مصادر المعارضة: اللواء الشلال عبر الحدود التركية بدراجة نارية

جدل حول حجم صلاحيات أرفع المنشقين العسكريين عن الأسد

اللواء عبد العزيز جاسم الشلال
TT

واجهت الحكومة السورية من جديد أزمة مثيرة للحرج؛ عندما تحول اللواء المسؤول عن منع الانشقاقات داخل المؤسسة العسكرية إلى منشق أيضا، والقيام بما وصفه الثوار يوم الأربعاء بمحاولة هروب جريئة عبر طرق فرعية باستخدام دراجة نارية وعبور الحدود إلى تركيا.

كان المنشق هو اللواء عبد العزيز جاسم الشلال قائد الشرطة العسكرية، أحد أرفع الضباط في الجيش السوري، والذي تخلي عن الرئيس بشار الأسد بعد ما يقرب من عامين من بداية الثورة ضده.

جاء خبر انشقاق الشلال، في وقت ينبئ فيه النشاط الدبلوماسي المكثف عن إمكانية التحرك باتجاه التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية. وكان نائب وزير الخارجية السوري قد زار موسكو لعقد اجتماعات مع مسؤولي الكرملين، وكان المبعوث الدولي الذي التقى الأسد في دمشق بداية الأسبوع الجاري يخطط هذا الأسبوع لزيارة موسكو. وقد أشارت روسيا، أحد أقوى المدافعين عن الأسد، في الأسابيع الأخيرة إلى أنها منفتحة إلى انتقال متفاوض عليه يسهل تنحيه عن السلطة.

وقال رموز المعارضة إن هروب الجنرال الشلال استغرق أسابيع من الإعداد وانتهى بأربع ساعات من ركوب دراجة نارية إلى الحدود التركية، والقيادة عبر الغابات والطرق الطينية. وفي فيديو بثته قناة «العربية» قال اللواء إنه قام بهذه الخطوة «لأن الجيش السوري انحرف عن مهمته في حماية البلاد وتحول إلى عصابة تقتل وتدمر». وقال الجنرال: «فقد جيش النظام السيطرة على غالبية البلاد».

استقبل مقاتلو المعارضة نبأ انشقاق الجنرال بأنه أكثر من مجرد ضربة رمزية للحكومة؛ كون منصب الجنرال يجعله مسؤولا بصورة رئيسية عن تطبيق عملية القمع التي يمارسها الأسد بحق المعارضين وضمان ولاء القوات المسلحة.. وكقائد للشرطة العسكرية، كان اللواء الشلال مسؤولا عن القسم الذي كان أنيط به وقف الانشقاقات. وترأس أيضا قوة قامت بحماية السجون التي يعتقل فيها المعارضون المدنيون.

ويقول الرائد إبراهيم مطاوع، الذي فر من الجيش السوري قبل عام، إن الانشقاق يعد الملاذ الأخير للمسؤولين ذوي الرتب الكبيرة من أمثال الشلال، وقال: «إنهم يفكرون في ذلك فقط عندما يبدأ الخوف والخطر في تهديدهم بشكل مباشر، وعندما لا يتمكن النظام من حمايته».

لم يكن الجنرال الشلال أحد أفراد الحلقة الداخلية للأسد.. ويرى محللون أن الانشقاقات التي قام بها مسؤولون آخرون ممن يحتلون مناصب رفيعة، من بينهم رئيس وزراء وعميد بارز ومتحدث شهير باسم الحكومة، لم يكن لها تأثير واضح على قبضة نظام الأسد في الحكم. وما أثار الجدل بشكل أكبر كان فشل المعارضة في جذب أي من الضباط البارزين - أو ضباط الصف - الذين ينتمون إلى الأقلية العلوية، أو تهدئة مخاوف العلويين من أن الثورة التي يقودها السنة تهدد وجودهم.

لكن انشقاق اللواء الذي أدان القوات المسلحة علنا يتوقع أن يقوض محاولات الأسد الحفاظ على معنويات قواته.

وقال لؤي مقداد، المنسق الإعلامي والسياسي للجيش السوري الحر، المؤسسة التي تجمع مجموعة قتال الثوار، إن مفاوضات انشقاق الشلال بدأت قبل أسابيع، بعد أن تواصل معارفه مع قادة المعارضة. وأشار مقداد إلى أن اللواء حاول الانشقاق عدة مرات من قبل، لكن المحاولات أجهضت لما وصفه بـ«أسباب تقنية»، دون تقديم أي تفاصيل إضافية.

وقد أدلى قادة الثوار بروايات مختلفة حول السلطة التي كان الجنرال يتمتع بها في سوريا. وقال أحد القادة إنه كان عضوا في «خلية الأزمة» لقادة الجيش، التي تتألف من مسؤولي الأمن والاستخبارات الذين ينسقون خطة الحكومة في الحرب. فيما قال الملازم عدنان دايوب، قائد الثوار في حماه، إن الجنرال الشلال كان مسؤولا عن السجون.. وقال: «الله وحده يعلم عددها»، وكان مسؤولا دون شك عن جرائم ارتكبت فيها. وأضاف الملازم: «إنه ملوث من رأسه إلى أخمص قدميه، وغدا سيتحول إلى بطل».

وقال قائد آخر إن اللواء الشلال وكثيرا غيره من القادة العسكريين - تم تجريدهم من سلطاتهم خلال العامين الماضيين؛ وكانوا رموزا فقط. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أمني سوري إن اللواء كان على وشك الإحالة للتقاعد عندما انشق.

وكان المنشق المدني الأعلى رتبة حتى الآن هو رئيس الوزراء السابق رياض فريد حجاب، والذي فر إلى الأردن يوم 6 أغسطس (آب). وخلال الأسابيع القليلة الماضية وردت تقارير غير مؤكدة عن انشقاق محتمل للمتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي، الذي يجري اتصالات خارجية كثيرة، والذي اختفى من الساحة العامة منذ بداية ديسمبر (كانون الأول).

وأوردت «الغارديان» هذا الأسبوع أن المقدسي فر إلى الولايات المتحدة وكان يتعاون مع الاستخبارات الأميركية.. لكن باتريك فينتريل، المتحدث باسم وزارة الخارجية في واشنطن قال يوم الأربعاء إن مقدسي غير موجود في الولايات المتحدة.

لا يزال مكان ومصير مقدسي غير معروف. ويشير المسؤولون الأميركيون إلى أنهم لا يعرفون مكانه وأن التقارير التي وردت هذا الشهر التي تشير إلى رحيل المقدسي إلى لندن غير صحيحة.

وفي لبنان عاد وزير الداخلية السوري محمد إبراهيم الشعار، الذي يتعافى في مستشفى في بيروت من الجروح التي أصيب بها في التفجير الانتحاري الذي وقع في الثاني عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) خارج وزارة الداخلية في دمشق، إلى العاصمة السورية يوم الأربعاء بحسب مسؤولين أمنيين لبنانيين.

وفي إشارة على تنامي الضغوط على كبار المسؤولين السوريين نقلت وكالة أسوشييتدبرس عن مسؤول بالأمن اللبناني قوله إن الشعار ترك المستشفى على عجل خشية تعرضه للاعتقال في لبنان؛ بعدما تلقت السلطات معلومات عن احتمالية صدور أمر اعتقال دولي بحقه لدوره في قمع الانتفاضة السورية.

* أعد التقرير كريم فهيم من بيروت وريك غلادستون من نيويورك وشاركت هويدا سعد من بيروت وإيلي باري من موسكو وهالة الروبي من دبي وإريك سكميدت من واشنطن.

* خدمة «نيويورك تايمز»