صباحي: مرسي و«الإخوان» يسيران على نهج مبارك اقتصاديا واجتماعيا

تحول من معركته ضد الإسلاميين إلى معركة ضد السوق الحرة

TT

كان حمدين صباحي أشهر قادة المعارضة المشاركين في المعركة ضد الدستور الجديد المدعوم من الإسلاميين في مصر. والآن، يستعد صباحي لخوض معركته التالية ضد خطط القادة الإسلاميين لتبني إصلاحات تدخل في إطار نظام السوق الحرة غربي الطراز.

وقال صباحي إنه قد حذر الرئيس المصري محمد مرسي، المنتمي لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، من الاستماع لمؤيديه من داخل الجماعة، في اجتماع مغلق معه قبل بضعة أسابيع. وقال صباحي: «إن السياسة الاقتصادية والاجتماعية لجماعة الإخوان المسلمين مماثلة لسياسة مبارك، ألا وهي قانون الأسواق». إنك ستجعل الفقراء أشد فقرا وسوف يثورون ضدك مثلما ثاروا على مبارك، هذا هو ما أشار صباحي إلى أنه قد أخبر به مرسي.

يخيف صباحي، 58 عاما، اليساري الذي يسير على نهج رئيس مصري سابق هو الرئيس جمال عبد الناصر، معظم رجال الاقتصاد. فهو معارض صريح للخطوات الاقتصادية باتجاه سوق حرة بشكل عام، إضافة إلى معارضته لقرض قيمته 4.8 مليار دولار من المفترض أن يمنحه صندوق النقد الدولي لمصر والذي يقول اقتصاديون إن مصر في أمس الحاجة إليه لتجنب انهيار كارثي للعملة.

ولكن على نحو يثير ذعر بعض الدبلوماسيين الغربيين، يظهر صباحي على الساحة السياسية المصرية كصوت معارض بارز، ويرجع هذا جزئيا إلى المعركة حامية الوطيس من جانب الإسلاميين للتصديق على مسودة الدستور. ويتوقع الطرفان الآن أن تحصد المعارضة المناوئة للإسلاميين مكاسب ضخمة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر عقدها خلال شهرين، على خلفية الجدال الدائر حول قرض صندوق النقد الدولي.

ومن بين رموز المعارضة في مصر، يملك صباحي أكبر قاعدة دعم في الشوارع. فبعد خوضه سباق الانتخابات الرئاسية كحصان أسود في الربيع، خسر السباق بفارق أقل من مليون صوت، ليخرج من الجولة شبه متعادل مع مرسي.

الآن، يمثل الإصلاح الاقتصادي اختبارا حاسما للنظام الديمقراطي الهش. ومن دون ثقة كافية في الحكومة، ربما تثير التغييرات في أنظمة الضرائب أو المساعدات المطلوبة لتقليل العجز المالي حالة جديدة من الاضطراب في الشوارع، مثلما فعلت تلك الخطوات في السابق. لكن، على حد قول صباحي، إذا كان مرسي يتوقع أن يخففوا من حدة انتقاداتهم له، فعليه أن يفكر مجددا. «لماذا ندعمه؟ ولأجل ماذا؟»، هكذا جاءت عبارات صباحي في مقابلة في مكتب مخرج سينمائي مصري، مزين بصور للرئيس جمال عبد الناصر وللمناضل الشهير جيفارا. وأضاف صباحي: «هل هو حاكم ديمقراطي، هل هو ثوري؟ هل هو نموذج الرئيس كي أرغب في أن ينجح؟».

كان صباحي، 58 عاما، الذي يشتهر بنظم الشعر والاستشهاد بمقاطع من الأدب العربي وبشعره المنمق، واحدا من الساسة القلائل غير المنتمين للتيار الإسلامي الذين تحملوا السجن جنبا إلى جنب مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الصراع ضد الحكم الاستبدادي في مصر، مما أعطاه مصداقية بين القياديين العلمانيين.

