مذكرات ابو الغيط شهادتي (1): الهاجس الأمني والملل الرئاسي كانا أقوى من أي محاولات لإعادة الرئيس لقلب الأحداث

مذكرات وزير خارجية مصر الأسبق أحمد أبو الغيط

TT

أهم ما يلفت نظرك في مذكرات وزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط، هو احتفاظ ذاكرته بالتفاصيل الدقيقة لكل حدث مر عليه وهو في المنصب. يفسر ذلك بأنه ومنذ توليه مهام عمله الدبلوماسي في نهاية الستينيات، وهو يحرص على تسجيل يومياته وما مر بها. محفزه في ذلك كما يقول في كتابه «شهادتي.. السياسة الخارجية المصرية 2004 - 2011» والصادر عن دار نهضة مصر، قراءته الكثيرة لسير عسكريين وسياسيين ووزراء دفاع وخارجية كتبوا يومياتهم، أفكارهم، وصراعات الشخصيات والأفكار التي عاصروها. ليس هذا وحسب بل إن تلك المذكرات تكتسب أهمية لكونها الأولى التي تروي جانبا من جوانب نظام مبارك وماله وما عليه فيما يتعلق بملفات السياسة الخارجية المصرية التي قيل عنها الكثير في السنوات الماضية.

تأخذك فصول الكتاب الثلاثة عشر، ومقدمته لتتعرف على الكثير من ملامح السياسة الخارجية المصرية دون إهمال لملف على حساب الآخر. فتارة يحدثك عن أسلوب الدولة المصرية في إدارة تلك الملفات وكيف أنها ومنذ قيام الجمهورية في عام 1952، صارت في يد رئيس الجمهورية وما وزير الخارجية إلا مجرد منفذ لها حسب أسلوبه والتحديات التي تواجهه. وتارة أخرى يحدثك عن العلاقات المصرية الأميركية وكيف حكمها العصا والجزرة طيلة الوقت والرغبة في جعل مصر إحدى أدوات الدولة العظمى في المنطقة باستخدام عصا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان داخل مصر، واستغلال رغبة الرئيس السابق في توريث ابنه الحكم. وأخرى يحدثك عن العلاقات الأفريقية وكيف كانت مهمة لمبارك، ولكن ضعف الإمكانات الاقتصادية والهاجس الأمني لديه وكبر سنه جعلاه متباعدا. وأخرى يحدثك فيها عن القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل وما تحملته مصر في ظل تلك المسؤولية التاريخية. تختلف مع أبو الغيط أو تتفق معه، تصدق رؤيته للأحداث أو ترفضها، هذا أمر عائد إليك. ولكن تبقى الحقيقة أنه يروي لك جزءا مهما من أحداث لم نعش ما جرى خلف الكواليس فيها، وهو ما يفسر لك بعض الأمور التي عجزت عن فهمها حينما رأيتها أمامك. ومن هنا تأتي أهمية الكتاب الذي نعرض لك اليوم في «الشرق الأوسط» بعضا من صفحاته.

ترصد في كتاب «شهادتي» تركيز أبو الغيط على شخصية رئيس جهاز المخابرات العامة الراحل، اللواء عمر سليمان الذي يقول عنه إنه بات ذا تأثير واضح في عملية اتخاذ القرار في مصر منذ عام 1992 وتزايد تأثيره بعد فشل محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا في عام 1995. ويروي في الكتاب أنه ومنذ توليه مهام وزارة الخارجية في يوليو (تموز) 2004 أدرك دور سليمان في عملية صناعة القرار وقيادة الأمور في الكثير من ملفات الخارجية المصرية. وبخاصة فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأميركية وملف مياه النيل وبالطبع ملف القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل. وهو ما يعبر عنه أبو الغيط قائلا: «أدى خوض المخابرات المركزية الأميركية وتكليفها بعملية تنظيم العلاقة بين العناصر الأمنية للسلطة الفلسطينية وإسرائيل فور نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إلى دور كبير مساعد أيضا للمخابرات العامة المصرية، ومن ثم تنامي علاقة عمر سليمان مع (تيننت)، رئيس المخابرات المركزية وكل من خلفوه، وأدى ذلك إلى تعزيز إضافي لوضعية عمر سليمان شخصيا مع الأميركيين وامتدادها بالتالي إلى وزراء الخارجية الأميركيين الذين لهم ملف القضية الفلسطينية».

