الكونغرس الأميركي يمدد قانون التجسس على الأجانب

مجلس «كير» ينتقد جمع المعلومات الشخصية عن الآلاف من مسلمي أميركا

TT

صدق مجلس الشيوخ الأميركي أول من أمس على تمديد قانون يسمح للحكومة بالتجسس على الأجانب داخل الأراضي الأميركية من دون مذكرة صادرة من القضاء. وأجيز التمديد بموافقة 73 مقابل معارضة 23، وسيتم العمل به لخمس سنوات أخرى. وكان مجلس النواب وافق، قبل شهرين، على التمديد، بينما يتوقع أن يوقع عليه الرئيس باراك أوباما قبل انتهاء صلاحية القانون الحالي غدا (الاثنين).

وقال مسؤولون إن عمليات التجسس هذه أسفرت عن كشف «مؤامرات» عديدة ضد أهداف أميركية. لكن مناصرين للحقوق المدنية انتقدوا القانون واعتبروه «انتهاكا للخصوصية». وقالت السيناتور الديمقراطية ديان فينشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، التي تؤيد مشروع القانون، إن المشروع «أتاح، ولا يزال يتيح، الحصول على معلومات كثيرة تعد حيوية للدفاع عن الوطن من الإرهاب الدولي، وغيره من التهديدات الخطيرة التي تحدق بالبلاد».

ورفض الكونغرس تعديلات اقترحها جمهوريون وديمقراطيون أرادوا وضع قيود لهذا القانون الذي دخل حيز التنفيذ في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. ورفض الكونغرس طلب تعديل تقدم به السيناتور الديمقراطي رون وايدن الذي دعا إلى كشف أوسع للمعلومات عن برامج التنصت السرية، وعن كيفية استخدامها. وقال إن هذا «أمر حيوي لحماية الحياة الخاصة للمواطنين الأميركيين من الانتهاكات». وأضاف: «هذه نقطة مهمة بالنسبة للأمن الأميركي، وبالنسبة للحرية الأميركية. وهذا التعديل (الذي قدمه) يضمن توازنا بين حماية رخاء البلاد وحماية الحريات الفردية التي نعتز بها».

وكان القانون أقر أولا في عام 1978 بعد فضيحة «ووترغيت»، عندما تجسس رجال من الحزب الجمهوري، بعلم الرئيس الجمهوري ريتشارد نيسكون، على مقر الحزب الديمقراطي في مبنى «ووترغيت» في واشنطن العاصمة.

وفي ذلك الوقت، وضع الكونغرس قانون ضمانات للتنصت على مواطنين أميركيين. لكن، بعد هجمات 11 سبتمبر، رفع قانون جديد أصدره الكونغرس هذه القيود من أجل ترصد مشبوهين أجانب.

ويسمح القانون لوكالات الاستخبارات ومن بينها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ووكالة الأمن الوطني (إن إس إيه) بممارسة التنصت، من دون إذن قضائي، على أجانب، وعلى أميركيين يتصلون بأجانب يشتبه بتورطهم في الإرهاب أو التجسس.

وأثار القانون انتقادات حادة أشارت إلى أن الاتصالات اليومية لأميركيين يمكن أن تخضع لمراقبة مما يشكل انتهاكا لاحترام الحياة الخاصة. واعترفت السيناتور فاينشتاين، رغم تأييدها لتمديد القانون، بأن القانون «قد يجمع عرض معلومات عن أميركيين». لكنها أضافت أن هذا «لا يعني أن وكالات الاستخبارات تراقب عمدا أميركيين. في الواقع، سيكون هذا انتهاكا للقانون».

وأمس، انضم إلى منتقدي تمديد القانون مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في واشنطن، أكبر المنظمات الإسلامية في أميركا. وأشار المجلس إلى أن وثائق كشفت في العام الماضي أوضحت أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ظل، لسنوات كثيرة، بعد هجمات 11 سبتمبر، يتجسس على آلاف المسلمين في الولايات المتحدة، ويجمع معلومات شخصية، مثل عناوين البريد الإلكتروني، وأرقام الهواتف، ومواصفات جسمانية، وآراء عنهم.

وكان اتحاد الأميركي للحريات المدنية (آي سي إل يو)، أكبر منظمات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، حصل على الوثائق حسب قانون حرية المعلومات الذي يعطي الأميركيين حق مطالبة المؤسسات الحكومية بكشف معلومات في سبيل مزيد من الشفافية. وقالت مصادر إخبارية أميركية إن كثيرا من الأوراق التي كشفت محجوبة بحبر أسود كثيف مما يصعب مهمة معرفة كل محتوياتها. لكن الصورة العامة للوثائق توضح التركيز على تسجيل معلومات عن المسلمين في أميركا، وأن هذا ظل، لسنوات كثيرة، من أسباب التوتر في العلاقة الهشة بين مكتب «إف بي آي» والمسلمين الذين يعتقدون، على نطاق واسع، أنهم يتعرضون للمراقبة والتدقيق لأنهم مسلمون.

بدوره، قال اتحاد الأميركي للحريات المدنية، إن مكتب التحقيقات لم يبلغ قط المسلمين أنه يراقب نشاطاتهم الاجتماعية، ناهيك عن خصوصياتهم، مثل مشاركتهم في مؤتمرات، ومعارض، وحفلات عشاء، ومناسبات دينية.