اليمن: البرلمان يستجوب وزيري الداخلية والدفاع بشأن الاغتيالات والانفلات الأمني

الجيش يستعد للانتقال إلى الهيكل الجديد.. وتسجيل 3 أحزاب سياسية

ضباط من الجيش والشرطة اليمنية في وقفة احتجاج أمام منزل الرئيس اليمني في صنعاء أمس للمطالبة بترقياتهم (رويترز)
TT

مثل، أمس، أمام مجلس النواب اليمني (البرلمان)، وزيرا الدفاع والداخلية لمساءلتهما بشأن الاختلالات الأمنية وسلسلة الاغتيالات التي تستهدف ضباط أجهزة الأمن والمخابرات والقوات المسلحة، في وقت يستعد فيه الجيش اليمني للانتقال إلى الهيكل الجديد بعد قرارات الهيكلة التي صدرت الشهر الماضي. فيما أحالت نيابة أمن الدولة عددا من ملفات القضايا الإرهابية إلى المحاكم الخاصة لبدء محاكمة المتهمين في تلك القضايا من عناصر تنظيم «القاعدة».

وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» إن جلسة البرلمان كانت ساخنة، خاصة أن الصحافيين منعوا من تغطيتها وجرى إخراجهم من القاعة، وأن أبرز الطروحات والمداخلات والتساؤلات التي قدمت تطرقت إلى صفقات الأسلحة وشحناتها التي تم ضبطها مؤخرا في أكثر من ميناء يمني. وذكرت المصادر أن بعض النواب وجهوا اتهامات إلى إيران وتركيا بالتورط في إقلاق الأمن، من خلال شحنات الأسلحة الإيرانية التي ترسل للحوثيين في شمال البلاد، ومن خلال الأسلحة تركية الصنع ورخيصة الثمن التي غزت الأسواق اليمنية.

وحسب المصادر البرلمانية اليمنية، فقد قدم اللواء عبد القادر قحطان، وزير الداخلية، استعراضا للأوضاع الأمنية الصعبة في البلاد والمصاعب التي تواجه وزارته في فرض الأمن، في ضوء ما تطرقت إليه لجنة الدفاع والأمن في البرلمان. وأكدت هذه المصادر أن الكثير من النواب لم يقتنعوا بما طرحه الوزير قحطان، خاصة أنه لم يقدم دليلا واحدا على تورط أي جهة في سلسلة الاغتيالات التي تشهدها البلاد والتي راح ضحيتها قرابة 74 ضابطا وجنديا في القوات المسلحة والأمن خلال عام 2012، غير أن مجلس النواب أكد، في توصياته، على ضرورة العمل من أجل الوصول إلى المتورطين في هذه الحوادث وتقديمهم إلى المحاكمة، حيث تركزت الانتقادات الموجهة إلى المؤسسة الأمنية حول عدم اعتقال أي متورط في تلك الاغتيالات. في حين أشارت مداخلات الوزير وبعض النواب إلى ضلوع تنظيم القاعدة في هذه الحوادث، غير أن أطروحات أخرى تطرقت إلى وجود أطراف سياسية في الساحة اليمنية تقف وراء موجة الاغتيالات والانفلات الأمني، مع مطالبات بتوجيه الاتهام لجهة بعينها وبالدلائل والقرائن «بعيدا عن التخمينات».

وحظيت قضية الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الأميركية من دون طيار بحق المشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة بحيز من النقاشات والانتقادات البرلمانية لحكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة، حيث جرى التأكيد على أن الكثير من تلك الضربات راح ضحيتها مواطنون أبرياء، إضافة إلى كونها تتم خارج إطار القانون المحلي أو الدولي.

من جانبه، قال النائب الدكتور عبد الباري دغيش، عضو كتلة الائتلاف البرلماني من أجل التغيير، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشكلة اليمن ليست في واشنطن أو طهران أو أنقرة أو الرياض، وإنما في صنعاء وفي عواصم المدن التي تشهد تلك الاغتيالات وتلك الخروقات الأمنية». وفي سياق الصراع السياسي تحت قبة البرلمان بين الأطراف السياسية المختلفة، أرجع الدكتور دغيش هذه الصراعات والاختلالات الأمنية إلى ذلك الصراع، حيث يعتقد أن «معظم الأطراف الفاعلة في الساحة اليمنية لم يصلوا إلى مرحلة الوفاق وتجسيد معاني ومفردات التسوية السياسية القائمة في ضوء المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة والقرارين الأمميين 2014 و2051، وإذا لم يتوصلوا إلى ذلك سيظل الطريق مفخخا بالألغام والمتفجرات».

