مساعد الرئيس مرسي ينشق رسميا عن «النور» ويدشن حزبا سلفيا جديدا

أعلن تحالفه مع «أبو إسماعيل».. ومراقبون اعتبروه بداية لانقسامات بين الإسلاميين

الشيخ عماد عبد الغفور
TT

في خطوة أثارت مخاوف القوى الإسلامية على مستقبلهم السياسي في مصر، أعلن الدكتور عماد عبد الغفور مساعد الرئيس المصري للتواصل المجتمعي، ورئيس حزب النور، أكبر الأحزاب السلفية، انشقاقه رسميا أمس عن الحزب، وتدشين حزب سلفي جديد تحت اسم «الوطن».

وقال مراقبون ينتمون إلى تيار الإسلام السياسي، لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الانقسام في صفوف حزب السلفيين الرئيسي، صاحب الأغلبية الثانية في آخر انتخابات برلمانية جرت بعد الثورة، سوف يشكل نواة وبداية لمزيد من الانشقاقات في صفوف أحزاب إسلامية أخرى، مما قد يؤثر على قوة الإسلاميين ووحدتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المتوقع إجراؤها في غضون شهرين.

وصعد الإسلاميون بقوة في الانتخابات البرلمانية الماضية، وفاز حزب النور بنحو ربع مقاعد البرلمان السابق. لكن سرعان ما تصدعت صفوفه باستقالة عدد كبير من أعضائه البارزين بسبب خلافات بين قيادات الحزب وجماعة «الدعوة السلفية»، الكيان الدعوي المنبثق عنه الحزب.

وتخشى «الدعوة السلفية»، من أن تؤثر هذه الانقسامات والخلافات على مستقبل الحزب، الذي لم يمر على إنشائه عامان، بأن ينفض السلفيون عنها. وقال بيان رسمي لها أول من أمس إن «حزب النور هو الذراع السياسي الوحيد للدعوة السلفية»، مطالبة جميع أبنائها بالاشتراك فيه «من أجل دعمه في حملته الانتخابية».

لكن الدكتور عماد عبد الغفور، أكد أن حزبه الجديد، الذي يشكل أعضاء حزب النور المستقيلون نواته الأساسية، سوف ينافس بقوة في الحياة السياسية المصرية، وسيسعى إلى تحالف قوي مع كل القوى الإسلامية الفاعلة على الساحة في الانتخابات المقبلة، وعلى رأسها حركة المرشح الرئاسي المستبعد الداعية السلفي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل.

وعقد عبد الغفور مؤتمرا صحافيا أمس بمشاركة أبو إسماعيل، في مقر قاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر، بحضور كثيف من القوى الإسلامية وقيادات التيار السلفي، يحيطهم شعار الحزب الجديد، المكون من «سنبلة» بألوان علم مصر الثلاثة، وخلفية خضراء.

وقالت مصادر داخل حزب «الوطن»، الذي سيبدأ جمع توكيلاته ليتم تأسيسه رسميا، إن التحالف مع أبو إسماعيل سيكون انتخابيا، وسينضم بعض الأحزاب والقوى الإسلامية الأخرى، على أن يخوض هذا التحالف الجديد انتخابات مجلس النواب المقبل، وينافس على كل المقاعد.

ورفض عبد الغفور أمس الحديث عن أسباب استقالته وتركه رئاسة «النور»، مطالبا بفتح صفحة جديدة وطي الحديث عما جرى، مضيفا أن كثيرين يتشدقون بالشعارات وأن كثيرين يتكلمون عن العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والشريعة الإسلامية، «لكن لا أحد يعمل من أجل تحقيق ذلك»، مؤكدا أن هدف حزبه الجديد هو بناء كيان سياسي «يصل لجميع أطراف الوطن وأعناق الشعب.. يشعر بدقات قلب الفقير والمحروم.. رفعة الوطن ووضع أيدينا في أيدي أولاد الوطن جميعا لهذه الغاية»، وتابع: «نتمنى أن يكون (الوطن) الإضافة الطيبة في السنة الجديدة والحسنة الكاملة للعمل السياسي في مصر للنهضة الاقتصادية والإصلاح الاجتماعي في البلاد، نقيم وجهنا لإصلاح الوطن وبناء المجتمع».

من جانبه، قال الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المرشح المستبعد من الانتخابات الرئاسية، في كلمته بمؤتمر تأسيس حزب «الوطن» أمس، إن ما حدث داخل حزب النور أمر طبيعي، لأنه في أعقاب أي ثورات تحدث زلزلة تؤدي دائما إلى اندماجات وتحالفات وإلى الانشقاقات، على حد قوله.

في المقابل، أكد نزار غراب، عضو البرلمان السابق، وأحد الأعضاء المستقيلين من حزب النور، إن «(النور) لم يكن معبرا حقيقيا عن كتلة واحدة للإسلاميين، ولا يستطيع أن يعبر عنها وحده»، مشيرا إلى أنه ما كان سيحقق ما حققه في الفترة السابقة من نجاحات سياسية لولا وجود عدد من التيارات السلفية المتنوعة والمختلفة مع نهج الدعوة السلفية.

وأضاف غراب أن «النور» السلفي قام على أساس تجميعي من كل التيارات الإسلامية، لكن هو بحد ذاته ليس لديه أي وجود جماهيري أو شعبي، وأن الحديث عن انتشاره في الشارع غير حقيقي، منوها بأن الخلافات داخل الأحزاب الإسلامية، هي مثل كل الخلافات بين باقي الأحزاب، فهي سنة بشرية، لكن الأزمة تقع في أداء الإسلاميين بين الجماهير وانعكاس سياستهم الاقتصادية والسياسية والأمنية على الشارع، مشيرا إلى أنه من واقع توليهم للسلطة خلال الفترة الماضية، فإن أدائهم السياسي لم يكن موفقا، بما سيؤثر سلبيا بنسبة ما على فرصهم في الانتخابية المقبلة.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور ناجح إبراهيم القيادي بالجماعة الإسلامية، إن التدخل السافر للدعوة السلفية في شؤون حزب النور والخلط بين العمل الدعوي الثابت والعمل الحزبي المتغير، هو ما أدى لهذه الانشقاقات، مشيرا إلى أن «الدعاة إذا ما خرجوا من المسجد إلى السياسية، فإن جزءا من القداسة ينخلع عنهم، كما أنه ومع انخراطهم في العمل السياسي، فإن أجواء هذا العمل السياسي وأمراضه تبدأ في غزو هذه الأحزاب الإسلامية بالتدريج، ومن أهم هذه الأمراض هو الانشقاق الداخلي».

وتوقع إبراهيم، وهو منظر في الجماعة الإسلامية، أن يكون هذا الانقسام بداية لانشقاقات أخرى في الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، خاصة الأحزاب التي ليست لديها قوة تنظيمية على الأرض، منوها بأن ما حدث لحزب النور سوف يضعف فرصه بالتأكيد في الانتخابات البرلمانية المقبلة، خاصة إذا ما تنافس الإسلاميون على المقاعد نفسها، «فإنه سيكون عاملا في تمزيق قوتهم».