بارزاني يحذر: العلاقة بين مكونات الشعب العراقي تتجه نحو التفكك

قيادي كردي: خياران أمام المالكي.. إما التراجع وإما المضي بالبلاد إلى الهاوية

مسعود بارزاني
TT

انضم الزعيم الكردي مسعود بارزاني إلى جهود قادة الكتل والمكونات العراقية الأخرى التي تحذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من تداعيات الأزمات التي يخلقها على النسيج الاجتماعي العراقي.

ففي رسالة وجهها بارزاني، رئيس إقليم كردستان، بمناسبة حلول العام الجديد إلى شعب العراق، قال: «اليوم للأسف ونحن نتهيأ لاستقبال العام الميلادي الجديد، نرى أن العراق يمر بأزمة خطيرة، وتكاد العلاقة بين مكوناته أن تتجه نحو التفكك والتصدع، وهذا ما يدعو القيادات السياسية إلى أن يكونوا عند مستوى مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية، وأن يتعاملوا مع الوضع بمنتهى الحكمة والدراية، وأن يضعوا المصالح العليا للشعب العراقي قبل المصالح الشخصية والحزبية والطائفية، وأن يتخذوا من الدستور العراقي حكما ونقطة التقاء، بعيدا عن التهديد والتسلط».

من جهته دعا رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي (زعيم سني) الحكومة التي يرأسها المالكي إلى التخلي عن انتهاج سياسة التفرد بالحكم»، مشيرا في مؤتمر صحافي عقده بمدينة الموصل إلى أن تنظيم المظاهرات «يدل على أن الحكومة حادت عن طريق الديمقراطية، وأنها تتجه بمسار خاطئ». وفي الإطار ذاته كان للتركمان حضورهم أيضا داخل المشهد الحالي، حيث أعلنت الجبهة التركمانية رفضها الكامل لتصريحات نوري المالكي باتهام تركيا بالسعي نحو تقسيم العراق عبر إرضاء التركمان بالانضمام إلى إقليم كردستان. وقالت الجبهة في بيان عقب اجتماع عاجل عقد في كركوك إن «تركمان العراقي هم جزء من العراق، وإنهم متمسكون بمحافظتهم وبهويتها العراقية ولن يفرطوا بها». وفي السياق ذاته أكد نائب بالبرلمان العراقي أن سنة 2012 «كانت في العراق سنة الأزمات، بدأت بتصعيد الأزمة السياسية مع الأطراف العراقية وما نتج عنها من مسألة سحب الثقة من المالكي، ثم ملاحقة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي وإصدار حكم إعدامه، ثم التحشيدات العسكرية في المناطق المتنازع عليها التي كادت أن تصل إلى حدوث حرب أهلية، ومسك ختامها كانت ملاحقة وزير المالية رافع العيساوي وما نتج عنها من مظاهرات في المدن السنية». وقال نجيب عبد الله رئيس كتلة الاتحاد الإسلامي في مجلس النواب العراقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا نظرنا إلى المشهد العراقي خلال السنة الماضية نجد أن هناك بالتأكيد أزمة سياسية عميقة بين الكتل والمكونات الأساسية بالعراق، أضف إليها أزمة إدارة الحكم من حيث استمرار وتيرة الفساد بالارتفاع كل يوم، آخرها انكشاف فضحية صفقة الأسلحة الروسية، وافتقاد المواطن العراقي للخدمات الأساسية، بدليل أن بغداد وهي العاصمة كانت على وشك الغرق بسيول الأمطار، هذا ناهيك بالوضع الأمني الهش، وشغور الكثير من الوزارات والمناصب الأمنية الحساسة بالدولة، كل هذه الأمور مجتمعة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المالكي حاد عن النهج الديمقراطي، وعن تحمل مسؤولياته القانونية والدستورية بإدارة شؤون البلاد».

واستطرد النائب: «إن المالكي باعتباره يمتلك أكبر الصلاحيات في الدولة، يتحمل بالتالي حصة الأسد والجزء الأكبر من المسؤولية، ومن الواضح أن السياسات الانفرادية ونهجه التسلطي أوصلت العراق إلى حافة الهاوية، فإذا استمر في العام القادم على نفس النهج الذي اختطه لنفسه خلال العام المنصرم فإنه سيوصل العراق بذلك إلى نقطة اللاعودة، فلم تعد المهدئات والمسكنات تجدي نفعا في تهدئة الأزمة السياسية، مما يفتح الباب أمام جميع السيناريوهات، خصوصا أن المنطقة برمتها مشتعلة حاليا، والأبواب مفتوحة فيها على جميع أنواع المفاجآت».

وأشار النائب الكردي إلى أن «أصل المشكلة يكمن في إصرار المالكي على إقصاء الآخرين من صنع القرار، ولذلك تكون كل قراراته خاطئة، فالشراكة الوطنية الحقيقية معدومة بسبب موقف المالكي من تهميش الآخرين، والشراكة الحالية الموجودة بحكم العراق هي شراكة مصطنعة غير فاعلة، لأن الشراكة لا تعني مجرد ملء بعض الوزارات الشاغرة، بل تعني إشراك الجميع كتلا ووزارات في صنع القرار، وهذا أمر معدوم في الوضع الحالي، وعليه فأنا أعتقد أنه لم يعد أمام المالكي سوى خيارين لا ثالث لهما، إما التراجع عن جميع هذه المواقف المتشددة والمتعنتة تجاه الآخرين والعمل على تحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية، وإما المضي بالعراق إلى الهاوية، لكن عليه أن يدرك أن الوضع قد تغير وفي السنة القادمة لن يكون في مصلحته، لأن الأزمة مع إقليم كردستان مستمرة، وأن الصراع المتجدد مع السنّة وصل إلى حد العصيان المدني والمظاهرات الصاخبة، والموقف الشيعي وخصوصا من التيار الصدري آخذ بالتصاعد بدوره، لذلك عليه مراجعة الموقف وإلا فهو الخاسر في المحصلة، لأن زمن التفرد والتهميش والديكتاتوريات قد ولى، وعليه أن يستوعب هذه الحقيقة جيدا».