أبو مازن يهدد بتسليم مفاتيح السلطة لنتنياهو إذا استمر الجمود بعد الانتخابات الإسرائيلية

ليبرمان يدعوه لذلك بسرعة

أبو مازن لدى استقباله وفدا من حزب ميرتس اليساري الإسرائيلي في رام الله الليلة قبل الماضية (وفا)
TT

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إنه سيدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتسلم مفاتيح السلطة، إذا ما ظل جمود العملية السلمية مستمرا بعد الانتخابات الإسرائيلية، ولم توقف إسرائيل بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

وهذه أول مرة يهدد فيها أبو مازن بحل السلطة علانية، رغم أنه تحدث في هذا الأمر مرارا من قبل وفي اجتماعات فتح الأخيرة، وأبلغ الأميركيين به كذلك. وقال الرئيس الفلسطيني لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: «إذا لم يتحقق أي تقدم بعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، سأرفع سماعة الهاتف وأتصل برئيس الحكومة نتنياهو، وسأقول له: تعال تسلم مفاتيح السلطة واجلس مكاني هنا في المقاطعة، ستكون أنت المسؤول عن السلطة».

وأضاف: «عندما يتم تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، سيكون على نتنياهو أن يقرر إما نعم أو لا».

وفكرة حل السلطة ليست غريبة على الفلسطينيين، وثمة أصوات مرتفعة تنادي بها أو تفكر فيها جديا على أقل تقدير، ويطالب أصحاب هذا الرأي بجعل الاحتلال الإسرائيلي مكلفا، وليس الأرخص في التاريخ، والتخلص من دور السلطة الذي تحول إلى «وظيفي وخدماتي»، لكنها في المقابل فكرة مقلقة بالنسبة للإسرائيليين الذين عليهم في هذه الحالة أن يعيدوا احتلال الضفة والانتشار فيها وتسلم جميع المسؤوليات عن الفلسطينيين مرة أخرى، بما فيها الأمنية والشرطية والتعليمية والصحية وباقي الخدمات.

وتعيش السلطة الفلسطينية هذه الأيام ظروفا صعبة ومعقدة، لم تستطع معها توفير رواتب موظفيها عن الشهر الحالي والذي سبقه، بسبب حجز إسرائيل أموال الضرائب، ونقص التمويل العربي والغربي، مع استمرار الانقسام الداخلي والجمود في العملية السلمية فيما تقضم إسرائيل ما تبقى من الأرض لصالح الاستيطان.

ورغم تهديده بحل السلطة، فإن ذلك لا يبدو خيار أبو مازن الرئيسي، فقد عبر عن استعداده فورا للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، وقال: «نحن مستعدون للمفاوضات على الفور بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية، ولكن يجب أن تقوم الحكومة الإسرائيلية الجديدة بتجميد البناء في المستوطنات خلال المحادثات، واستئناف نقل أموال الضرائب، والإفراج عن 120 أسيرا فلسطينيا من أسرى ما قبل أوسلو». وأردف: «هذه ليست شروطا مسبقة، ولكن لا بد من التزام إسرائيلي بشأنها كما كان في الماضي». وتابع القول: «هذه الأمور ستساعد في استئناف المفاوضات وتحقيق تقدم كذلك».

ومن المفترض أن تقدم الدول العربية الشهر القادم، مبادرة جديدة، للإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، من أجل استئناف المفاوضات، تقوم على مفاوضات تنتهي خلال شهور ويتوقف فيها الاستيطان.

وسئل أبو مازن عما إذا كان من بين خياراته أيضا التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة إسرائيل، فقال إنه لا ينوي الاستفادة من الوضع الجديد فورا، وإنه لن يفعل ذلك في ظل المفاوضات، غير أنه أيضا تساءل: «لكن إذا استمر الجمود ولم تتحرك عملية السلام وتواصل بناء المستوطنات ولم تفرج إسرائيل عن الأموال حتى نتمكن من دفع الرواتب لدينا، فماذا سنفعل؟».

وتحدث أبو مازن عن الوضع الأمني والعلاقة مع حركة حماس. وقال إنه لن يسمح باندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، موضحا أنه أصدر أوامره لمختلف أجهزة الأمن الفلسطينية للحيلولة دون أي أعمال عنف. أما عن العلاقة مع حماس ومهاجمة نتنياهو له بسبب ذلك، فقال أبو مازن إن حماس: «حقيقة واقعة»، مضيفا: «إسرائيل لا تفهم أنه عندما نتحدث مع حماس، فنحن نتحدث عن المسيرات التي سمحت مؤخرا الأجهزة الأمنية لها بالخروج، وأن منع مثل هذه المسيرات سينظر له على أنه غير ديمقراطي».

وأضاف: «أما عن نشاطات حماس الأخرى، فالأجهزة الأمنية لم ولن تتوقف عن إحباط أي نشاطات مسلحة لحماس، كانت هناك عمليات تهريب أسلحة ومتفجرات وغسل أموال، وتدخلنا فورا لمنعها، نحن لن نسمح أبدا لحماس أو أي منظمة بامتلاك أسلحة إلى جانب قوات الأمن الفلسطينية». كما تطرق أبو مازن إلى انخفاض مستوى التنسيق الأمني من قبل إسرائيل بعد الدولة، واستمرار المداهمات الأمنية والاعتقالات المستمرة في الضفة، التي باتت تطال عناصر أجهزة أمن السلطة أنفسهم.

وبحسب «هآرتس»، فقد ناقش أبو مازن ذلك مع وفد من حزب «ميرتس» الإسرائيلي زاره في مقره في رام الله، وطلب منهم شرح الموقف الفلسطيني للإسرائيليين.

ولم يصدر تعقيب فوري رسمي من إسرائيل على تهديدات أبو مازن، غير أن وزير الخارجية المستقيل، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، دعا أبو مازن إلى تنفيذ تهديده وطالبه باعتزال الحكم. وقال ليبرمان ساخرا: «إننا نهنئ عباس على توصله إلى النتيجة الصحيحة». وأضاف: «نتوقع بشغف صدور بيان رسمي من مكتب عباس بشأن تقاعده». وواصل ليبرمان الذي يكن لأبو مازن عداء شديدا: «لن يكون من الممكن استئناف العملية السياسية إلا بعد اعتزاله»، مضيفا: «يوجد في الطرف الفلسطيني جهات كثيرة غيره يمكن إجراء حوار سياسي معها». ويرى ليبرمان، وهو شريك نتنياهو في الانتخابات «أن بقاء عباس على رأس السلطة بالذات، سيوصل حماس وعناصر راديكالية أخرى إلى الحكم في الضفة مثلما حدث في قطاع غزة».