اليابان: حكومة جديدة اليوم وسط تحديات الطاقة والاقتصاد ونزاع الجزر

مصادر يابانية لـ «الشرق الأوسط»: طلبنا ترتيب لقاء ثلاثي مع بكين وواشنطن لبحث الأمن

رئيس الوزراء الياباني الجديد آبي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
TT

وسط تحديات سياسية، يمثلها الصراع مع الصين حول جزر سينكاكو، وتحديات الطاقة والاقتصاد، من المؤمل أن يعلن رئيس الحزب الديمقراطي الحر شينزو آبي اليوم عن تشكيل الحكومة اليابانية الجديدة.

ويرث آبي، (58 عاما)، تركة ضخمة من التحديات الاقتصادية والسياسية وتحديات بدائل الطاقة، وسط الجدل الدائر حول ما إذا كانت اليابان ستستمر في توليد الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية في أعقاب كارثة مفاعل داييتشي في منطقة فوكوشيما. وفي أول تصريح له بعد فوزه، وصف آبي تجميد الحكومة اليابانية السابقة لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية بأنه «غير مسؤول»، في إشارة إلى أن اليابان قد تعود إلى بناء مفاعلات نووية جديدة. وربما تلجأ الحكومة الجديدة مجددا للطاقة النووية وسط الضغوط البيئية وارتفاع كلفة بدائل النفط والغاز رغم المعارضة الشعبية للطاقة النووية.

فعلى صعيد تحديات الاقتصاد التي تواجه رئيس الوزراء المقبل، دخلت اليابان في مرحلة ركود منذ أكثر من عام بسبب تداعيات التسونامي، وصعود الصين الاقتصادي التي تنتج صناعات رخيصة تغزو بها الأسواق العالمية، مما أدى إلى تحول ميزان الحساب الجاري الياباني الذي يقيس الصادرات والواردات إلى العجز لأول مرة، كما تراجعت مكانة الاقتصاد الياباني إلى المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والصين من حيث حجم الناتج المحلي بعد إن كانت في المرتبة الثانية. وكسب الحزب الديمقراطي الحر الانتخابات على خلفية أنه سيقوم بتحفيز الاقتصاد عبر آليتين؛ إحداهما زيادة الإنفاق في الميزانية، وثانيتهما ضخ أموال مباشرة عبر سياسة التيسير الكمي. وستسعى الحكومة الجديدة إلى خفض سعر صرف الين لزيادة تنافسية الصادرات اليابانية.

أما على صعيد السياسة، فإن صعود الصين ومخاوف اليابانيين من زعزعة الاستقرار في آسيا، خاصة ادعاء الصين بأحقية السيادة على جزر سينكاكو، وطلعاتها الجوية فوق هذه الجزيرة - يؤرق اليابانيين الذين يحبون الهدوء والسلام، والتفرغ للإنتاج الصناعي أكثر من حبهم للانشغال بالنزاعات السياسية والسيادية.

وتسعى الحكومة الجديدة إلى تهدئة الأوضاع السياسية مع الصين، وكانت مصادر سياسية أبلغت «الشرق الأوسط» أن اليابان قد طلبت عقد اجتماع ثلاثي يضم إلى جانبها كلا من أميركا والصين للترتيب الأمني في آسيا التي تعاني من عدة نزاعات حدودية. وقالت المصادر «رحبت واشنطن بالفكرة، لكن الصين لم ترد عليها حتى الآن وتنتظر طوكيو رد الصين حتى تتمكن من ترتيب هذا الاجتماع». وكانت اليابان قد طلبت من الصين أخذ نزاع جزر سينكاكو للمحاكم الدولية، ولكن يبدو أن بكين لا ترغب في ذلك. وقال السفير الياباني كاييشي هاياشي، في مقال بصحيفة الـ«فايننشيال تايمز» البريطانية، دافع فيه عن ملكية اليابان لجزر سينكاكو التي تعتبرها طوكيو جزءا من ولاية أوكاناوا الجنوبية: «اليابان تملكت الجزر سلميا وعبر مبادئ الشرعية الدولية في عام 1895». وقال: «كانت هذه الجزر وقتها غير مأهولة بالسكان وغير مملوكة لأحد، وإن الصين لم تحتج على تملك اليابان لهذه الجزر منذ ذلك الوقت وحتى عام 1971». وأضاف: «لم يأت الاحتجاج إلا بعد ثلاث سنوات من تقرير صدر عن الأمم المتحدة وأشار إلى احتمال وجود موارد نفطية فيها». وقال: السفير الياباني في المقال: «نصت اتفاقية سان فرانسيسكو للسلام التي وضعت أسس النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وفي عام 1947 وتم التصديق عليها من قبل 49 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، على تبعية هذه الجزر لليابان». وكان شراء الحكومة اليابانية لجزر سينكاكو في سبتمبر من العام الحالي أدى إلى مظاهرات عدائية ضد اليابان في أنحاء الصين وتدمير بعض شركاتها والمتاجر الصينية التي تبيع المنتجات اليابانية.

وتعتبر مصادر سياسية أن الصراع حول جزر أوكوناوا «اختبار قوة» أكثر منه صراع حدود وموارد، تهدف منه بكين إلى الحصول على اعتراف ضمني بهيمنتها على منطقة آسيا الباسفيكي. ولكن، هنالك مخاوف من أن يؤدي الصراع إلى خسائر اقتصادية للدولتين، حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري لليابان وتستفيد من التكنولوجيا اليابانية، كما ساعدت طوكيو بكين كثيرا في مناحي النمو التقني والانفتاح الاقتصادي. ويرى محللون أن تطور الصراع سيضع أميركا في محنة حقيقية لأنها لا ترغب في الدخول في نزاع مع الصين. ويجب القول إن الولايات المتحدة لديها معاهدة دفاعية وأمنية مع اليابان. وحسب تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، فإن الولايات المتحدة ملتزمة كاملا بحماية جزر سينكاكو التي تقع ضمن البند الخامس في الاتفاقية بين الولايات المتحدة واليابان. ولدى أميركا قاعدة عسكرية في جزيرة أوكوناوا وأسطول حربي، وفي حال خسارة اليابان لهذه الجزر فإن ذلك سيؤثر على الوجود الأميركي في منطقة آسيا، وبالتالي سيؤثر على الأمن الإقليمي في آسيا.