توتر تركي ـ إيراني.. وأنقرة «ممتعضة» من تصريحات إيرانية تتهمها بحماية إسرائيل

مصادر تركية لـ «الشرق الأوسط»: جرحى «الكردستاني» يتلقون العلاج في إيران.. ومعلومات عن معسكرات لهم عند الحدود

TT

تصاعد التوتر في العلاقات الإيرانية – التركية على خلفية التباين في مواقف البلدين من الأزمة السورية، والاتهامات المتبادلة بين الطرفين بالضلوع في دعم أطراف الأزمة في سوريا، بينما بلغ الاستياء التركي حدا كبيرا من «معلومات» عن دعم إيراني لتنظيم «العمال الكردستاني» المحظور في تركيا الذي يقاتل الجيش التركي منذ الثمانينات.

وقال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «مستاءة جدا من قيام بعض الدول بمحاولة استعمال الملف الكردي من أجل مواجهة تركيا ومعاقبتها على وقوفها إلى جانب التطلعات المشروعة للشعب السوري». وأشار المصدر إلى «معلومات خطيرة» وصلت إلى القيادة السياسية التركية من «مصادر موثوقة» عن وجود معسكرات تدريب للتنظيم الكردي في الأراضي الإيرانية، مشيرا إلى أن بعض جرحى المواجهات مع الجيش التركي يتلقون العلاج في الأراضي الإيرانية، وهذا أمر يظهر تطورا خطيرا في الموقف. وأشار المصدر إلى أن المعلومات تتحدث عن وجود تنسيق عال بين هذه الأطراف، وهذا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية التركية ولا يمكن السكوت عليه، مشيرا إلى أنه ليس من قبيل الصدفة اشتعال المناطق المحاذية للحدود مع إيران بعد اندلاع الثورة السورية. وقال المصدر إن الجانب السوري بدوره يسعى إلى استغلال هذا العامل عبر تشجيع المنظمات الانفصالية على استخدام أراضيه، وهذا أمر لا يمكن السكون طويلا عليه، مذكرا بأن «البرلمان التركي فوض الجيش بالقيام بما يلزم في سوريا من أجل الدفاع عن تركيا من أي نيات عدوانية للمنظمات الإرهابية».

وقد أرخت هذه «التوترات الإقليمية» بثقلها على الزيارة التي قام بها الناطق بلسان الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست إلى تركيا أمس، إذ أكدت مصادر تركية أن أنقرة أبلغته استياء شديدا من تصريحات أدلى بها رئيس الأركان الإيراني حول نشر منظومة «باتريوت» المضادة للصواريخ في الأراضي التركية. وصرح مسؤول تركي لصحيفة «توداي زمان» التركية بأن الغرض الوحيد لنشر منظومة «باتريوت» هو الدفاع عن حدود تركيا، مشددا على أن «تركيا ليس لديها نيات عدوانية تجاه سوريا أو أي دولة أخرى». وأضاف أن المسؤولين الأتراك أعربوا خلال اجتماع مع مهمانبراست عن استيائهم إزاء موقف إيران بشأن نشر المنظومة المضادة للصواريخ.

وكان رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال حسن فيروزي آبادي قد صرح بأن نشر منظومة «باتريوت» يهدف إلى حماية إسرائيل من الهجمات الصاروخية الإيرانية وعرقلة قيام روسيا بالدفاع عسكريا عن سوريا. ورأى أن الدول الغربية تمهد لحرب عالمية عندما وافقت على نشر المنظومة على طول الحدود التركية - السورية.

وشدد الناطق الرسمي باسم الداخلية الإيرانية رامين مهمانبراست على ضرورة أن تكون الانتخابات هي الحل الأمثل لحل المشاكل التي تعانيها بعض دول المنطقة مثل سوريا والبحرين وإيران. وأكد في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الصحافي الذي عقده في الجمعية الصحافية في تركيا، ضرورة أن «تكون تلك الانتخابات حرة ونزيهة، وتجري تحت رقابة دولية، يختار الناس على أساسها مستقبل بلادهم، وأن يحترم الجميع نتائجها»، ودعا إلى ضرورة «منع أي أطراف خارجية تريد الزج بنفسها في المسائل الداخلية لتلك الشعوب».

وأكد ضرورة أن يكون التعاون المختلف بين دول المنطقة قائما على أرضية صلبة آمنة تدفع بتلك العلاقات إلى الأمام، موضحا أنه يتعين على كل من تركيا وإيران أن تبذلا كل ما في وسعهما لمساعدة دول المنطقة على حل مشاكلها وأزماتها التي تعانيها، وذلك من خلال تعاون بناء يسفر عن إيجاد الحلول لكل الأزمات.

وعلى صعيد العلاقات التركية - الإيرانية، أشار مهمانبراست إلى أن «بعض الدول في المنطقة قد لا تكون سعيدة من الصداقة بين تركيا وإيران»، مشيرا إلى أن «إسرائيل والدول التي تحبها وتدعمها لا يريدون استقرارا في المنطقة، لأن الاستقرار لا يخدم مصالحهم التي تتجلى في الفوضى التي يحرصون دائما على إثارتها». ولفت إلى أن تركيا وإيران عليهما أن تتعاونا معا في سبيل مكافحة المنظمات الإرهابية، وذلك من منطلق أنهما دولتان جارتان وصديقتان، تزداد بينهما العلاقات بشكل كبير، ولا سيما العلاقات التجارية.

إلى ذلك، ناقش مجلس الأمن التركي أمس الوضع في سوريا إضافة إلى القضايا الداخلية مثل الإرهاب والتدابير اللازم اتخاذها لمكافحته. وذكرت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء أن المجلس انعقد، أمس، في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، برئاسة رئيس البلاد عبد الله غل على مدار أربع ساعات بحضور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ونوابه، وعدد من الوزراء الأعضاء في المجلس. وبحث المشاركون في الاجتماع أحدث المستجدات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعربوا عن «قلقهم الشديد» جراء استمرار العنف والاشتباكات في سوريا. وأكدوا على «ضرورة استمرار المساعي التي تبذلها تركيا والمجتمع الدولي بغية إيجاد حل سلمي للأزمة السورية من شأنه وقف آلة القتل والدمار التي تحصد أرواح السوريين الأبرياء». وتناول المشاركون في الاجتماع أبعاد الوضع الإنساني السوري في فصل الشتاء وبحث الجهود التي تبذلها الحكومة التركية من أجل تلبية احتياجات نحو 150 ألف لاجئ سوري تستضيفهم تركيا على أراضيها.