تعديلات الحكومة المصرية تتجه للإبقاء على الحقائب المالية والاقتصادية والأمنية

قنديل وعد بخريطة استثمارية جديدة وسط مخاوف من ارتفاع الأسعار

رئيس الوزراء المصري هشام قنديل خلال حديثه في مؤتمر صحافي في القاهرة أمس (رويترز)
TT

قالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «التعديلات المرتقبة في الوزراء تتجه للإبقاء على الحقائب المالية والاقتصادية والأمنية»، في حين قال الدكتور هشام قنديل إن «الوزراء الجُدد سيكونون من الـ(تكنوقراط)»، مقدما وعودا بخريطة استثمارية جديدة وإجراءات لحلحلة الموقف الاقتصادي الهش، وسط مخاوف من ارتفاع في الأسعار.

وتعمل الحكومة الحالية وفق توجهات ما يعرف بتيار الإسلام السياسي الذي صعد إلى السلطة خاصة بعد فوز الرئيس محمد مرسي المنتمي أصلا لجماعة الإخوان المسلمين، وساهم التيار السلفي في فوزه في الانتخابات الرئاسية الصيف الماضي. وقالت مصادر حكومية إنه «سيتم إحلال وتجديد عدد من الحقائب الوزارية، وإن عددا من الوزراء مرشح للخروج مقابل دخول مجموعة أخرى من الوزراء»، مشيرة إلى أن الأسماء المطروحة حتى الآن يأتي معظمها من نفس التيار الذي تراجعت شعبيته خلال الشهور الستة الماضية، وسط انتقادات من المعارضة.

وتابعت المصادر الحكومية التي طلبت عدم تعريفها، أن «بعض قادة جماعة الإخوان أجروا اتصالات مع أطراف مالية وحكومية عربية وأجنبية، لمؤازرة الاقتصاد المصري مع وعود بحل المعضلات السياسية التي تسببت في احتقان في الشارع السياسي خلال الشهور الأخيرة، بما فيها العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضائية». وكشفت تقارير محلية أمس عن لقاء أجرته السفيرة الأميركية آن باترسون، مع المستشار سمير أبو المعاطي رئيس اللجنة العليا للانتخابات التي أشرفت على الاستفتاء على الدستور الجديد الذي تقول المعارضة إنه يفتح الباب لتأسيس دولة دينية في مصر.

وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين أن مرشدها العام الدكتور محمد بديع، سيوجه خلال الساعات المقبلة، رسالة إلى قواعد جماعته التي تعد بمثابة السند الرئيسي للرئيس مرسي، تتضمن تحليلا للوضع الراهن في البلاد والتحديات التي تواجه الدولة ودور جماعة الإخوان جميعا في جمع الشمل و«صناعة النهضة» والتعرف على استراتيجيات التعامل مع الأحداث الراهنة والمستقبلية. يأتي هذا في وقت كشفت فيه مصادر مطار القاهرة الدولي توجه الرجل القوي في الجماعة، خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، في زيارة مفاجئة إلى ليبيا، دون ذكر تفاصيل عن الزيارة.

وألقى قنديل في مؤتمره الصحافي المطول أمس، باللائمة على النظام السابق في تردي الأوضاع الاقتصادية، وقال إنه لا توجد حاليا خريطة للاستثمار في مصر، وإن ما حدث خلال الفترة الماضية كان مجرد «اجتهادات». وأضاف أن من أمثلة المشروعات القومية التي تسعى مصر إلى القيام بها مشروع محور قناة السويس التي قال إنها ستتحول إلى منطقة خدمات لوجيستية يمكن أن تدر على البلاد عائدا يبلغ 100 مليار دولار سنويا. وأوضح أنه سيتم قريبا الانتهاء من هذا المشروع لتسويقه عالميا ومحليا.

وكان من المتوقع أن يعلن قنديل عن الوزراء الذين سيخرجون من وزارته، والوزراء الجدد الذين سيعرضهم على الرئاسة المصرية للموافقة عليهم؛ إلا أنه قال في المؤتمر الصحافي إن الهدف منه (أي من المؤتمر) ليس الإعلان عن التعديل الوزاري؛ ولكن لإعلان ما سماه «المبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادي»، مشيرا في الوقت نفسه إلى صعوبة الموقف الاقتصادي في البلاد الذي يتطلب «اتخاذ قرارات صعبة ستكون في مصلحة مصر وشعبها».

وتعاني مصر من تدهور اقتصادي منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي أدت لسقوط حكم الرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي. وتحاول الحكومة الحصول على قروض من عدة جهات على رأسها صندوق النقد الدولي؛ لكن القلاقل السياسية وعدم الاطمئنان للوضع الداخلي أخر إجراءات الحصول على القروض في المواعيد التي كانت تأملها الحكومة.

وانخفضت قيمة الجنيه أمس بشكل غير متوقع أمام الدولار، خاصة في أعقاب الخطاب الذي ألقاه الرئيس مرسي أمام جلسة لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان)، وطمأن فيه العالم على الوضع الاقتصادي المصري، مما أدى إلى مخاوف من موجة من ارتفاع في الأسعار. وقال قنديل إنه ليست هناك أي نية لتعويم الجنيه المصري، مضيفا أن البنك المركزي معني بالسياسة النقدية، و«من المهم أن تكون هذه السياسية مستقلة عن الحكومة»، مشيرا إلى أن أي زيادة في الأسعار لن تمس الوقود ولا الخبز ولا أي من السلع الأساسية.

وقال قنديل إن مصر سوف تستأنف اتصالاتها مع صندوق النقد الدولي خلال الشهر المقبل بشأن الحصول على قرض يبلغ 4.8 مليار دولار، مشيرا إلى أن الاتفاق مع الصندوق يمثل في حد ذاته شهادة ثقة في الاقتصاد المصري، ويبعث برسالة تطمين إلى المستثمرين الأجانب. وتابع قائلا عن التعديلات الوزارية المرتقبة إن حكومته «حكومة تكنوقراط» وإن «التعديلات الوزارية التي ستجرى ستتم في هذا الإطار».

من جانبها، أشارت المصادر الحكومية إلى أنه من المستبعد إجراء تعديل في المقاعد الوزارية التي لها علاقة بالشؤون المالية والاقتصادية والأمنية، وأن التعديلات المرتقبة قد تقتصر على ما يعرف بـ«وزارات الخدمات».