لكن بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية هذا العام، رفض صباحي دعم مرسي أو منافسه أحمد شفيق، رئيس الوزراء السابق في عهد مبارك. فقد كان هذا بمثابة اختيار بين «الاستبداد باسم الدولة» و«الاستبداد باسم الدين»، على حد وصف صباحي في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في ذلك الوقت.

وأشار صباحي إلى أنه على الرغم من فوز مرسي في الانتخابات التي أجريت من خلال عملية ديمقراطية، فقد فشل في أن يدير البلاد كحاكم ديمقراطي. وقال صباحي إن مرسي يطيح بالشرعية التي صعد بها إلى سدة الحكم، مشددا على أن الإعلان الدستوري الذي أصدره والذي يحصن قراراته من الطعن عليها أمام القضاء، حتى لو كان ساريا لمدة شهر واحد فقط، قد أفقده شرعيته كحاكم ديمقراطي.

لقد تسبب الشقاق الناتج بين الإسلاميين ومعارضيهم في تأجيل قرض صندوق النقد الدولي، كما أسهم في جعل مصر على شفا انهيار اقتصادي. أشارت وسائل الإعلام الحكومية يوم الثلاثاء إلى «حمى دولرة» تجتاح مصر، في ظل إسراع الكثيرين لبيع جنيهات مصرية. وصل الجنيه المصري إلى أدنى مستوى له خلال الثمانية الأشهر الماضية. منذ خلع مبارك، هبطت قيمة احتياطي العملة الصعبة في مصر إلى 15 مليار دولار، بدلا من 43 مليار دولار، في ظل سعي الحكومة لدعم الجنيه، ويرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة بحاجة ماسة الآن إلى تدفق نقدي تبلغ قيمته نحو 14 مليار دولار كي يبقى الاقتصاد عائما. من المتوقع أن يعمل قرض صندوق النقد الدولي كدافع قوي لموافقة أطراف أخرى على منحها قروض، بعد أن خلص صندوق النقد الدولي إلى أن مصر في طريقها على الأقل نحو توازن أكبر.

وقالت هبة هندوسة من «منتدى البحوث الاقتصادية»: إذا لم يأت هذا القرض قريبا، «سيكون الخطر كارثيا. لا يمكننا تحمل الانتظار».

هناك وجوه معارضة أخرى تربطها علاقات أكثر ودا بالغرب، مثل محمد البرادعي، الدبلوماسي السابق بالأمم المتحدة، وعمرو موسى، هو وزير خارجية سابق. لكن لا يحظى أي منهما بالقاعدة الشعبية التي يملكها صباحي، وهو يتحدث باسم قطاع من الشعب تحدوه شكوك هائلة في الأسواق الحرة، وعلى وجه الخصوص صندوق النقد الدولي.

يصر صباحي على أن قرض صندوق النقد الدولي لن يكون ضروريا إذا ما اتبعت نصائحه الجذرية للبعد عن النهج الاقتصادي الغربي. وإضافة إلى زيادة الضرائب السنوية المفروضة على الأثرياء، يطالب صباحي بأن تواجه مصر العجز في ميزانيتها بفرض ضريبة نسبتها 20 في المائة مرة واحدة على أي مواطن يزيد حجم ثروته على 17 مليون دولار، وهي فئة الأثرياء التي يقول إنها تمثل نحو واحد في المائة من المصريين.

ويطالب بحظر جميع صادرات المواد الخام، من بينها الغاز الطبيعي والقطن، بحيث يمكن استغلالها في الإنتاج المحلي.

ويقترح زيادة الرسوم المفروضة على الشركات التي تستخدم الموارد الطبيعية وأيضا على قطاع العقارات وتعاملات البورصة. في الوقت نفسه، يرغب في توسيع نطاق القطاع العام المتخم بالأساس لتوفير المزيد من الوظائف للفقراء.

* «نيويورك تايمز»