرها أمس، أن يكون الحوار الوطني من 5 محاور (سياسي، الأمن والاستقرار، العدالة الاجتماعية، اقتصادي، مشكلات المصريين في الداخل والخارج). وفي السياق ذاته، دعا الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بحزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين)، إلى جعل الجمعة القادم يوما للمصالحة الوطنية، يخرج فيه الجميع بالورود لكي يتهادوا بها فيما بينهم. وقال البلتاجي في تدوينة على صفحته على موقع «فيس بوك» «مبروك إتمام استفتاء، مبروك أن صار لنا دستور، اختلاف في تقدير الموقف الوطني يجب أ يدفعنا لخصومة دائمة تضر بالوطن».

وأضاف: «تعالوا نطوي صفحات الماضي، نتحاور في قضايا المستقبل، نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه».

إلى ذلك، أكد الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري، أن الجيش هو الضامن الحقيقي لأمن البلاد وأن الدور الذي قام به رجال القوات المسلحة خلال تأمين عملية الاستفتاء على الدستور أضاف رصيدا جديدا في العلاقة بين شعب مصر وقواته المسلحة، مضيفا أن القوات المسلحة جزء أصيل من هذا الشعب العظيم، وأنه انطلاقا من دورها الوطني قامت بأداء واجبها من خلال حماية وتأمين مقار لجان الاستفتاء على الدستور لبث روح الأمن والطمأنينة للمصريين للإدلاء بأصواتهم والتعبير عن آرائهم بحرية تامة. ووجه الفريق أول السيسي خلال لقائه عددا من قادة وضباط الحرب الكيماوية أمس، الشكر لقادة وضباط وصف وجنود القوات المسلحة على تحملهم مسؤولية العبور بالبلاد إلى بر الأمان، وقال: «إن المؤسسة العسكرية تمارس مهامها بتجرد تام لا يعنيها إلا شعب مصر الذي تنحاز إليه دائما، في إطار عقائد استراتيجية راسخة بأهمية عدم التدخل في الصراعات والممارسات السياسية وحتى لا تكون طرفا ضد آخر إدراكا منها بمخاطر ذلك على الأمن القومي والاستقرار الداخلي».

وأشار الفريق أول عبد الفتاح السيسي إلى أن الوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به البلاد هو التحدي الخطير بالإضافة إلى الخلافات السياسية التي تتطلب تكاتف جميع المصريين بانتماءاتهم المختلفة في كتلة واحدة لتخطى هذه المرحلة الدقيقة.