الإبراهيمي يتفق مع «معارضي الداخل» على الحل السياسي ولجان التنسيق ترفض «خيارات ابتزاز الشعب»

المعارضة مصرة على موقفها.. وتحذر من «حصار بهدف انتزاع قبولنا بالتسوية»

مسن سوري يبكي خلال زيارته لمقبرة تضم 3 من أبنائه و2 من أحفاده الذين فقدهم خلال النزاع السوري (رويترز)
TT

أعلن المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة حسن عبد العظيم أن لقاء المعارضة الداخلية مع موفد الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في دمشق أمس أثمر عن اتفاق الطرفين على «ضرورة وجود توافق دولي روسي أميركي لحل الأزمة السورية»، في وقت لفتت فيه صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى أن الجهود التي يبذلها الإبراهيمي «غير مجدية، ولن تؤتي ثمارها في حل الأزمة السورية أو إنهاء الحرب الأهلية المندلعة في البلاد».

وتزامن هذا الإعلان مع ما أكدته مصادر المعارضة السورية في الخارج لـ«الشرق الأوسط» من أن «وجهة نظرنا تجاه حل الأزمة لم تتغير، ولن تتغير»، مؤكدة إصرار المعارضة على أنه «لا تفاهمات حول الحلول قبل تنحي (الرئيس السوري بشار) الأسد». وقالت المصادر إن موقفها «واضح للغاية»، مشيرة إلى أنه يتلخص «في رحيل الأسد عن السلطة قبل الدخول في أي حوار». ولفتت إلى أن الإبراهيمي «سيحمل موقف المعارضة إلى موسكو ويبلغها إصرارنا على موقفنا الرافض لأي مرحلة انتقالية يكون الأسد وأعوانه جزءا منها».

وجاء الإعلان عن الاتفاق أمس خلال لقاء الإبراهيمي وفدا من المعارضة الداخلية ضم ستة أشخاص، وترأسه رئيس هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي حسن عبد العظيم، ويرافقه محمد أبو قاسم من حزب التضامن وبسام تقي الدين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، غداة لقاء الإبراهيمي الرئيس السوري بشار الأسد.

وتضم هيئة التنسيق أحزابا قومية عربية وأكرادا واشتراكيين وماركسيين. وهي قريبة من روسيا وترفض أي فكرة لتدخل خارجي أجنبي في سوريا. وأعلن عبد العظيم أنه «اتفق خلال لقائه المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي على ضرورة وجود توافق دولي روسي أميركي لحل الأزمة السورية»، موضحا أن «ذلك يتم عبر الحلول السياسية ونبذ العنف».

في هذا الوقت، أعلنت لجان التنسيق المحلية «رفضها لأي مبادرة تحاول وضع السوريين أمام خيارات تبتز الشعب وتخيره بين قبول تسويات جائرة أو استمرار جرائم النظام بحقه وبحق ممتلكاته وبنية دولته»، وحذرت من «منح الفرص مجددا للنظام ومنحه المزيد من الوقت للاستمرار في القتل والتدمير»، مؤكدة أن «رحيل الأسد وجميع مسؤولي نظامه العسكريين والأمنيين والسياسيين عن السلطة شرط لازم لنجاح أي مبادرة للحل».

في هذا السياق، حذر عضو الائتلاف الوطني د. أحمد رمضان من أن «الأيام والأسابيع المقبلة قد تشهد لحظات عصيبة يشتد فيها الحصار بكل أصنافه، بهدف انتزاع قرار سياسي من الثورة السورية بقبول التسوية مع نظام مجرم». ولفت في صفحته على موقع «فيس بوك» إلى أن الحصار سيتمثل في «نقص في الغوث وندرة في الذخائر وتضييق في الإمدادات وتجفيف لمنابع الدعم»، مضيفا أن «رفضنا لقبول التسوية الظالمة بعد خمسين ألف شهيد قد ندفع ثمنا له في التضييق على حركة الثوار على الأرض، ومساومتنا في الحصول على مساعدات لا نسمع عنها إلا في المؤتمرات والإعلام، وبعضها ما زال موقوفا في المصارف والحسابات ولا يجد طريقه إلى الناس».

