المتحدث الرسمي باسم منبر الإصلاح في حزب المؤتمر الوطني بالسودان: عند مخاطبة الشباب لا يجدي سيف المعز وذهبه

عبد الغني إدريس لـ «الشرق الأوسط» : هناك أزمة ثقة بين الحزب الحاكم والمكونات الوطنية الأخرى

TT

أكد عبد الغني أحمد إدريس، المتحدث الرسمي باسم منبر الإصلاح في حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يتزعمه الرئيس السوداني عمر البشير، أن الحراك الإصلاحي يقوم عليه الجيل الجديد في الحزب، وفق رؤية جديدة، بما يقود إلى تغيير القيادة الحالية، مشيرا إلى أن هناك متنفذين داخل حزبه يعتبرون الحديث عن الديمقراطية «كفرا».

وقال إدريس لـ«الشرق الأوسط» إن الذين يقودون الحزب عليهم المغادرة حتى يتحقق التحول الديمقراطي في السودان وليس إشاعة التوتر والعنف اللفظي والترهيب. وأضاف أن المنبر الذي تشكل قبل عام بعد تقديم مذكرة وقع عليها أكثر من ألف شاب وشابة من عضوية الحزب نادوا بالإصلاح ولا يسعون إلى قيادة انشقاق.

وقال إدريس «الدعوة للإصلاح في المؤتمر الوطني قديمة وليست جديدة، لكن يمكن أن تسميها فسطاطا أو (خيمة) يجتمع تحت مظلتها الإصلاحيون، خاصة أن هناك مجموعات وتيارات إصلاحية أخرى مقدرة ولها وزنها داخل الحزب، ولا ندعي احتكار التحدث باسم الإصلاح. والاتجاه الإصلاحي داخل الحركة الإسلامية قديم، ولم تتبلور دعوة إصلاحية ذات خصائص جيلية مثل التي تحدث الآن، ونحن نطالب بأن يخرج الجيل الجديد لتجديد ثورة الحياة في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وأن يصعد جيل جديد لتولي دفة الأمور برؤية جديدة، وإعادة الحياة السياسية إلى طبيعتها في تحقيق التحول الديمقراطي بتوافق جميع مكونات الشعب السوداني».

وأضاف «الحراك الإصلاحي يقوم على الجيل الجديد وهو يتصدره، وكل من يؤمن بالأفكار الإصلاحية ويساعد في مسيرتها ويدفع بهذه الرؤية إلى الأمام فإننا نرحب به. ونحن تحدثنا عن رؤية الإصلاح بصعود جيل جديد برؤية جديدة ووجوده جديدة، وهذا يعني تغيير القيادة وتصعيد الجيل الجديد، ومن هذا المنطلق لا نجد حرجا في القول بأن الجالسين الآن في كابينة القيادة عليهم المغادرة، وهذه المسألة متفق عليها بين الإصلاحيين، ومن الضروري أن نتذكر حديث الدكتور قطبي المهدي في حوار مع (الشرق الأوسط) بأن البشير إذا غادر فعلى الآخرين أن يغادروا معه. والتحدي الحقيقي في توليف رؤية جديدة وأفكار جديدة ومخاطبة الجيل الجديد بما يوحد أهل السودان، وتقديم توافق وطني يقود البلاد إلى تحول ديمقراطي، وليس بإشاعة التوتر بالعنف اللفظي والترهيب. إن السياسة بطريقة (سيف المعز وذهبه) على غرار فترة خمسينات وستينات القرن الماضي قد عفى عليها الزمان».

وأوضح إدريس أن «أزمة بناء الثقة موجودة على المستوى الوطني بصفة عامة وبين جميع المكونات الوطنية، وهذا تحد كبير أمام القوى السياسية جميعها، أما في ما يختص المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية فنحن نؤمن بأن تجربتنا الماضية كان فيها الكثير من الإيجابي والملهم في الساحة الوطنية العامة، وإذا حدث تجديد في الرؤية والقيادة فيمكن للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية أن يعيدا كتابة تاريخ جديد للبناء الوطني».

