أفريقيا الوسطى: الرئيس يعرض حكومة وحدة مع المتمردين

هولاند يدعو أطراف النزاع لوقف الأعمال العدائية

TT

أعرب رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرنسوا بوزيزيه أول من أمس عن استعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع المتمردين، مؤكدا عزمه عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2016. وقال بوزيزي في تصريحات عقب لقائه مع رئيس الاتحاد الأفريقي توماس يايي بوني إنه مستعد لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع تحالف «سيليكا» لإدارة شؤون البلاد معا.

وأكد الرئيس استعداده لحضور محادثات سلام متوقعة في عاصمة الغابون ليبرفيل «دون شروط وعلى الفور». وليس واضحا بعد ما إذا كانت هذه التصريحات ستنهي الأزمة التي تشهدها جمهورية أفريقيا الوسطى، لا سيما بعد تأكيد تحالف «سيليكا» أن أكثر من 3000 من قواته على بعد 75 كيلومترا عن العاصمة بانغي.

وهدد متمردو ائتلاف «سيليكا» أمس مجددا بدخول عاصمة أفريقيا الوسطى التي حذر وزير في حكومتها من خطر اندلاع «ثورة في القصر» الجمهوري إذا مورست الضغوط الدولية على الرئيس فرنسوا بوزيزيه بمفرده دون المتمردين. واتهم إيريك ماسي الناطق باسم «سيليكا» في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية السلطات بارتكاب تجاوزات ضد المدنيين والقريبين من حركة التمرد، مهددا بدخول العاصمة.

ويتهم الائتلاف المتمرد السلطات خصوصا بالإعداد «لمهاجمة مواقعنا انطلاقا من باتانفاغو» المدينة الواقعة في الشمال وسيطر عليها المتمردون منذ بداية هجومهم قبل ثلاثة أسابيع، وأضاف: «لا شك أن جدية وعود فرنسوا بوزيزيه ليست حقيقية». وكان الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي رئيس بنين توماس بوني يايي أكد إثر لقائه في بانغي مع بوزيزيه أن الأخير أبلغه بأنه «مستعد للذهاب إلى ليبرفيل اليوم» إذا ما طلب منه ذلك ومستعد للدخول في حوار مع المتمردين «يقود إلى حكومة وحدة وطنية». كما وعد بوزيزيه بعدم الترشح في 2016 لدى انتهاء ولايته الرئاسية. وأكد ماسي أنه تحادث مساء أول من أمس مع يايي ليتدخل من أجل حماية مؤيدي «سيليكا» في بانغي. وقال: «أجريت محادثة طويلة معه مساء أمس قلت له فيها إنه علينا أن نشير إلى نجاح مهمته بما أن بوزيزيه مد يده للشعب وقدم مقترحات سياسية»، وأضاف: «لكن كان علي إبلاغه بالوضع الإنساني البالغ الخطورة في بانغي»، موضحا أن بوزيزيه «وزع صباح أمس سواطير ورشاشات جديدة على أفراد ميليشيا الدفاع الذاتي التابعة له». وشكك المعارض الرئيسي في أفريقيا الوسطى مارتن زيغيلي الاثنين في وعود بوزيزيه. وقال المرشح الذي هزم أمام بوزيزيه في انتخابات 2005 و2011 إن «المشكلة هي وعود بوزيزيه. إنه يقطع وعودا ولا يفي بها»، وأضاف أن بوزيزيه أكد بعد استيلائه على السلطة «في 2003 أنه لم يأت ليبقى وترشح (للرئاسة) في 2005 وخلال الحوار السياسي الشامل في 2008 (بين المتمردين والمعارضة والسلطة) قطع وعودا لم يف بها. هناك مشكلة مصداقية». وكانت المعارضة انتقدت رئيس أفريقيا الوسطى مؤخرا بعدما اشتبهت في أنه يريد تعديل الدستور ليتمكن من الترشح لولاية رئاسية ثالثة. إلا أن زيغيلي الذي كان رئيسا للحكومة في عهد الرئيس إنج فيليكس باتاسي عندما استولى بوزيزيه على السلطة في 2003 أوضح أنه يؤيد إجراء حوار سياسي، مؤكدا أنه «لا حل عسكريا للأزمة الحالية».

من جهته، حذر وزير إدارة الأراضي جوزي بنوا أمس في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية من أن «الرئيس قدم تنازلات وأعطى كل الضمانات لكن يجب أن لا تكون الضغوط أحادية. المتمردون ينهبون ويقتلون ويطالبون»، وأضاف أن «الضغوط الأحادية تخلق تصلبا في النظام، وهذا قد يؤدي إلى ثورة في القصر» الجمهوري. وبدأ ائتلاف «سيليكا» تمرده في 10 ديسمبر (كانون الأول) للمطالبة «باحترام» اتفاقات السلام المبرمة في 2007 و2011 التي قال إن السلطات لم تتقيد بها. وسيطر المتمردون خلال أسبوعين على عدة مدن استراتيجية أولها بريا (الغنية بمناجم الماس في وسط البلاد) وبمباري (الغنية بمناجم الذهب في جنوب الوسط) ثم كاغا بندورو (شمال الوسط) واقتربوا بشكل خطير من بانغي من الشمال والشرق.

ولم يبد الجيش النظامي في أفريقيا الوسطى، وهو يفتقر إلى التجهيزات والتنظيم ومعنوياته محبطة، إلا قليلا من المقاومة وهو يحاول عبثا وقف زحف حركة التمرد.

وأخيرا، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس «كل أطراف» النزاع في أفريقيا الوسطى إلى «وقف الأعمال العدائية»، مجددا مطالبته السلطات في هذا البلد بأخذ «كل الإجراءات» لضمان سلامة الرعايا الأجانب الموجودين على أراضيها. ولم يأت البيان الرئاسي الفرنسي على ذكر الطلب العلني الذي وجهه الرئيس بوزيزيه إلى هولاند الأحد للقائه «من أجل البحث في مسائل جوهرية تهم جمهورية أفريقيا الوسطى».