ميقاتي ردا على السفير السوري: إدخال ملف النازحين دائرة التجاذب تجنٍ غير مقبول

مصادر أبو فاعور لـ «الشرق الأوسط»: سيرد برسالة رسمية على الاتهامات الموجهة لوزارته في وقت لاحق

TT

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، خلال ترؤسه أمس اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة بمتابعة شؤون النازحين السوريين، أن «الحكومة اللبنانية، بكل وزاراتها وأجهزتها، لم تميز في تعاطيها مع ملف النازحين السوريين بين معارض للنظام السوري أو موال له، بل تعاطت مع الملف من منطلق إنساني بحت، وبما تمليه الأصول والأعراف الإنسانية». وشدد، في رد مباشر على اتهامات السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي لوزارة الشؤون الاجتماعية بالتمييز بين النازحين السوريين، من دون أن يسميه، على أن «إدخال هذا الملف في دائرة التجاذب السياسي واستهداف أي وزارة أو جهة لبنانية رسمية يشكل تحاملا غير مبرر وتجنيا غير مقبول، من شأنه أن يترك انعكاسات سلبية على ملف النازحين».

وكان وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور قد أعلن أول من أمس أنه تسلم رسالة ثانية من السفير السوري عبر وزارة الخارجية اللبنانية، تتضمن المزيد من الاتهامات للوزارة بشأن تعاطيها في ملف النازحين السوريين إلى لبنان. واعتبر أن «السفير علي يتمادى في هذا، الأمر الذي لا يمكن أن يؤثر على عملنا مع النازحين لأنه عمل إنساني وأخلاقي ولا يمكن أن يتأثر بأجواء الشغب أو أجواء الإثارة التي يقوم بها البعض».

واتهم السفير السوري وزارة الشؤون الاجتماعية الأسبوع الفائت أنها تتعاطى بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين «وفق أجندات خاصة»، مما استدعى مسارعة أبو فاعور إلى عقد مؤتمر صحافي رد فيه على اتهامات علي، مؤكدا أنه ليس من حقه توجيه «الوعظ والنصائح» إلى الدولة اللبنانية.

وقالت مصادر مقربة من الوزير أبو فاعور لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «من الطبيعي بعد تسلمه رسالتين متتاليتين من السفير السوري تتضمنان ملاحظات على أداء وزارة الشؤون الاجتماعية في ملف النازحين السوريين، عبر وزارة الخارجية، أن يرد أبو فاعور برسالة رسمية واضحة وعبر القناة نفسها، أي الخارجية اللبنانية. وهو يدرس المضمون والتوقيت المناسب». ونفت هذه المصادر جملة وتفصيلا صحة ما نقلته وسائل إعلام أمس عن أبو فاعور لناحية قوله قبل الدخول إلى اجتماع اللجنة الوزارية إن «الرسائل السورية الخاصة بدور وزارته في رعاية شؤون النازحين السوريين مقدمة لإرسال عبوة من الحكومة السورية لاستهدافه». وأكدت أنه «سيرد على رسالة السفير السوري في وقت لاحق».

وأثنت مصادر أبو فاعور على موقف الرئيس ميقاتي أمس لناحية رفضه زج الملف في «التجاذب السياسي من أي جهة أتى». وكان ميقاتي قد أشار خلال ترؤسه لاجتماع اللجنة الوزارية أمس بحضور الوزراء المعنيين والأمين العام للهيئة العليا للإغاثة إبراهيم بشير، إلى أن «الحكومة اللبنانية، فصلت منذ اليوم الأول لبدء الأزمة السورية بين الموقف السياسي باتخاذها سياسة النأي بالنفس، وبين الموقف الإنساني عبر الإسراع في تقديم المساعدات المطلوبة للنازحين السوريين، حتى قبل أن تبدأ المنظمات والهيئات الإنسانية الدولية عملها». وأوضح أن «الحكومة اللبنانية سعت في صياغة خطة التدخل والإغاثة (التي أعدتها وتنتظر تمويلها من الدول والهيئات المانحة)، إلى التكامل مع الخطة التي أطلقتها منظمات الأمم المتحدة بما يضمن تولي الحكومة اللبنانية تنظيم وتنسيق الجهود الإغاثية وتأمين التمويل اللازم لها عبر التعاون المبرم مع برامج الأمم المتحدة المختلفة». وأكد أن «فداحة الظرف تتطلب العمل الجدي والسريع للحصول على التمويل اللازم لاستمرار الأعمال الإغاثية واتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة أي مستجدات محتملة قد ترغم الجهات المعنية على اتخاذ قرارات صعبة تتطلب إمكانيات تفوق القدرة البشرية والمؤسساتية والمالية المتاحة للحكومة اللبنانية».

وسبق اجتماع اللجنة الوزارية أمس جلسة تعقدها الحكومة اللبنانية اليوم، مخصصة لدرس ملف النازحين السوريين، ويتوقع أن تشهد انقساما حادا في وجهات النظر على خلفية ارتفاع بعض الأصوات اللبنانية الممتعضة من كلفة الإغاثة، لا سيما من قبل النائب ميشال عون، وانتقادات السفير السوري الذي أكد أمس في تصريح عقب لقائه رئيس الجمهورية السابق إميل لحود أن «ما نرجوه أن يكون التفكير لدى المؤسسات والمعنيين في هذا البلد الشقيق العزيز بأمن لبنان ومصلحته»، مذكرا بـ«ما نبّهنا إليه منذ البداية أن من يأتي إلى لبنان سواء من جنسيات عربية أو أفريقية وأجنبية، أو من الذين يدعون أنهم في الحراك الداخلي السوري ويأتون تحت عناوين مختلفة، فالتدقيق يجب أن يكون مبكرا وحازما من أجل لبنان ومن أجل العلاقة الأخوية السورية - اللبنانية».

وفي سياق متصل، أشار الوزير السابق في كتلة عون، ماريو عون، إلى أن «ما يشهده لبنان حاليا بشأن النزوح الكبير للاجئين السوريين هو قنابل موقوتة إلى الداخل اللبناني، وإذا لم نضع خطة مبرمجة ومدروسة لضبط هذا الوضع نحن نواجه خطرا كبيرا جدا»، مشددا على «وجوب معالجة الملفات الرئيسية والملحة وأولها ملف النازحين».

وقال وزير الدولة بانوس مانجيان إن لدى «الحكومة عموما - والوزارات المعنية خصوصا - هواجس لمساعدة النازحين السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والدينية»، لافتا إلى أن «المشكلة تكمن في استيعاب أعداد النازحين، فالموضوع ليس أننا نريد أو لا نريد، بل هل نستطيع تقديم المساعدة أم لا». وأشار إلى أن وزارات الشؤون الاجتماعية، والتربية، والصحة إضافة إلى الهيئة العليا للإغاثة طلبوا 179 مليون دولار لمعالجة الملف، سيتم صرفها من خزينة الدولة.

تجدر الإشارة إلى أنه وفق بيانات مفوضية اللاجئين، بلغ عدد النازحين السوريين في لبنان نهاية العام الفائت 129.106 نازحين مسجلين، إضافة إلى 45.936 آخرين ينتظرون التسجيل، مما يرفع العدد الإجمالي إلى 175.042 نازحا.