الإبراهيمي: العملية السياسية وحدها يمكن أن تنقذ سوريا من «الجحيم»

لافروف يكشف عن ثوابت موقف بلاده ويقترح عودة قوات حفظ السلام

TT

مع حلول نهاية العام الجاري اختتمت موسكو جهودها التي واصلتها على مدار الأشهر الطويلة الماضية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية، بلقاء مع الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي العربي إلى سوريا، كشفت خلاله عن ثوابت موقفها تجاه هذه القضية. وفي ختام اللقاء الذي جرى أمس وتناول استعراض نتائج لقاءات الإبراهيمي التي أجراها في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد وممثلي المعارضة الداخلية. وقال المبعوث الدولي للأزمة السورية، الأخضر الإبراهيمي، أمس، إن سوريا تواجه «جحيما» ما لم يتم التوصل لاتفاق ينهي الصراع المستمر منذ 21 شهرا. غير أن محادثاته في روسيا لم تثمر عن أي بوادر لحدوث انفراجة بعد أسبوع من الجهود الدبلوماسية المكثفة.

واعترف الإبراهيمي بأن «المواجهات في العاصمة السورية تتطور على نحو سريع ويهدد بعواقب وخيمة»، محذرا من مغبة احتمالات السقوط في شرك المزيد من الاقتتال، و«أن سوريا يجب أن لا تتحول إلى صومال جديدة». وأضاف أن ما وصفه بـ«نزاع دمشق» «قد يتسبب في هستيريا بين أكثر من خمسة ملايين نسمة تعيش بهذه المدينة، وقد يغادرها مليون شخص بسبب ذلك». وحول السبل المقترحة للحل قال: «هناك طريقان لا ثالث لهما لتسوية الأزمة في سوريا، إما طريق الحل السياسي، وإما طريق التدويل الذي ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها». وكشف المبعوث الأممي عن اتفاقه في الرأي مع الوزير الروسي لافروف حول «أن النزاع الدائر في سوريا لا يزداد عسكرة فحسب، بل بدأ يأخذ طابعا طائفيا شديد الخطورة». وكان الإبراهيمي سبق وقال: «إن العملية السياسية لا بد أن تسير على أساس اتفاقات جينيف، ولكن مع مرور الوقت نجد أنفسنا مضطرين لمناقشة هذه الاتفاقات وإدخال تعديلات بسيطة عليها تهدف إلى مساعدة المواطنين السوريين». أما عن اقتراح الجانب الروسي حول عودة قوات حفظ السلام فقال الإبراهيمي: «أعتبر جهود حفظ السلام جزءا من مجموعة الإجراءات الرامية للتسوية السياسية للأزمة السورية»». وأعرب الإبراهيمي عن يقينه من أن تغيير النظام في سوريا لا يضمن تحقيق التسوية، وأنه، حسب اعتقاده، لن يؤدي إلى تغيير الوضع، وإن أشار في الوقت نفسه إلى «أن النظام يقول إنه يحافظ على الشرعية ويحميها في إطار تنفيذ مهامه، ولكن هناك أطرافا تقول إن هذا النظام غير شرعي ويحكم منذ أربعين سنة ويجب أن يرحل».

وطالب الإبراهيمي المجتمع الدولي ببذل المزيد من الجهود من أجل تسوية الوضع في سوريا، مؤكدا تفهم الجميع حاجتها إلى التغييرات التي قال بوجوب أن تكون سلمية وثابتة. وأضاف: «أقصد هنا التغييرات العميقة لا السطحية أو تغييرات التجميل». وكشف الإبراهيمي كذلك عن حقيقة ما بذل من محاولات ترمي إلى تحويل اتفاقات جينيف إلى قرار لمجلس الأمن.

واختتم الإبراهيمي تصريحاته بقوله: «إن السوريين أنفسهم يقتل بعضهم بعضا بصورة قاسية جدا». وكان ألكسندر لوكاشينكو المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية قال إن الإبراهيمي أطلع وزير الخارجية الروسية على تقييمه للمحادثات التي أجراها في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد ومع ممثلي قوى المعارضة الداخلية، التي تضمنت معالم خريطة طريق تقوم على أساس اتفاق جينيف، وتدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات إلى حين إجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية.

ومن جانبه قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية في مؤتمره الصحافي المشترك الذي عقده مع المبعوث الأممي، بوجود الفرصة لتسوية الأزمة السورية بالطرق السياسية على ضوء تزايد عدد الضحايا بين السكان المدنيين وتفاقم النزاع هناك. ودعا الوزير الروسي إلى سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف العنف والتحول إلى الحوار استنادا إلى ما طرحته موسكو في اتفاقات جينيف. واقترح لافروف عودة المراقبين الدوليين إلى سوريا وزيادة عددهم لمتابعة الأوضاع هناك، مشيرا إلى ضرورة الاستناد إلى ما نصت عليه اتفاقات جينيف وأهمية إشراك السعودية وإيران في «مجموعة العمل» حول سوريا. وأضاف لافروف أن بلاده لا تقف مع أي جهة، وأن ما يهمها هو مصير الشعب السوري، مؤكدا أنها على اتصال مع كل الأطراف المعنية ومنفتحة لمواصلة الاتصالات على كافة المستويات. وفيما أشار إلى محاولات البعض الرامية إلى تشويه مواقف روسيا تجاه الأزمة السورية، قال إنه من الواجب على كافة الدول أن تنطلق في حل الأزمة السورية من ضرورة تحقيق الاستقرار في المنطقة وليس من مصالحها الذاتية. وأضاف قوله إن اللاعبين الخارجيين لا يمكن أن ينوبوا عن السوريين، مؤكدا أهمية أن يعملوا على تهيئة الظروف لإطلاق حوار سوري داخلي. وحدد الوزير الروسي أولويات بلاده تجاه الأزمة السورية، وفي مقدمتها ضرورة وقف العنف في سوريا، وإطلاق عملية سياسية. وأشار إلى أن ترك الأوضاع في سوريا «سائبة»، على حد تعبيره، فإن «الأزمة ستؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة بالكامل». وحول مستقبل الرئيس السوري قال إن الأسد أكد أنه غير عازم على الرحيل، وسيبقى في منصبه ليدافع عن مصالح سوريا الوطنية، ولا يمكن تغيير هذا الموقف.