يفسر أبو الغيط في كتابه جزئية مهمة كثيرا ما أثارت التساؤلات وطرحت تحليلات من قبل السياسيين في عهد مبارك، وهي تراجع الوجود المصري في المحافل الدولية ممثلا في شخص الرئيس. وهو ما يبرره أبو الغيط بالقول: «كان الهاجس الأمني والملل الرئاسي وتقدم السن أقوى من أي محاولات لإعادة الرئيس لقلب الأحداث. كنت أتابع وبإحباط كبير غياب الرئيس عن المشاركة في أي من القمم الكبرى التي كانت تعقد كل عام على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة كل سبتمبر (أيلول)، وتوقفه عن المشاركة في أي من القمم الأفريقية منذ محاولة الاغتيال في أديس أبابا في عام 95، الأمر الذي كان له تأثيره على الصورة العامة لاهتمام مصر بأفريقيا لدى الكثير من القادة الأفارقة. كان العالم يتغير وتنشأ به تحالفات وتجمعات وكيانات، وغابت مصر عنها بإرادتها على الرغم من دعوات المشاركة التي تلقيناها». وعلى الرغم من غياب مبارك عن الساحات الدولية والإقليمية، إلا أن أبو الغيط يؤكد أنه اعتمد على دعم التحرك في الإطار العربي معتمدا على المحور المصري الخليجي مع التركيز الشديد على السعودية كقوة رئيسية بالخليج، والاهتمام بالإمارات والكويت والبحرين. في الوقت ذاته الذي حافظت فيه مصر على علاقة نشطة مع سوريا لأهمية تأثيرها في سياسات المشرق، مع التشكك في المنطلقات السورية وأهدافها حتى تنحي مبارك. وكذلك الاقتراب من الأردن كلما تعقدت العلاقة مع الجانب السوري كما اتضح منذ الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في عام 2006. أما السودان فعلى الرغم من فتور العلاقة وتوترها مع رئيسها البشير، فإن مبارك كان كثيرا ما يتناول أهمية السودان مع مصر، وكيف أنها تمثل لنا عمق الوادي. ويبقى لليبيا وزعيمها معمر القذافي وضع خاص لدى مبارك؛ حيث كان يؤمن باستراتيجية العلاقة والمصالح الاقتصادية بين البلدين على الرغم من ما كان يتحمله من القذافي كما يروي أبو الغيط في سطور كتابه. ومنها على سبيل المثال انتقادات القذافي لمبارك وللسياسة المصرية ومواقفها وعلاقاتها مع أوروبا والخليج.. إلى الحد التي كانت تصل فيه تلك الانتقادات لإحراج مبارك بقسوة. وهو ما كان يدفع أبو الغيط وعمر سليمان للتصدي له بحكمة وهدوء وحزم في الوقت نفسه. ويحكي أبو الغيط قائلا: «كان الرئيس يطالبنا بالصبر على القذافي ويقول لنا، إن القذافي واع جدا ومحنك.. كما أن خبثه عميق.. وأن من الضروري أن نتعايش معه حفاظا على مصالح كثيرة لنا مع ليبيا.. إلا أنه من المهم ألا نسمح له بتعقيد علاقاتنا مع السعودية أو بقية دول الخليج».

فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأميركية، يتناول أبو الغيط حالة الصعود والهبوط التي شابت علاقة مبارك بجميع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية، بدءا من توترها في عهد رونالد ريغان بعد حادثة السفينة «أكيلي لاورو» التي وقعت عام 1985 حين اختطف أربعة فلسطينيين إحدى السفن السياحية وقتلوا أحد السائحين الأميركيين اليهود عليها وبعد تفاوض معهم، سمحت لهم السلطات المصرية بالسفر على طائرة حملت معهم القيادي الفلسطيني أبو العباس إلى تونس؛ حيث أجبرتهم المقاتلة الأميركية على الهبوط في مطار صقلية واعتقلتهم ما عدا أبو العباس الذي نجح في الهرب هو ومساعده إلى بلغراد. ثم تحسنها مع بداية تولي جورج بوش الأب وكذلك في عهد كلينتون، وكيف تدهورت على الرغم من الدور المصري في الكثير من القضايا في عهد جورج بوش الابن مع رغبة الولايات المتحدة في دفع مصر في حروبها في أفغانستان والعراق، وهو ما رفضته مصر على الرغم من الضغوط الأميركية. ثم انفراجها قليلا في عهد باراك أوباما. وهو ما يقول عنه أبو الغيط: «بدأ الضغط بطلب أميركي من مصر المشاركة في ائتلاف القوى المحاربة معهم في أفغانستان وهو ما رفضته مصر التي لم تستطع إرسال قواتها لأرض إسلامية للقتال في صفوف قوى غربية أو أطلسية. كما قررت إرسال مستشفى ميداني ضخم إلى قاعدة بغرام الجوية الأطلسية لعلاج أبناء الشعب الأفغاني. ثم تكرر الأمر مع غزو العراق فطلبت الولايات المتحدة من مصر، إرسال قوات مصرية للقتال أو العمل على تأمين الاستقرار في العراق. وهو ما رفضته مصر بشكل قاطع».

يواصل أبو الغيط توضيح شكل العلاقة المصرية الأميركية في ظل تزايد الحديث عن توريث الحكم في مصر منذ بداية الألفية، وهو ما يقول عنه: «كان قرارا أميركيا مدبرا وموقفا استراتيجيا تجاه مبارك ونظام حكمه ابتداء من بدء فترة الإدارة الثانية للرئيس بوش وكأن الصفقة المعروضة هي: عليكم بإرسال قوات وحزم أمركم في الوقوف معنا في حروبنا، وسوف ننظر فيما يمكن لنا التفاهم فيه معكم بالنسبة لمسائل تشغلنا تجاهكم، الديمقراطية، حقوق الإنسان، المجتمع المدني المصري، حق جمعياتنا غير الحكومية أن تعمل على أرضكم».

