حكومة إقليم كردستان تفتح حدودها مع سوريا

السجناء السياسيون يتبرعون من أجل اللاجئين السوريين

TT

رضخت حكومة إقليم كردستان إلى ضغوط داخلية متعددة الأطراف، وقررت فتح حدودها المشتركة مع سوريا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الداخل بعد تفاقم الوضع الاقتصادي هناك وظهور حالات من المجاعة، خاصة بعد استهداف النظام السوري لعدد كبير من المخابز والأفران بهدف التضييق على المواطنين بالداخل.

ونقلت وكالة «فرات نيوز» المقربة من حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا «أن رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم أكد لها أنه اتفق مع وفد من حكومة إقليم كردستان على فتح الحدود المشتركة بين الإقليم والمناطق الكردية بسوريا، مقابل تعهد حزبه بتفعيل الهيئة العليا المشتركة المنبثقة عن اتفاقية هولير (أربيل) التي وحدت صفوف المعارضة الكردية بسوريا».

وكانت رئاسة الإقليم وبرعاية مسعود بارزاني قد نظمت اتفاقية وقعتها أحزاب المجلس الوطني الكردي السوري وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهو الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، تقضي بتوحيد الصف الكردي وتحث على العمل المشترك لإدارة المناطق التي تخرج عن سيطرة النظام الحاكم بدمشق، ولكن حزب الاتحاد الديمقراطي لم يلتزم بتلك الاتفاقية، واستمر في استفراده بإدارة المناطق الكردية المحررة وإقصاء الأحزاب الأخرى، ما حدا برئاسة الإقليم إلى ممارسة الضغط على هذا الحزب عبر غلق الحدود.

وكانت حكومة الإقليم قد تذرعت بأن قدرتها الاستيعابية قد نفدت، ولم يعد بإمكانها تحمل تدفق المزيد من اللاجئين إلى أراضيها، خاصة مع انعدام المساعدات الدولية المقدمة لأكثر من ستين ألفا من اللاجئين الموجودين حاليا بمخيم دوميز الحدودي وعدد من المدن والبلدات الكردستانية بالإقليم. فرغم أن حكومة الإقليم وبأمر من رئيسها نيجيرفان بارزاني قد خصصت مساعدة مالية بمبلغ عشرة ملايين دولار، وهيأت مخيمات إقامة مؤقتة لعشرات الآلاف منهم، ووفرت لهم المسكن والملبس والطعام والحاجات المنزلية الضرورية من ميزانيتها الخاصة، فإن تدفق أعداد هائلة من النازحين أربكت ميزانية الحكومة وباتت عاجزة عن التحرك، أو فتح الأبواب أمام قبول أعداد أخرى من اللاجئين، خاصة في ظل قلة الموارد والمساعدات المالية التي أكد الدكتور ديندار زيباري نائب رئيس مكتب العلاقات الخارجية لشؤون المنظمات الدولية في حكومة إقليم كردستان «أن أي مساعدات مالية دولية لم تصلنا لحد الآن، بما فيها المساعدة التي قررتها الحكومة الأميركية للاجئين السوريين في دول الجوار».

وحمل زيباري هذه الهموم إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك قبل عدة أسابيع، وأبلغ المسؤولين الأمميين هناك بتداعيات تأخير المساعدات الإنسانية على أوضاع اللاجئين السوريين الذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 60 ألفا.

ويقول ديندار زيباري لـ«الشرق الأوسط»: «إن الولايات المتحدة خصصت 200 مليون دولار لمساعدة الدول التي تؤوي اللاجئين، ونحن لدينا هذا العدد الكبير ولم نستلم دولارا واحدا من تلك المساعدات، تباحثنا حول هذا الموضوع مع ممثلي البعثة الدولية في العراق فأبلغونا بأنهم تسلموا ستة ملايين دولار فقط، وهذا مبلغ لا يساوي شيئا قياسا إلى الدول الأخرى التي تسلمت أضعاف هذا المبلغ، وعدد اللاجئين لدينا ليس قليلا حتى يمكننا تدبير أمورهم بهكذا مبالغ بسيطة، ثم إن مواردنا المحلية لا تسمح لنا بتوفير أدنى مستلزمات الحياة الإنسانية لهذا العدد الكبير من النازحين، ولا طاقتنا الاستيعابية باتت قادرة على تحمل هذه الأعباء بتدفق اللاجئين، نحن ثلاث محافظات صغيرة من العراق، لا يمكننا أن نواجه موجة نزوح كبيرة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الجانب السوري، والحكومة العراقية لم تقدم لنا شيئا لحد الآن، لا وزارة الهجرة والمهجرين تقدم شيئا، ولا الحكومة العراقية تلتفت إلى هذا الجانب الإنساني وتساعدنا على تدبير ما يمكن أن يخفف عن هؤلاء النازحين جزءا من معاناتهم الإنسانية، ونحن في الأساس لم نكن نتوقع أن تزداد أعداد النازحين بهذه الوتيرة المخيفة، وفي حال عدم وصول المساعدات واستمرار النزوح فمن دون شك سنواجه كارثة إنسانية في هذه المنطقة، عليه نطالب الحكومة العراقية بأن تتحمل مسؤولياتها الإنسانية بهذا الجانب، كما ندعو المجتمع الدولي والدول المساندة لسوريا إلى أن تلتفت إلى إقليم كردستان والنازحين فيه، فهم أيضا جزء من الشعب السوري الذي يواجه اليوم أقسى الظروف الإنسانية».

في غضون ذلك ومع اشتداد وطأة الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب السوري من قبل النظام الحاكم بدمشق، وتداعياته اليومية على الوضع الإنساني في المناطق الكردية، بادرت جمعية السجناء السياسيين بكردستان العراق إلى تنظيم حملة شعبية لجمع التبرعات للسكان الأكراد في الجانب الآخر من الحدود. وفتحت الجمعية صندوقا للمساعدات أمام بارك مدينة السليمانية لتسلم التبرعات المادية، وأعلنت أن الحملة ستستمر لثلاثة أيام يتم خلالها جمع التبرعات وإيصالها إلى المحتاجين في الجانب الآخر، مشيرة إلى «أنها فتحت حسابات خارجية لتقديم التبرعات من الأكراد المقيمين في الخارج ستجمع كلها وتسلم إلى ممثلين عن السكان الكرد بسوريا». وناشدت الجمعية أصحاب الشركات ورجال الأعمال تقديم تبرعاتهم، مؤكدة «أنها ستسلم إلى أياد أمينة وفقا لوصولات ومستندات رسمية لكي تتوزع بشكل عادل على المحتاجين إليها بالداخل». وقالت الجمعية: «إن التبرعات لا تنحصر فقط بالأموال، بل يمكن للمواطنين أن يقدموا تبرعات عينية أيضا، وخاصة من الحاجات الإنسانية لمواجهة فصل الشتاء القارس الذي يواجهه سكان مخيم دوميز والمشردون داخل المناطق الكردية بسوريا.