ودعا رمضان الثوار للحفاظ على «وفرة الذخيرة والسلاح إن توفرت من غنائم حصلتم عليها في المعارك الأخيرة»، مؤكدا «حاجتنا إلى احتياطي في الذخيرة وآخر في الغذاء والوقود، حتى لا نُمكّن من يخطط لحصارنا من انتزاع قرارنا الحر والنجاح في ما يخطط له».

من جانبها، قالت سهير الأتاسي، نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض: «لا حل سياسيا مع بشار الأسد أو أي حل يكون النظام جزءا منه يضمن بقاءه في سوريا بعد أن ارتكب كل هذه الجرائم والمجازر هو ونظام أركانه بحق الشعب السوري».

وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» قالت الأتاسي: «إن الإبراهيمي التقى بالائتلاف في القاهرة قبل مغادرته إلى دمشق ولكن ليس بصفته وسيطا بين الائتلاف والنظام السوري، ولم نسمع من الإبراهيمي عن خطط واستراتيجيات يطرحها في دمشق على النظام السوري لإيجاد مخرج أو حل للأزمة».

وعما ترده الوسائل الإعلامية عن أن الإبراهيمي يقدم خطة روسية - أميركية تتضمن تشكيل حكومة انتقالية مؤلفة من وزراء يحظون بقبول طرفي الأزمة في سوريا، على أن يحتفظ الأسد بالسلطة حتى استكمال ولايته عام 2014، ولكن دون أن يحق له الترشح في الانتخابات القادمة. قالت الأتاسي: «الإبراهيمي لم يقدم للائتلاف أي أجراء أو آلية بخصوص هذه الخطة، ولا نعلم ما مدى مصداقية ودقة ما نشرته صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية. ونحن في الائتلاف واضحون. لا حل سياسيا مع بشار الأسد أو أي حل سياسي آخر يكون بشار جزءا منه، بعد أن ارتكب كل هذه الجرائم والمجازر هو ونظام أركانه بحق الشعب السوري».

وأشارت الأتاسي إلى أن «اجتماع الائتلاف مع الإبراهيمي في القاهرة كان بغرض معرفة المعارضة السورية ما مدى التطورات والمقترحات والحلول التي وصل إليها السيد الإبراهيمي في جولاته حول العواصم العالمية بشأن الأوضاع في سوريا».

وعن الحلول المقترحة من قبل الائتلاف السوري قالت الأتاسي: «ليس هدفنا هدم مؤسسات وأركان الدولة، لذلك الائتلاف مستعد للتحاور مع القائمين على مؤسسات وهيئات ومرافق الدولة السورية ممن لم تتلطخ أياديهم بدماء الشعب السوري بعد رحيل الأسد وكل أركانه، وذلك حرصا من الائتلاف وحفاظا على أركان ومؤسسات الدولة السورية من الانهيار أو حلها ولكي تبقى قائمة».

في موازاة ذلك، لفتت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في عددها الصادر أمس إلى أن الجهود التي يبذلها الإبراهيمي «غير مجدية ولن تؤتي ثمارها في حل الأزمة السورية أو إنهاء الحرب الأهلية المندلعة في البلاد»، مؤكدة أنه لم يقدم أي دلائل على إحراز أي تقدم نحو حل تفاوضي لتسوية الصراع السوري بين النظام والثوار السوريين المطالبين بالإطاحة بالرئيس «الأسد».

ولفتت الصحيفة إلى أن «الإبراهيمي» لم يحرز أي تقدم يذكر في التوسط لإنهاء الصراع منذ بدأ عمله في سبتمبر (أيلول) الماضي، عازية السبب إلى رفض كلا الجانبين بشدة إجراء أي محادثات معا، حيث تصف الحكومة الثوار السوريين بأنهم إرهابيون مدعومون من الخارج لتدمير البلاد، وتقول المعارضة إنها لن تجلس مع القوات التي قتلت أكثر من 40 ألفا من الشعب السوري.