وقال إن «تجربة الترابي قبل وبعد الانشقاق ألهمت الكثيرين من الجيل الجديد، وكانت فيها الكثير من العظات والعبر، وواحدة من تلك العظات إصرارنا وتمسكنا بالعمل داخل أسوار الحزب وعدم الخروج منه. قد يبدو ذلك الطريق بعيدا وشاقا وربما مكلفا، لكنه آمن في المسير وفي وحدة الصف والتي ندعو لها ليس داخل الحزب وحده فقط، ولكن على نطاق الوطن الواسع». وتابع «الانتماء لحزب سياسي ليس تعيينا في وظيفة أو هو فك تسجيلات لاعبين كرة قدم، مثلا أنت لديك جذور راسخة كتبتها في تاريخ البناء الوطني لا يمكن شطبها بجرة قلم أو بقرار فوقي. الآن الحراك ينتظم جيلا كاملا، ومن يعترض هذا الحراك سيقود إلى شلل جيلي في الحزب، وهذا ضد مسيرة التطور الطبيعي في الحياة، كيف لحزب أو قوى سياسية تدعي أنها تتحدث عن المستقبل أو تسهم في تشكيل الواقع السياسي أن تنفصل عن أجيال المستقبل (الشباب)؟! لقد انتهى دور الكتل الصماء في دوائر النفوذ، وترابط المكونات البشرية داخل الحزب يكون بالفكر والحوار البناء، وجل هؤلاء الشباب خاضوا نار القتال وتجردوا من لعاعة الدنيا. والحراك الإصلاحي اتخذ سمت جيل، وهناك تيارات إصلاحية كثيرة، إذن صوت الإصلاح هو الأعلى، و(سائحون) مجموعة طيبة فيها عناصر شبابية جيدة وجلهم متجردون في الدعوة للإصلاح».

وأشار إلى أن «المؤتمر الوطني لديه إسهامات واضحة في الساحة الوطنية في ربع القرن الماضي، أصاب في أحيان كثيرة وأخفق في أخرى، وبالقدر ذاته كان للآخرين دور سلبا وإيجابا في ما سار عليه حال الوطن، لكن حتى نستطيع نعيد فرز الكيان في جو صحي معافى فلا بد من البعد عن لغة التخوين والاتهامات والمهاترة، بل التطلع إلى أفق جديد بعيدا عن التوتر، وذلك لا يحدث إلا في مناخ تحول ديمقراطي حقيقي يصاحبه توافق وطني بين مكونات البلاد السياسية (على الأقل) ثم بعد ذلك يمكن للشعب السوداني أن يحدد من أسهم بماذا».

أما عن علاقة المنبر بالمحاولات الانقلابية التي تحدث عنها النظام، فقال «نحن نتحفظ على هذه التسمية، ومن أين هي جاءت.. الحكومة نفسها قالت في بادئ الأمر إنها محاولة تخريبية واغتيالات، ثم بعد يومين عادت وقالت إنها ثورة تصحيحية، وإن بيانها الأول كان باسم حركة نوفمبر التصحيحية. نحن لا نستطيع أن نقبل هذه الأشياء المتناقضة والمتنافرة، كل الذي يمكن أن نقوله إن هناك تيارات إصلاحية داخل المؤسسة العسكرية وهي معنية بما يحدث خارجها وما وصل إليه حال البلاد من ترد وضعف في كل مناحي الحياة، بل ظلت القوات المسلحة تتحمل أوزار وأخطاء السياسة بطريقة قاتلة وبالأخص في العقود الثلاثة الأخيرة.. وإن القوات المسلحة مكون أصيل في الساحة الوطنية، ومنسوبيها بأكملهم مختلطين مع عامة الشعب، ولذلك هم يتأثرون ويؤثرون في الحياة العامة والجو الوطني العام سلبا أو إيجابا. الأمر الآخر الذي لا يخفى على أحد أن القوات المسلحة لديها انطباع سالب جدا على انفصال الجنوب والطريقة التي تم بها، بعد كل شلالات الدماء التي سكبتها في ذلك الجزء من الوطن، وأيضا تداعيات الانفصال وبدء الحرب في الأطراف وعدم تسوية الملفات العالقة، وكل هذه الأشياء من أخطاء السياسة».

وقال إن «الهدف المنشود والمتفق عليه بين كل مكونات الساحة الوطنية إلا من أبى هو إعادة الحياة السياسية إلى وضعها الطبيعي بإقرار تحول ديمقراطي، وإذا أراد البعض أن يسميها إسقاطا للنظام أو إصلاحا أو تصحيح مسار فإنها تبقى مجرد توصيفات، غير أن جوهر الغاية المبتغاة هو الوصول إلى تحول ديمقراطي، وأن تصبح مؤسسات الدولة محايدة لا تتبع أي عرق أو جهة».