خادم الحرمين للوزراء والمسؤولين: لا عذر لكم بعد اليوم في أي تقصير أو تهاون أو إهمال

ترأس جلسة مجلس الوزراء التي أقرت الميزانية العامة للدولة بـ820 مليار ريال

خادم الحرمين الشريفين لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء أمس (واس)
TT

أقر مجلس الوزراء أمس في الجلسة التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، في قصره بمدينة الرياض، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1434/1435 هـ (2013)، والتي تبلغ مصروفاتها 820 مليار ريال.

وقد وجه خادم الحرمين الشريفين، عقب إقرار الميزانية، الوزراء بالعمل بجد وإخلاص، لتنفيذ بنود هذه الميزانية على الوجه الأكمل الذي يحقق راحة ورفاهية المواطنين في كل مجالات الحياة، وقال مخاطبا الوزراء والمسؤولين كل في اختصاصه: «أيها الوزراء والمسؤولون كل في قطاعه، أقول لا عذر لكم بعد اليوم في تقصير أو تهاون أو إهمال، واعلموا أنكم مسؤولون أمام الله - جل جلاله - ثم أمامنا عن أي تقصير يضر باستراتيجية الدولة التي أشرنا إليها، وعلى كل وزير ومسؤول أن يظهر من خلال الإعلام ليشرح ما يخص قطاعه بشكل مفصل ودقيق».

وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز أعلن افتتاح جلسة الميزانية قائلا: «بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، نعلن بفضل الله تعالى افتتاح جلسة مجلس الوزراء لإعلان ميزانية هذا العام، جعلها الله ميزانية الخير والبركة عامة للشعب السعودي، وخيرها إن شاء الله للمسلمين، وشكرا لكم».

وأوضح الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه، وزير الثقافة والإعلام، لوكالة الأنباء السعودية، عقب الجلسة، أن مجلس الوزراء أقر الميزانية العامة للدولة لهذه السنة المالية بعد أن تدارسها، وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين. وقال إن الجلسة شهدت كلمة وجهها الملك عبد الله بن عبد العزيز لإخوانه وأبنائه المواطنين، أعلن فيها الميزانية، وألقاها عبد الرحمن بن محمد السدحان الأمين العام لمجلس الوزراء. وفي ما يلي نص الكلمة:

«بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين..

أيها الإخوة المواطنون، أبنائي وبناتي أبناء هذا الوطن..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تعجز الكلمات عن أن تعبر عما في نفسي من مشاعر تجاهكم ومؤازرتكم لي خلال الفترة الماضية، والتي استقيت العون فيها من الله - جل جلاله - توكلا وعزما وصبرا، على ما قدره الله، ثم بدعائكم ومحبتكم التي أخذت مكان الصدارة في قلبي، فتجاوزت - ولله الحمد - بفضله ومنته الكثير من الصعاب، فكنتم لي العون بعد الله - تبارك وتعالى..

أيها الإخوة المواطنون.. اليوم وعلى بركة الله وبحمده، وشكره، وتوفيقه، نعلن ميزانية العام المقبل، والتي تبلغ مصروفاتها 820 مليار ريال، وهي تمثل استمرارا للإنفاق على البرامج، والمشاريع الداعمة لمسيرة التنمية والتطور، لما فيه خدمة هذا الوطن، وشعبه الأبي، وذلك بتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، مؤكدين حرصنا على استثمار الموارد التي منّ الله بها على بلادنا لتكون في موضعها الطبيعي، خدمة لكم، ولمتطلبات عيشكم، وهو حق وأمانة في عنقي تجاهكم، أسأل الله أن يعينني على حملها والحفاظ عليها..

وقد تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة، واستمرارا واستكمالا لمشاريع قائمة، في كل قطاعات التنمية البشرية، والبنية الأساسية، والخدمات الاجتماعية، بمبلغ مائتين وخمسة وثمانين مليار ريال..

إن التنمية البشرية والاستثمار في الإنسان هما الأساس والضرورة للتنمية الشاملة، ولذلك فقد تم اعتماد ما يزيد على مائتين وأربعة مليارات ريال لقطاع التعليم العام والعالي، وتدريب القوى العاملة، ولتحسين البيئة التعليمية وتطويرها، لتتماشى مع مخرجات العصر، من خلال إنشاء مدارس جديدة ومراكز تدريب وتجهيزها، واستكمال المدن الجامعية للجامعات القائمة، بافتتاح كليات تخصصية جديدة..

