رغم الخطط.. واشنطن متشائمة حول «ما بعد» الأسد

عدم تدخلها يقلل دورها مستقبلا

TT

قالت مصادر أميركية إنه رغم خطط وضعتها المعارضة السورية لمرحلة ما بعد رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وأبلغت بها المسؤولين الأميركيين، يخاف هؤلاء المسؤولون من أن تكون المرحلة الانتقالية دموية، وربما مرحلة حرب أهلية، وحرب طائفية، وسيطرة متطرفين على الحكم، وتقسيم سوريا.

وقالت المصادر إن تردد واشنطن في مساعدة المعارضة السورية، ورفضها التدخل كما فعلت في ليبيا لإسقاط الرئيس معمر القذافي، ومنعها تسليح المعارضة، ورفضها الحديث مباشرة إلى المعارضة المسلحة، تمهد لمرحلة غامضة وخطيرة بعد رحيل الأسد.

وقال توم مالينوسكي، مدير مكتب واشنطن لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»: «لا أحد يفكر في اليوم التالي. يفكرون في اليوم، وإذا ما سيكونون أحياء غدا». وأضاف: «حتى الذين يفكرون تفكيرا علمانيا، ويعترفون أن الجهاديين يمثلون تهديدا محتملا لهم، يقولون إن الجهاديين هم الوحيدون الذين ساعدوهم، ونحن (الأميركيين) لم نساعدهم». وكان مالينوفسكي عاد في الأسبوع الماضي من مناطق يسيطر عليها المعارضون في سوريا، وقال: «ليس هناك الكثير من الوقت لتثبت الولايات المتحدة للسوريين أنها كانت معهم عندما كانوا في أمس الحاجة إليها».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» على لسان مسؤول أميركي قوله إن المسؤولين الأميركيين يعترفون بأن الوضع حرج، خاصة لأن المعارضة المسلحة زادت سيطرتهما على الأراضي السورية، وسط تصاعد قتل المدنيين، والحاجة إلى مساعدات إنسانية. وقال المسؤول: «لكن توجد مسائل قانونية» تحول دون الانتقال من المعونة الإنسانية إلى خطوات أكثر فعالية لإسقاط نظام الأسد.

وأضاف المسؤول أن توفير المساعدات للمعارضة المسلحة في الجوانب التنظيمية والتدريب، مثل التي توفر للمعارضة السياسية خارج سوريا، يعتبر غير قانوني، مثلما يعتبر تسليح المعارضة غير قانوني. وأن الحكومة الأميركية، من دون تفويض دولي من الأمم المتحدة، أو موافقة من الكونغرس، لا تقدر قانونيا على تقديم أي نوع من أنواع المساعدات للمعارضة المسلحة.

وقال المسؤول إنه رغم أن الحكومة الأميركية تكرر أن الأسد لا بد أن يرحل، فإن نطاق العمل بالنسبة لها يقتصر على حقيقة أن الولايات المتحدة ليست في حرب مع سوريا، ولا تقدر على التدخل بحجة الدفاع عن النفس.

وكان معهد السلام في واشنطن، الذي ينفق عليه الكونغرس، نظم لقاءات ومؤتمرات اشترك فيها سوريون خارج الولايات المتحدة لمناقشة سيناريو «اليوم التالي»، عن ما بعد رحيل الأسد. وناقشوا التحديات وقدموا توصيات حول تحقيق الحرية والعدالة والمرحلة الانتقالية، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وإعادة بناء سوريا وتحسين الاقتصاد السوري.

وقال ستيفن هيديمان، خبير في معهد السلام ومسؤول عن هذه الاتصالات مع السوريين، إن الهدف هو تحاشي تجربة العراق ومصر، حيث سادت كل دولة توترات بسبب اختلافات عميقة حول المرحلة الانتقالية. وإن الهدف هو السير على خطى تونس وجنوب أفريقيا، حيث كانت المرحلة الانتقالية هادئة نسبيا.

وأضاف هيديمان: «في كل قرية، وكل مدينة، لا بد من وضع خطط للتعامل مع الذين أيدوا النظام، والذين ارتكبوا جرائم. نحن لا يمكننا أن نقول للسوريين في كل من تلك المواقع ما يجب أن يفعلوا. فقط نحن نقدر على تقديم مجموعة من المبادئ.. هذا ما تقول الأمم المتحدة، وهذا ما فعلت جنوب أفريقيا، وآخرون».

وحسب خطة دائمة وضعتها الأمم المتحدة، لا بد من وضع نظام لمعاينة الموظفين الحكوميين، وتحديد الذين سيبقون في المرحلة الانتقالية للمحافظة على أداء الحكومة. وأيضا، تنسيق الاتصالات مع المعارضة، وخاصة المسلحة. وقال هيديمان إن هذه لن تكون عملية سهلة، لأن هناك نحو 300 مجموعة معارضة. ولكل مجموعة قوائم الموظفين الحكوميين الذين ترضى، أو لا ترضى، عنهم.

وقال إن معهد السلام يعتمد أكثر على ائتلاف المعارضة السورية، الذي وضع خططا سياسية وقانونية واقتصادية. لكن رغم ذلك، فإنه لا يتوقع معهد السلام وغيره أن المرحلة الانتقالية ستكون سلمية.

وقال: «إذا كان يمكننا التكهن بأن النظام سينهار قريبا، فعلينا أن نتوقع فترة مكثفة من المنافسات السياسية، خاصة وسط الجهات الفعالة على الأرض (المسلحين) التي أسست مصداقية». وتتفوق على أي شخص، أو أي شيء، سيأتي من الخارج. وقال: «في كثير من الحالات، سيفرض القادة العسكريون سلطتهم، مؤقتا على الأقل».

وأضاف هيديمان: «في نهاية المطاف، أعتقد أن هذا العمل (الذي يقوم به معهد السلام) يجب أن يفهم كمحاولة لتجنب أسوأ السيناريوهات، لا كمحاولة لتطوير هياكل مثالية تسمح لسوريا بمرحلة انتقالية سريعة وسلسة نحو ديمقراطية برلمانية شعبية. لا أعتقد أن أي شخص يتوقع هذا».