مرسي: «مصر لن تفلس».. والدستور يكفل مساواة جميع المصريين أمام القانون

قال أمام «الشورى» إن أمن الخليج مسؤولية قومية.. والثورة السورية ستمضي بدعمنا لتحقيق أهدافها

الرئيس المصري محمد مرسي يتحدث أمام مجلس الشورى في دورته الـ33 أمس (أ.ب) وسيدة مصرية تفرد يديها مطلقة شعارات ضد الرئيس مرسي أمام مجلس الشورى أمس (رويترز)
TT

مدافعا عن الستة أشهر الماضية، منذ توليه السلطة، خطب الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، أمام مجلس الشورى في دورته الـ33 باختصاصاته الجديدة التي أقرها له دستور البلاد الجديد، وعلى رأسها سلطة التشريع في غيبة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان). ووجه مرسي اهتمامه خلال الخطاب الذي اتسم بالعصبية بحسب مراقبين، للأوضاع الاقتصادية، قائلا إن «الذين يتحدثون عن الإفلاس هم المفلسون، مصر لن تفلس ولن تركع بفضل الله، لن تركع ما دام الشعب المصري منتجا واعيا يقظا».

وأمام أعضاء مجلس الشورى، ولفيف من رجال الدولة والشخصيات العامة، على رأسهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، والعالم المصري الدكتور أحمد زويل، قال مرسي إن «إقرار الدستور يعني إنهاء فترة انتقالية طالت أكثر مما ينبغي، وحان وقت العمل والإنتاج من أجل النهوض بالشعب المصري كله.. مصر أظلها عهد لا مجال فيه للطغيان أو التمييز أو غياب العدالة الاجتماعية، وكل المواطنين على اختلافهم متساوون أمام القانون في ظل هذا الدستور».

وشهدت البلاد انقساما حادا خلال الشهر الحالي مع إصرار مرسي على المضي قدما في إجراء الاستفتاء على الدستور، رغم الانسحابات التي شهدتها الجمعية التأسيسية لكتابته. وتم إقرار الدستور الأسبوع الماضي بأغلبية 63.8% من أصوات المصريين المشاركين في الاستفتاء.

وبينما شهد محيط مقر مجلس النواب (مجلس الشعب سابقا) الذي عقدت فيه جلسة مجلس الشورى أمس، تظاهر العشرات من مؤيدي ومعارضي الرئيس، الذي شدد في خطابه على أن «الدولة الحديثة لا يمكن لها توطيد أركانها وسط حالة اقتصادية صعبة وموازين مختلة، نتجت عن زمن طويل ساده الفساد وغياب المحاسبة، وسادت فيه سياسات اقتصادية غير عادلة175. وأشار إلى أنه منذ أول انعقاد للحكومة الحالية، في أغسطس (آب) الماضي، كانت توجيهاته لها واضحة، بوضع خطة إنقاذ عاجلة لمكافحة الفقر، وسد منابع الفساد، وتطبيق التوازن العادل في توزيع الأعباء الضريبية.

وأكد مرسي أنه بعد إقرار الدستور الجديد، سيبدأ بناء دولة المؤسسات ومحاسبة كل مخطئ ومقصر، مؤكدا استقلال القضاء وحرية الإعلام، بعيدا عمن وصفهم بـ«أصحاب المصالح والتمويل الفاسد».

وقال مراقبون إن «الانقسام السياسي الذي تشهده مصر انعكس على اللغة التي استخدمها الرئيس المصري أمام مجلس الشورى الذي تهيمن عليه أغلبية إسلامية واضحة».

وقال مرسي محتدا «الذين يتحدثون عن الإفلاس هم المفلسون، مصر لن تفلس ولن تركع بفضل الله، لن تركع ما دام الشعب المصري منتجا واعيا يقظا، يعرف ماذا يفعل مهما كانت الدعاوى من المفلسين».

وتساءل مرسي: «هل يسعد أحدنا أن يكون إفلاس للوطن، لا أشكك في نوايا أحد؛ ولكن هل يسعد أحد أن يفلس الوطن ويكون عرضة لفشل اقتصادي؟»، مضيفا: «كيف يقال على مصر إنها تفلس وهي ملتزمة بديونها الاقتصادية؟ (الدين) الذي يبلغ 87% من الناتج القومي، ولكن لم نصل لبعض الدول الكبرى التي وصل فيها الدين إلى 120%، دعونا نتحدث عن تحديات ومشاكل بدل الحديث عن شائعات وإثارة ذعر الشعب».