ولما للخدمات الصحية والأعمال الاجتماعية من أهمية تمس كل شرائح المجتمع، فقد تم اعتماد نحو مائة مليار ريال، لاستكمال إنشاء وتجهيز مراكز الصحة الأولية، وإنشاء تسعة عشر مستشفى جديدا، وخمس مدن طبية في كل مناطق المملكة، من دون استثناء، وكذلك إنشاء أندية ومدن رياضية، ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، ودعم برامج الضمان الاجتماعي، وقد تم اعتماد نحو ستة وثلاثين مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية، وخمسة وستين مليار ريال لقطاع النقل والمواصلات والتجهيزات الأساسية، وأكثر من سبعة وخمسين مليار ريال لقطاعات المياه والصناعة والتجارة والموارد الاقتصادية..

كما تتضمن الميزانية اعتمادات لمواصلة العمل في تطوير أجهزة القضاء بشمولها، وتنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، و(الخطة الوطنية للاتصالات التقنية وتقنية المعلومات)، كما ستواصل صناديق وبنوك التنمية المتخصصة تقديم القروض في المجالات المختلفة دعما للتنمية، وتحفيزا للتمويل التجاري، مؤكدة أن هذه الميزانية كسابقاتها تقوم على التوازن بين المناطق، تنمية وتطويرا، ومؤكدة على المسؤولين بالاستمرار والحرص على الإصلاح المالي والاقتصادي..

أبنائي وبناتي.. شعبنا الكريم.. إن الأمل بكم - بعد الله - ولذلك أطلب منكم جميعا التعاون، وبذل كل جهد ممكن لمشاركة الدولة في ما ذكرنا أعلاه، آخذين بعين الاعتبار مصالح الوطن والمواطنين..

أيها الإخوة والأخوات الكرام.. إن الواجب والأمانة الملقاة على عاتقنا خلال السنوات الماضية جعلانا ننظر إلى المستقبل ونستشرفه لنوازن بين احتياجات الجيل الحالي، والأجيال المقبلة، والذين هم أمانة في أعناقنا، وذلك بالاستخدام الرشيد للموارد، ويجاريه ويسير بمحاذاته تأمين احتياطي كبير خلال السنوات الماضية، فلا ننسى جميعا أن المملكة العربية السعودية كانت قبل عشر سنوات كما تذكرون مدينة بأكثر من ستمائة وخمسة وثمانين مليار ريال، وكانت هذه الديون عبئا على الدولة في تأخير أي تطلعات لنا لبناء البنية التحتية وتطويرها، لذلك وضعت نصب عيني هذه المديونية الضخمة، التي استطعنا - بفضل الله - أن نتعامل معها، وبدأنا منذ سنوات قليلة في تأمين وتوفير احتياطي يستثمر استثمارا صحيحا وحذرا.

أيها الوزراء والمسؤولون كل في قطاعه.. أقول لا عذر لكم بعد اليوم في تقصير أو تهاون أو إهمال، واعلموا أنكم مسؤولون أمام الله - جل جلاله - ثم أمامنا عن أي تقصير يضر باستراتيجية الدولة التي أشرنا إليها، وعلى كل وزير ومسؤول أن يظهر من خلال الإعلام ليشرح ما يخص قطاعه بشكل مفصل ودقيق. وأسأل الله تعالى التوفيق للجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وبين الدكتور خوجه أن وزير المالية وبتوجيه من الملك عبد الله قدم عرضا موجزا لمشروع الميزانية الجديدة للدولة، وتطرق إلى الأوضاع الاقتصادية العالمية، وتطوراتها وتطورات الاقتصاد الوطني، والنتائج المالية للعام الحالي 1433/1434 هـ والملامح الرئيسية للميزانية الجديدة جاء في نصه:

«بناء على التوجيهات السامية الكريمة ولأهمية تعزيز مسيرة التنمية وتشجيع البيئة الاستثمارية التي من شأنها إيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين بمشيئة الله ودفع عجلة النمو الاقتصادي، استمر التركيز في الميزانية للعام المالي القادم 1434/1435 هـ على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي».

