إسرائيل تحذر من فرض أوروبا تسوية ترسخ الدولة الفلسطينية بديلا للمفاوضات

مسؤول في بروكسل: لم يعد مقبولا تركهما يتفاوضان بينما نوافق على ما كل ما يفعلانه

TT

حذرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، من عواقب توجه الاتحاد الأوروبي إلى فرض تسوية سياسية، على إسرائيل والفلسطينيين العام المقبل، عبر دعم وترسيخ إقامة دولة فلسطينية بغض النظر عن سير العملية التفاوضية.

وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، إن تقريرا داخليا للخارجية، أخذ في التبلور بعد التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، ويرصد سلسلة من ردود فعل ومواقف الدول الأوروبية المتلاحقة في ما يخص الدولة والمفاوضات والاستيطان، يحذر من أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على دفع فكرة قيام دولة فلسطينية في 2013 في حال ظل الموقف الإسرائيلي على حاله.

وتجري الخارجية في هذه الأيام تقييما للموقف، بعد مداولات طويلة اشتركت فيها مختلف الأقسام، ويفترض أن تنتهي خلال أسبوع، بهدف عرضه فورا على الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد الانتخابات المقبلة المقررة في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل. ويتضمن التقرير توصيات بشأن السياسة الواجب اتباعها في مسألة المسيرة السلمية، والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والإدارة الأميركية ومع تركيا والعالم العربي بعد التغييرات. كما سيشير إلى تراجع مكانة إسرائيل.

وثمة فهم داخل أروقة صنع القرار في إسرائيل ولدى المستوى المتخصص في وزارة الخارجية، أن ضررا كبيرا لحق بمكانة إسرائيل الدولية في السنوات الـ4 الأخيرة، أي خلال حقبة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، خاصة لدى دول الاتحاد الأوروبي، على خلفية جمود المفاوضات مع الفلسطينيين، والإصرار على مواصلة وتكثيف البناء الاستيطاني في القدس (الشرقية) والضفة الغربية. وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية: «الحكومة الجديدة التي ستشكل في إسرائيل ستضطر في العام المقبل إلى مواجهة ضغوط كبيرة وثقيلة من قبل الاتحاد الأوروبي للتقدم في الملف الفلسطيني».

ويتركز القلق، بحسب التقرير، في أن الاتحاد الأوروبي أصبح غير مقتنع بقدرة المفاوضات على خلق حل سياسي للصراع. وقبل أسبوع، أي قبل بدء اجتماعات تقييم الوضع، تم تعميم تقرير داخلي لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يرصد سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل، وصفته «هآرتس»، بأنه بمثابة «إطلاق صافرة إنذار» رغم صياغته بلغة دبلوماسية. وقالت فقرة في التقرير: «إن أوروبا تتطلع بشكل مختلف عن الماضي، وبصورة أكبر، إلى إقامة دولة فلسطينية كبديل للمسيرة السلمية، حتى من دون التنسيق بين المسارات المختلفة».

وركز التعميم على شطب الاتحاد الأوروبي من بياناته الأخيرة عبارة كانت دائما حاضرة، وهي «إن الطريق الأفضل للوصول إلى حل في المنطقة يكمن في مفاوضات مباشرة». وقال مسؤول أوروبي للصحيفة: «نعتقد الآن أنه يجب البحث عن أسلوب جديد للعملية السلمية. نريد الخروج بصيغ دولية أخرى في 2013. ولن نوافق بعد الآن على أن يجلس الجانبان في غرفة مغلقة، بينما نحن نوافق على كل ما يفعلانه».

وبحسب «هآرتس»، فإن من يقود هذا التوجه داخل الاتحاد هما وزيرا الخارجية، البريطاني ويليام هيغ، والفرنسي لوران فابيوس. وقالت «هآرتس» إن هيغ وفابيوس، ضاقا ذرعا من استدراج الفلسطينيين للمفاوضات، بينما يغليان من المستوطنات، ومحبطان من تشاؤم الأميركيين أنفسهم من العملية السياسية، في حين يتبنيان الموقف القائل بأن إقامة دولة فلسطينية يشكل أفضل ضمانة لأمن إسرائيل ويحافظ على طابعها الديمقراطي، ناهيك بأن استمرار الوضع على ما هو عليه أصبح يهدد المصالح الحيوية لدول الاتحاد الأوروبي في المنطقة من وجهة نظرهما.

ورغم ذلك، أي الاتفاق داخل الاتحاد على ضرورة حل الصراع، تقول «هآرتس» إن الخلافات بين دول الاتحاد الـ27 مستمرة بشأن شكل وطبيعة الجهود التي يجب أن تبذل. كما تعتقد الخارجية الإسرائيلية، أن الاتحاد الأوروبي لن يذهب بعيدا في اتخاذ خطوات حادة تجاه إسرائيل.

واختلفت إسرائيل مرارا مع الاتحاد الأوروبي بشأن الموقف من الدولة الفلسطينية (المراقب) والمستوطنات في القدس والضفة، والعملية السياسية، وأراضي المنطقة «ج»، التي تسيطر عليها إسرائيل سياسيا وإداريا، وتبادل الطرفان اتهامات غير مسبوقة، غير أن مواقف أوروبية أخرى كانت محط ترحيب في إسرائيل، ومن بينها عدم اتخاذ أي طرف خطوات أحادية وإدانة الإرهاب ومنع تهريب سلاح إلى حماس في غزة.

وبينما تستعد إسرائيل لمواجهة ضغوط سياسية العام المقبل، فإنها بدأت حربا استباقية لإحباط محاولات الفلسطينيين الانضمام إلى 4 منظمات دولية بعد الحصول على عضوية الدولة المراقب. وقالت صحيفة «معاريف» إن الخارجية الإسرائيلية تبذل قصارى جهدها لمنع الفلسطينيين من الانضمام إلى 4 منظمات دولية أخرى، وهي المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، ومنظمة البيئة الدولية (يونيب)، ومنظمة البريد الدولي (يبو)، ومنظمة الصحة العالمية (هو).

وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، تعليمات لسفرائها من أجل البقاء على اتصال دائم مع إدارات تلك المنظمات، ووضع عراقيل لإفشال انضمام فلسطين لها، كما قررت إيفاد وفد لواشنطن لتنسيق الموقف في هذا الشأن مع الإدارة الأميركية، إذ يمنع قرار للكونغرس المعونات المالية عن أي منظمة دولية تقبل منظمة التحرير عضوا لديها، وتريد إسرائيل ضمان منع تعديل القانون الأميركي.