تبقى قضية المنظمات الأميركية الأهلية غير الحكومية على الأرض المصرية، كالمعهد الجمهوري، والمعهد الديمقراطي، وفريدوم هاوس وغيرها، مثيرة للجدل. فتلك المنظمات تعلن أنها تمارس عملها في تدريب عناصر مصرية وهيئات وجمعيات غير حكومية مصرية. ولكن الغريب هو ما يرويه أبو الغيط عن إلحاح الولايات المتحدة في منح التراخيص لتلك الجمعيات، والأغرب رفض مبارك القيام بذلك بشكل رسمي، تاركا مصير تلك الهيئات معلقا في يده بمفرده. وكأنه كان يمنح نفسه أوراق ضغط تظل بيده لاستخدامها بين الحين والآخر مع الأميركيين. وبخاصة بعد قرار الأميركيين في عام 2005 وما تلاه من أعوام، إنفاق 25 مليون دولار سنويا من المعونة الأميركية الاقتصادية لمصر على عمليات هذه المنظمات والمراكز في تعاونها مع المنظمات غير الحكومية المصرية، ثم زاد هذا المبلغ لنحو 50 مليون دولار أي ما يعادل 250 مليون جنيه وقتها! ينتقل أحمد أبو الغيط في جزء آخر من الكتاب للحديث عن خريطة العالم العربي وأزماتها وعلاقاتها بالغرب وعلى الأخص الولايات المتحدة الأميركية، عند توليه مسؤولية وزارة الخارجية المصرية في عام 2004. محددا معالم تلك الخريطة بتوقف عمليات السلام بعد الصدام الإسرائيلي الفلسطيني عقب اندلاع الانتفاضة الثانية، وتصاعد الإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وما صحب ذلك من نتائج. كذلك وضع العراق تحت الاحتلال الأميركي وبدء بوادر حرب أهلية واندلاع أحداث عنف مزقت هذا البلد العربي. والوضع المتأزم لسوريا أمام التهديد الأميركي لها واتهامات الولايات المتحدة لها بالتدخل في العراق وتسهيل مرور عناصر عربية وإسلامية عبر أراضيها للمشاركة في المقاومة ضد الأميركيين. وانقلاب الأوضاع في السودان بسبب أزمة دارفور من جانب والخلاف بين الجنوب والشمال من جانب آخر. كل هذا في ظل تصاعد التهديدات الإيرانية للبحرين والإمارات بعد سقوط العراق. بينما اليمن يئن تحت وطأة التوتر والانقسام الداخلي مع ظهور تنظيم القاعدة على أراضيه، بشكل يفتح الباب للمزيد من التدخلات الأجنبية في أراضيه بما له من انعكاسات على شبه الجزيرة العربية. وأخيرا الصومال التي انقسمت وبات من المستحيل تصور استعادة وحدته. وفي إطار تلك الملامح العامة للوضع العربي، أدرك أبو الغيط أهمية التنسيق مع وزراء الخارجية العرب. وهو ما يقول عنه: «قدرت منذ البداية أن من الأهمية بمكان الإبقاء على محور القاهرة - دمشق - الرياض، وتأمين التنسيق الدائم مع كل من فاروق الشرع، وزير خارجية سوريا، والأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية».

يشير أبو الغيط في كتابه للقرار الأممي رقم 1559 ضد سوريا والخاص بالوضع في لبنان، وتحذير مصر لسوريا من مغبة تجاهل الوضع ومتطلبات القرار 1559، سواء الانسحاب من لبنان أو تناول موضوع سلاح حزب الله. ومحاولات مبارك توجيه النصح لبشار الأسد لتجنب أي تعقيدات سياسية بالمنطقة. وهو ما يقول عنه أبو الغيط في كتابه «شهادتي»: «سافر مبارك عام 2005 للعاصمة السورية مستهدفا حث الرئيس السوري على التحرك من أجل تنفيذ القرار 1559 الخاص بلبنان. كان مبارك يتحدث بأسلوب رقيق ومتعاطف مع الرئيس السوري الذي بادله المشاعر ووصل الأمر إلى أنه نصح الأسد، بأهمية تنحية بعض كبار معاونيه الذين اعتقد الرئيس أنهم يسببون مشاكل له مع الدول الغربية، وحدد مبارك أحدهم بالاسم.. وهو فاروق الشرع... الذي كان مبارك لا يستسيغه.. وجاء رد الأسد أنه يتمسك بالشرع بسبب ولائه الشديد لأبيه وله.. ومع تطور الأحداث في لبنان أخذت المواقف المصرية وتحالفاتها تتغير في لبنان، ولم تعد مصر تهتم كثيرا بالدفاع عن رؤية سوريا». وقد زاد من التوتر في العلاقات المصرية السورية، الإحساس المصري السعودي بلهجة التعالي التي كان يتحدث بها الرئيس بشار الأسد مع زعماء الدول العربية وتوجيهه الانتقادات لهم. بالإضافة لمواقف سوريا في رعاية التوجهات الإيرانية التي كانت تسعى لتهديد دول الخليج.

يشير أبو الغيط كثيرا عبر أجزاء متفرقة من كتابه لأهمية العلاقات المصرية الخليجية، مؤكدا أنها تأتي في مقدمتها العلاقة المصرية السعودية. وكيف كان مبارك يحمل الكثير من المشاعر الطيبة والاحترام لجميع قادة تلك الدول.