وقلل النائب دغيش من أهمية الطروحات بشأن صفقات الأسلحة، وعن تدخلات الدول دائمة العضوية في الشأن اليمني «لأن المشكلة هي لدى اليمنيين، ويجب الاقتناع بأنه ما دامت الأطراف السياسية اقتنعت بالتسوية السياسية فيجب الوصول إلى قواسم مشتركة وتجسيدها على أرض الواقع، وما لم فإن البديل هو العنف والصراع». وحول النقاشات بشأن استخدام الدراجات النارية في عمليات الاغتيالات، قال دغيش لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة ليست في الدراجات وإنما «في غياب الدوريات الأمنية الراجلة أو بالدراجات حول وفي محيط المؤسسات المهمة والحيوية، حيث اغتيل ضابط كبير، الأسبوع الماضي، بجوار وزارة الدفاع، وقبل ذلك اختطف مسلحون 3 أجانب من قلب العاصمة صنعاء (ميدان التحرير)».

وفي سياق مشابه، قال رئيس الفريق المكلف بإعادة هيكلة الجيش اليمني، العميد الركن ناصر الحربي، إن فريقه ينتظر إصدار اللائحة التنظيمية للقوات المسلحة، التي تعدها دائرة الشؤون القانونية بوزارة الدفاع، لكي تبدأ عملية انتقال الجيش من الهيكل القديم إلى الهيكل الجديد. وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي أصدر قرارات نهاية العام الماضي 2012، بإعادة تقسيم تكوينات الجيش وتغيير بنيته القديمة. وأوضح الحربي، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الحكومية، أن «الهياكل التفصيلية للمكونات الرئيسية للجيش اليمني، وكل ما يتعلق بالانتقال من الهيكل القديم للقوات المسلحة إلى الهيكل الجديد، سيأتي مباشرة بعد إصدار اللائحة التنظيمية». وكانت اللجنة المكلفة بدراسة وتحليل ما تضمنته وثائق الندوة العسكرية الأولى لإعادة هيكلة القوات المسلحة والتي اعتمد على مخرجاتها هادي في قراراته الأخيرة، استعرضت مشروع السياسة الدفاعية والعقيدة القتالية، كما ستقوم اللجنة بمناقشة الوثيقة الخاصة بالاستراتيجية العسكرية.

إلى ذلك، أحالت النيابة الجزائية المتخصصة (أمن دولة) في صنعاء ملف قضية تفجير «ميدان السبعين» الانتحاري الذي وقع في 21 مايو (أيار) الماضي، في صنعاء، وأسفر عن مقتل 86 ضابطا وجنديا وإصابة أكثر من 170 آخرين، إلى المحكمة الجزائية المتخصصة (أمن الدولة). وحسب مصادر قضائية يمنية، فإن 10 أشخاص متهمين في القضية يعتقد في صلتهم بتنظيم القاعدة. وفي السياق ذاته، أحيل 6 من عناصر التنظيم إلى المحكمة ذاتها في قضيتين منفصلتين، إحداهما تتعلق بتفجير طائرة عسكرية طراز «أنتونوف» روسية الصنع داخل «قاعدة الديلمي» العسكرية في شمال صنعاء، والثانية تتعلق بتشكيل عصابة إرهابية مسلحة. وفي موضوع آخر، نفى الحوثيون وجود أي صفقة سياسية وراء تسلم رفات زعيمهم السابق، عبد الملك الحوثي، من قبل السلطات اليمنية، وقال مكتب عبد الملك الحوثي إن «الموضوع لم يكتمل بعد، وإننا ما زلنا نُجري عملية التأكد عبر فحص الـ(دي إن إيه)، وما زلنا في انتظار النتائج».

وفي شأن آخر، دخلت ثلاثة أحزاب جديدة إلى العملية السياسية في اليمن، ليرتفع عدد الأحزاب السياسية إلى أكثر من 32 حزبا. ووافقت لجنة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية المعنية بمنح الأحزاب الصفة الرسمية لمزاولة نشاطها، على تأسيس حزب التضامن الوطني، وحزب العمل، وحزب الوفاق الوطني، فيما رفضت اللجنة، طلبات خمسة أحزاب جديدة، لعدم استيفائها الشروط والإجراءات القانونية المنظمة لتأسيس الأحزاب.