وأوضح أن الميزانية تضمنت برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 280 مليار ريال. ووفقا لما جرى العمل عليه فقد تم التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن البرامج والمشاريع المدرجة في خطة التنمية التاسعة التي بدأت في العام المالي 1431/1432هـ.

وقال إنه من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لعام 2012 وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، 2727 مليارا و400 مليون ريال بالأسعار الجارية، بزيادة نسبتها 8.6 في المائة عن المتحقق بالعام المالي 2011، أما الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص فيتوقع أن يحقق نموا نسبته 11.2 في المائة حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 10.6 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 11.5 في المائة بالأسعار الجارية.

وأضاف أنه بالأسعار الثابتة لهذا العام فيتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نموا تبلغ نسبته 6.8 في المائة، إذ يتوقع أن يشهد القطاع البترولي نموا نسبته 5.5 في المائة، وأن يبلغ نمو الناتج المحلي للقطاع غير البترولي 7.2 في المائة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 6.3 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 7.5 في المائة، وبذلك تصل مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 58 في المائة.

وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نموا إيجابيا، إذ يقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى 8.3 في المائة، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين 10.7 في المائة، وفي نشاط الكهرباء والغاز والماء 7.3 في المائة، وفي نشاط التشييد والبناء 10.3 في المائة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق 8.3 في المائة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال 4.4 في المائة.

وأفاد بأن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهو أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار، أظهر ارتفاعا خلال عام 2012 نسبته 2.9 في المائة عما كان عليه في عام 2011، طبقا للمنهجية وسلة السلع والخدمات الجديدة وسنة الأساس (2007)، بينما يمثل التغيير قياسا بالمنهجية القديمة وسنة الأساس (1999) ما نسبته 4.5 في المائة الفترة نفسها. أما معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي، الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل، فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا نسبته 3.8 في المائة في عام 2012 مقارنة بما كان عليه في العام الماضي، وذلك وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات.

وبين وزير المالية أنه يتوقع أن ينخفض حجم الدين العام بنهاية العام المالي الحالي إلى 98 مليارا و848 مليون ريال، ويمثل 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2012 مقارنة بمبلغ 150 مليارا و500 مليون ريال بنهاية العام المالي الماضي. وأشار وزير المالية إلى أن تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2012 أثنى على السياسات الاقتصادية للمملكة المتمثلة في استخدام إيراداتها النفطية المرتفعة لتعجيل التقدم نحو إحراز أهداف التنمية المحلية. ورحب المديرون التنفيذيون بالصندوق بما تبذله المملكة من جهود لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط. كما أثنوا على جهود الحكومة لتعزيز الرقابة المالية وإدارة المخاطر، ورحبوا بالتحسينات المدخلة على نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وتابع وزير المالية أن تقريرا لمجموعة العشرين أظهر أن المملكة جاءت في المرتبة الأولى بين أعضاء المجموعة في تنفيذ التزامات المجموعة والمتمثلة في الإصلاحات الهيكلية والانضباط المالي وإصلاح المؤسسات المالية وتنظيم الأسواق المالية ومقاومة سياسة الحماية التجارية والتقدم المحرز في تنفيذ جدول أعمال التنمية، كما أعلنت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني محافظة المملكة على تصنيفها الائتماني السيادي المرتفع (AA-) مع نظرة مستقبلية مستقرة، ويأتي هذا الإعلان تأكيدا لمتانة اقتصاد المملكة وقوة مركزها المالي عالميا.

من جانب آخر، أوضح الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام، أن خادم الحرمين الشريفين حمد الله سبحانه، وأثنى عليه وعلى ما أنعم به على هذه البلاد، من نعم لا تعد ولا تحصى، وما شملته هذه الميزانية من أرقام هي في مجملها تحمل كل الخير لهذه البلاد وشعبها، وحث الجميع على شكر الله جل وعلا على ما أفاء به على هذه البلاد، وخصها به من النعم، ووجه كل مسؤول بأن يراعي الله في كل وقت ومكان، ويعمل على خدمة دينه ووطنه، مستشعرا عظم الأمانة التي يحملها.