تونس: 1500 بحار يحاولون الهجرة جماعيا نحو إيطاليا

أعادتهم وعود حكومية ورداءة الأحوال الجوية

TT

نفذ نحو 1500 بحار تونسي هجرة جماعية نحو جزيرة لمبدوزا الإيطالية على متن 151 قارب صيد، وانطلق البحارة بالفعل مع حدود الساعة العاشرة من صباح أول من أمس (الاثنين) ليعودوا أدراجهم مساء نفس اليوم لأسباب كثيرة فسرها البعض بوصول وعود حكومية وتطمينات بالتدخل العاجل لحل الإشكال، وكذلك برداءة الأحوال الجوية وخطورة الرحلة على النساء والأطفال. ويشتكي بحارة منطقة «القراطن» منذ عقد التسعينات من القرن الماضي من تواصل الصيد العشوائي في تلك المناطق ما أثر حسب رأيهم على عائدات العائلات من الأسماك بما يهدد موارد رزقهم في المستقبل دون تدخل حازم من السلطات التونسية.

وفي هذا السياق، صرح علي شعور رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بصفاقس لـ«الشرق الأوسط» بأن معضلة الصيد عن كريق الكيس لا يمكن حلها دون إرادة سياسي قوية. وقال إن ميناء «القراطن» المتضرر من تأثيرات الصيد العشوائي، كان في السابق ينتج قرابة 20 طنا من الأسماك يوميا وأن الصيد بـ«الكيس» وما يعرف لدى البحارة بالصيد عن طريق «الكركارة» قضى على جزء كبير من الثروة البحرية ولم يعد الإنتاج اليومي يتجاوز حدود 500 كلغ.

وقال شعور إن حماية المنطقة الشرقية من جزيرة جربة من الصيد الجائر يعتبر حماية لمحضنة سمكية تونسية بأكملها فهي أماكن تكاثر ومبيض جل أنواع الأسماك التي تعيش في البحر المتوسط. وكان بحارة منطقة «القراطن» قد نفذوا إضرابا في الميناء من 12 حتى 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وعقدت جلسة يوم 19 من نفس الشهر بمقر الولاية، وقدمت وعودا للبحارة بمنع أكثر من 500 بحار يعتمدون على الصيد بالكيس من الصيد في المنطقة إلا أن الصيد العشوائي تواصل بنفس النسق على حد تعبير معظم البحارة وهو ما دفعهم إلى تنفيذ الهجرة الجماعية نحو جزيرة لمبدوزا الإيطالية.

ووعدت وزارة الفلاحة التونسية بعقد جلسة تفاوضية جديدة بتاريخ 31 ديسمبر الماضي، إلا أن البحارة رفضوا الحضور على حد تصريحات محلية أدلت بها السلطات الجهوية وقالت إنهم أصروا على «اللجوء إلى أشكال أخرى للضغط رغم التزامهم ضمن محضر جلسة ماضية بالحوار كسبيل أساسية لحل المشكلات العالقة».

وعبرت ولاية صفاقس (350 كلم جنوب العاصمة التونسية) عن استغرابها مما سمته «مزايدات بمشاغل البحارة في جزيرة قرقنة والدخول في تجاذبات لا تساعد على إيجاد حلول جذرية لإشكالية بحارة منطقة (القراطن) التابعة لجزيرة قرقنة».

وكان البحارة قد وجهوا يوم السبت الماضي بدورهم، وعن طريق سفير إيطاليا لدى تونس، رسالة إلى رئيس الحكومة الإيطالية فسروا من خلالها أسباب تلك الهجرة الجماعية وقالوا إن ظاهرة الصيد العشوائي تعود إلى سنة 1996 وإنهم طالبوا الحكومات المتتالية بالتدخل، إلا أن الأمر تواصل دون حلول تذكر وطلبوا في رسالتهم من رئيس الحكومة الإيطالية السماح لهم بمواصلة ممارسة مهنة الصيد البحري التي يتقنونها وراثة عن الأجداد إلى حين استجابة السلطات التونسية لمطلبهم. ولم ينسوا أن يعبروا عن حبهم لتونس فقالوا في رسالتهم: «نحب تونس.. نرفض الجوع.. ونطلب الصيد في مياهكم».

إلى ذلك، يشرع المجلس التأسيسي (البرلمان) بداية من اليوم في أولى جلسات النظر في مسودة الدستور التونسي ومن المنتظر طرح المبادئ العامة للمناقشة. وكان المجلس قد ناقش أول باب في الدستور يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قد وجه اهتمامه للمصادقة على مجموعة من القوانين أهمها مشروع قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبل أن يعود للنظر في المسودة القانية للدستور.

وفي هذا السياق، صرح الحبيب خضر المقرر العام للدستور لـ«الشرق الأوسط» بأن المجلس التأسيسي قد يتمكن من المصادقة على الدستور بأغلبية الثلثين منذ القراءة الأولى وأن الصياغة النهائية للدستور التونسي الجديد قد تكون جاهزة خلال الربيع المقبل دون أن يحدد تاريخا نهائيا لذلك.

وحول ما تم التوصل إليه من أفكار من خلال الحوار الوطني الذي أقره المجلس التأسيسي حول الدستور مع الفئات الشابة في مختلف جهات تونس، قال خضر إن حلقات الحوار لا تهدف إلى إطلاع التونسيين على نص الدستور الجديد بعد، بل تهدف إلى جمع أفكار تسهم في تحسين النص المقترح وتدارك ما يمكن تداركه قبل الصياغة النهائية للدستور وعرضها على المصادقة. وأضاف خضر أن النقاشات على مستوى الجهات التونسية قد تناولت بالخصوص مدنية الدولة والحقوق الاجتماعية والسياسية إلى جانب ضمان الحريات الفردية والجماعية.

يذكر أن المجلس التأسيسي التونسي قد أقر سلسلة من اللقاءات الجهوية حول الدستور الجديد انطلقت يوم 23 ديسمبر الماضي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية ليشمل كافة الولايات (المحافظات) التونسية وذلك بحساب ست ولايات في الأسبوع لتنتهي الحوارات يوم 13 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ولا تزال كثير الفصول المضمنة في المسودة الثانية للدستور محل خلاف بين الأطياف السياسية التونسية من بينها على وجه الخصوص الصلاحيات الممنوحة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلى جانب توزيع الصلاحيات بين السلطات الدستورية الثلاث.