على الجانب الآخر يشير أبو الغيط في كتابه «شهادتي» إلى علم الإدارة المصرية بدعم القذافي للحوثيين بشمال اليمن بتقديم التمويل والسلاح لخلق بؤرة توتر على حدود السعودية من الجنوب، وكيف وصل الأمر بالقذافي، في إطار محاولته إضعاف التأثير السعودي في مسائل إمدادات النفط لكل من الهند والصين، أن عرض على مصر الموافقة على بناء خط أنابيب نفط بين طرابلس وبورسودان يمر في الأراضي المصرية، وهو ما ارتأته مصر ضربا من الخيال، فرفضته. ولكن القذافي استمر في اللعب مع حركات التمرد في اليمن ودارفور لكي يبقي على تأثيره على السودان، كما يقول أبو الغيط في كتابه.

يأخذك أبو الغيط للحديث عن العراق، وكيف بات مسرحا مفتوحا لوجود أكثر من طرف. فيقول: «كان الأتراك يتحركون بقوة على الأرض في العراق، ويستفيدون وشركاتهم من وجودهم عبر الحدود، كما أن إيران أخذت تتغلغل وتنتشر على المسرح العراقي.

وقدرت من جانبي أن تعاوننا مع الأتراك والأميركيين والسعودية قد يوفر لنا فرصا في تحقيق وضعية مصرية ذات تأثير في علاقاتنا السياسية والاقتصادية مع العراق وكذلك مع الإقليم الكردي الذي استشعرت، من خلال زيارتين له، أنه ينمو ويتحرك اقتصاديا بشكل ملحوظ.. ثم طرح العراقيون موقفا أدى إلى توقف كل هذا الجهد.. إذ طلبوا أن نتنازل عن ديون القطاع الخاص المصري.. وديونهم للقوات المسلحة المصرية، مقابل قبولهم سداد ديون الشركات الحكومية.. واستشعرت أنه يصعب على أي مسؤول مصري أن يوافق على المقترح العراقي.. وتوقف الأمر».

ومن العراق لإيران وملفها النووي، يتحدث أبو الغيط على موقف مصر الصارم فيما يتعلق بقضية الانتشار النووي وحرصها على بذل الجهد لإعلان منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل واضعة نصب أعينها إيران وإسرائيل معا. في الوقت الذي كانت دول الخليج تركز كل جهودها على إيران بمفردها. وهو ما يقول عنه: «كان بعض أشقائنا بالخليج، يعطون اهتماما للملف النووي الإيراني بما يفوق النظرة إلى الملف النووي الإسرائيلي أو الوضع العام في الشرق الأوسط.. ومن ناحيتنا صممنا على عدم الفصل بين أمن الخليج والشرق الأوسط في شموليته، فيما يتعلق بمسائل نزع السلاح النووي وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.. واطلع في يوليو 2007 على حديث لشخصية سورية ذات حيثية مع سفيرنا بدمشق ينتقد فيها مواقفنا من الملف النووي الإيراني وتصميمنا على المطالبة بإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.. ويقول لنا إن إيران تطور فعلا قدرة نووية عسكرية.. وهذا لصالح التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل ولا ضرر على العرب.. ولم يهتم هذا المصدر السوري أن يدقق في أن هذا الجهد الإيراني لا يعني سوى أن إيران ستكون قادرة نوويا وأن سلاحها النووي، مثله في ذلك مثل السلاح النووي الباكستاني سيخدم فقط مصالح إيرانية وباكستانية وليست عربية أو إسلامية. كانت مصر ترفض ازدواجية المعايير التي تحكم مواقف القوى الغربية تجاه هذا الملف النووي، وكنا نطالب بمعاملة إسرائيل نفس معاملة إيران وغيرها.

* الحلقة المقبلة «إسرائيل.. الملف الفلسطيني.. وفشل التسوية»