وألقى مرسي باللائمة على «الأحداث التي خرج فيها البعض عن سلمية العمل السياسي»، التي لولاها «لاستمرت الزيادة المطردة (في تدفق السائحين على مصر)»، كما حمل مسؤولية تراجع التصنيف الائتماني لبلاده إلى حالة الانقسام السياسي التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع الماضية.

وتحدث الرئيس المصري عن الوضع الاقتصادي قائلا إن «الاقتصاد سجل تقدما ملحوظا، استطاع الاقتصاد خلال الربع الأول من العام المالي 2012 و2013 أن يحقق نموا بلغ 2.6 مقارنة بنحو 3% خلال الربع ذاته من العام المالي 2011 و2012»، مضيفا أن «معدلات التضخم وصلت إلى أدنى مستوى لها خلال الشهرين الماضيين».

وأشار مرسي إلى أنه «رغم شائعات، فإن أوضاع الجهاز المصرفي ليست كما حاول البعض تصويرها، فصافي الاحتياطيات من النقد الأجنبي 15.5 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) بزيادة مليار دولار عن يوليو (تموز) الماضي، ولا نعتبر ذلك مرضيا، فالاحتياطي في عام 2010 كان 35 مليار دولار».

وجدد مرسي دعوته للقوى السياسية من أجل المشاركة في الحوار الوطني، استعدادا لإقرار قانون الانتخابات البرلمانية وانتخاب مجلس النواب، «لكي يأتي معبرا عن كل الأطياف والأحزاب، وعن إرادة الشعب، ويحقق الحيادية ونزاهة الانتخابات».

وحول التعديل الوزاري المرتقب، قال مرسي إنه «كان لزاما علينا إجراء تعديلات في الحكومة، إن توجيهاتي واضحة لتحقيق العدالة الاجتماعية لمكافحة الغلاء والفقر، وجهت الحكومة للعمل الدؤوب لتحسين وضع مصر على التنافسية الدولية لرفع كفاءة الجهاز الحكومي وقدرة أجهزة الدولة على تحقيق خطط التنمية ومعالجة عجز الموازنة والارتقاء بسوق العمل المصري».

وتطرق مرسي في كلمته إلى منظومة علاقات مصر الدولية، قائلا إنها «تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مع عدم التدخل في شؤون الدول، والتزام الدولة المصرية بمعاهداتها، واحترام القوانين الدولية، والمشاركة الفعالة في المجتمع الدولي»، مشددا على أن بلاده تتحرك بكل قوة نحو «الأشقاء العرب»، قائلا: «نقوي علاقتها (مصر) بدول الشرق، ودول حوض النيل، والدول الرائدة في أميركا الجنوبية والشمالية».

وتابع: «لسنا أعداء أحد، وجئنا برسالة سلام واضحة للعالم، ولا نسمح لأحد بأن يتدخل في شؤوننا أبدا، ولا نسمح لأنفسنا بأن نعتدي على أحد كائنا من كان».

وأشار مرسي إلى أن أمن مصر لا يقف عند حدودها، وإنما يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، موضحا أن «القضية الفلسطينية في بؤرة اهتمامنا وما زالت وستبقى، ولن ندخر وسعا في دعم حق الشعب الفلسطيني لتحقيق المصالحة الوطنية بإرادته، والحصول على حقه في تقرير مصيره ليحصل على دولة مستقلة ذات سيادة كاملة».

وشدد مرسي على أن أمن الخليج مسؤولية قومية، قائلا: «مع نهوض مصر، سيقف العرب جميعا لحماية أمنهم القومي»، لافتا إلى أن الثورة السورية ستمضي إلى تحقيق أهدافها وستكون سوريا موحدة ومستقلة.

وقال مرسي إن حكم الرئيس السوري بشار الأسد ليس له مكان في مستقبل سوريا، «إن ثورة الشعب السوري، ونحن ندعمها، ستمضي إلى تحقيق أهدافها»، مشيرا إلى أن أولويات بلاده بشأن سوريا؛ هي وقف نزيف الدم، ودعم عودة اللاجئين لأوطانهم، والوقوف ضد أي تدخل عسكري يزيد من أزمات الشعب السوري وينال حريته، والسعي لحل سياسي بدعم وتوافق عربي وإقليمي وعالمي يضمن فتح الطريق أمام الشعب لاستبدال النظام الحالي الذي لا مجال له أن يستمر.