مسؤولون غربيون: تخفيف إيران لجهود التخصيب إشارة إلى رغبتها في تجنب المواجهة

مسؤولو البيت الأبيض ووزارة الخارجية يبدون حذرا بشأن النوايا الإيرانية

TT

قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون إن تخفيف إيران من سرعة برنامجها لتخصيب اليورانيوم ربما يكون إشارة إلى رغبتها في تجنب المواجهة المباشرة بشأن برنامجها المثير للجدل، في المستقبل القريب على الأقل. ودفع هذا التحرك بعض المحللين إلى الاستنتاج بأن القادة الإيرانيين يبدون دلائل على أنهم أكثر استعدادا للتوصل إلى اتفاق لحل الأزمة النووية مع الغرب.

وكانت أدلة قد بدأت في الظهور الصيف الماضي تشير إلى قيام الإيرانيين بتحويل كمية كبيرة من اليورانيوم المخصب المعد للاستخدام في مفاعل أبحاث صغير، وتحويلها إلى صورة لا يمكن استخدامها بسهولة في صناعة الأسلحة. وقال مسؤول أميركي إن الخطوة ترقى إلى كونها محاولة لكسب مزيد من الوقت لحل المسألة، واصفا ذلك بالخطوة التي «ينبغي أن تدرك أنها كانت محسوبة بدقة لأن كل ما يقوم به الإيرانيون في المفاوضات محسوب بدقة». وقد توصل وزير الدفاع الإسرائيلي المستقيل إيهود باراك إلى نتيجة مماثلة، عندما صرح في أكتوبر (تشرين الأول) بأن بلاده يمكنها أن تتخلى عن التهديدات العسكرية ضد إيران من دون خوف، حتى أواخر ربيع أو صيف عام 2013 على الأقل. لكن مسؤولي البيت الأبيض ووزارة الخارجية أبدوا حذرا في استخلاص نتائج حاسمة بشأن النوايا الإيرانية.

في غضون ذلك، يتوقع أن تعقد جولة جديدة من المحادثات تضم القوى الست الكبرى من بينها الولايات المتحدة العام القادم. وأوضح مسؤولون أميركيون أنهم لا يستطيعون الجزم بشأن ما إذا كان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي مستعدا للتوصل إلى اتفاق أم لا.

ولم تؤت الجهود الهادئة لعقد محادثات مباشرة مع إيران ثمارها، حيث أكدت الإدارة التي تواصلت بعد إعادة انتخاب الرئيس أوباما الشهر الماضي أنه «لا توجد استجابة حقيقية». وأضاف مسؤول رفيع آخر «إن ذلك لم يكن ذلك ناتجا عن أنهم أجابوا بنعم أو لا، بل لأنهم لم يقولوا شيئا».

هذه الشكوك تؤكد شغف الغرب لفهم السبب وراء احتفاظ إيران بمخزون من اليورانيوم متوسط التخصيب - الذي يمكن تحويله إلى وقود لقنبلة في غضون أسابيع أو شهور - في مستوى أدنى من الكمية الضرورية لإنتاج سلاح واحد.

وأشارت أدلة من مصادر متعددة، من بينها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى أن إيران أنتجت كمية كبيرة من اليورانيوم تقترب نسبة تخصيبه من 20 في المائة، العملية التي تستغرق المجهود الأكبر في إنتاج الوقود الصالح لصنع قنبلة، وبدأت في تحويل بعضه إلى مسحوق أكسيد يمكن استخدامه في مفاعل أبحاث صغير في طهران. ويعتقد أن هذه العملية بدأت في شهر أغسطس (آب).

وكانت إيران تشكو على مدى سنوات من أن مفاعل البحث الذي كان يحصل على إمداداته من اليورانيوم من الولايات المتحدة خلال حكم الشاه رضا بهلوي لإنتاج النظائر للأغراض الطبية، نفدت مخزوناته من الوقود ورفض الغرب بيعه على الإطلاق، ولذا قررت إنتاج الوقود بنفسها. ورغم امتلاكها ما يكفي من الوقود لتشغيل المفاعل لعشر سنوات، أشارت العديد من المصادر إلى أنها تنتج المزيد.

وأظهرت الإحصاءات التي وردت في تقارير وكالة الطاقة الذرية ربع السنوية أنه إذا لم تكن إيران قد حولت الوقود إلى هذا المشروع، فسوف تمتلك وقودا كافيا متوسط التخصيب لإنتاج قنبلة واحدة، وسوف تكون في طريقها لإنتاج قنبلة ثانية. لكن آخر تقرير للوكالة والذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) أشار إلى أن إيران خصبت 232 كيلوغراما (511 رطلا) من الوقود، وهو ما يكفي لإنتاج قنبلة. لكن أكثر من 96 كيلوغراما (ما يقرب من 212 رطلا) أرسلت لتحول إلى صفائح وقود للمفاعل. وما إن تم تحويلها إلى هذا الغرض يكون الوقود المتبقي غير كاف للاستخدام في إنتاج قنبلة.

وقال أولي هينونين، الرئيس السابق للتفتيش في وكالة الطاقة الذرية، الذي تعامل مع إيران بشكل موسع «كان التحويل خطوة لتخفيف التوتر حتى لا تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة». وقال هينونين، الذي يعمل الآن زميلا بارزا في كلية كيندي للحكومة في هارفارد، إنه منذ عملية التحويل واصل الإيرانيون إنتاج ما يقرب من 15 كيلوغرام (33 رطلا) في الشهر من اليورانيوم متوسط التخصيب. ولذا «إن لم يحد الإيرانيون من سرعة التخصيب، أو يحولوا مزيدا من الوقود إلى برنامج المفاعل، فإنهم سيعودون مرة أخرى إلى نقطة اللاعودة».

وسيكون بمقدور إيران استغلال ذلك لمصلحتها في المفاوضات، فيقول غريغ ثيلمان، المحلل السابق في استخبارات وزارة الخارجية الذي يعمل الآن في اتحاد الحد من الأسلحة «أعتقد أنه من الصعب فهم ما تفعله إيران إن لم تكن ترسل إشارات مدروسة، تبعث على الحذر. أعتقد أنه من المنطقي أن ننظر إلى عملية التحويل كإشارة للتفاوض وإشارة على الاعتدال».

وقال راي تاكيه، المتخصص في مجلس العلاقات الخارجية، إن «سياسة العقوبات التي انتهجتها الولايات المتحدة على مدى السنوات العشر الماضية بدأت تؤتي ثمارها»، مشيرا إلى أن هذه الخطوات التي أدت إلى انخفاض كبير في العملة الإيرانية وانخفاض حاد في صادرات النفط الإيرانية نجحت في ما يبدو في إقناع قطاعات نافذة في النخبة الدينية الحاكمة على إعادة التفكير في خياراتها».

ويتفق بعض المسؤولين العرب على هذا الطرح، رغم تحذيرهم من أن الأمر قد يتطلب ثلاث سنوات كي تتمكن العقوبات من تقويض القدرات الإيرانية بشكل كاف لإحداث تغيير في موقفها. وقال دبلوماسي عربي بارز مؤخرا «المشكلة هي أننا لا نملك ثلاث سنوات».

وقال بول بيلار، محلل وكالة الاستخبارات المركزية السابق الذي يعمل حاليا في جامعة جورج تاون «تضع إيران آمالا كبيرة على احتمالية أن تنظر العواصم الغربية إلى عملية التحويل باعتبارها إشارة إلى استعدادها للتوصل إلى اتفاق».

خدمة «نيويورك تايمز»