البرلمان الليبي يناشد الشعب مساندته في مواجهة عناصر الأمن بعد اقتحام مقره

المقريف يصل إلى سبها بعد اشتباكات قبلية أسفرت عن مصرع 6 أشخاص

TT

تعهد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا بعدم الخضوع لما وصفه بأي محاولة لابتزازه خارج حدود الشرعية التي وافق عليها الشعب الليبي، كما هدد باتخاذ كل الإجراءات لمعاقبة المتورطين في حصار مقر المؤتمر في طرابلس، والاعتداء على بعض أعضائه بالضرب والسب، على خلفية رفض عناصر اللجنة الأمنية العليا لقرار وزير الداخلية عاشور شوايل بضمهم إلى قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية الليبية.

وبعد 24 ساعة من صمته الرسمي حيال هذه الأحداث التي جرت مساء أول من أمس بالتزامن مع قطع خدمة الإنترنت والاتصالات الهاتفية الدولية والمحلية بين المنطقتين الشرقية والغربية، اكتفى المؤتمر الوطني، الذي يعتبر أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد، ببيان متلفز تلاه عمر حميدان، الناطق الرسمي باسمه.

وقال حميدان، في البيان الذي بثته قناة ليبيا الوطنية الرسمية، مساء أمس، إن المؤتمر يتعهد أمام الشعب الليبي بأنه لن يرضخ لأي محاولة ابتزاز خارج حدود الشرعية التي وافق عليها الشعب، مناشدا كل المواطنين وكل مؤسسات المجتمع المدني إلى الوقوف في مواجهة هذه الأعمال.

وبدت هذه التصريحات محاولة من جانب المؤتمر الوطني للحصول على تأييد الشارع الليبي في موجهة العصيان المسلح الذي ظهر بوضوح في موقف عناصر اللجنة الأمنية العليا التي حاصرت مقر المؤتمر واعتدت على بعض أعضائه الذين اضطروا إلى الخروج من الأبواب الخلفية.

وقال الدكتور جمعة عتيقة، نائب رئيس المؤتمر الوطني، إنه يناشد «الذين انتخبونا أن يرفعوا صوتهم، هذه الأساليب غير حضارية.. أن تسد أبواب المؤتمر ويتعرض أعضاؤه للضرب وتدمير سياراتهم وأنا شخصيا تعرضت للإهانة. نحن لن نخضع للإهانة والابتزاز». وأضاف عتيقة في تصريحات لقناة «ليبيا الأحرار» مساء أول من أمس «لقد تمت محاصرة مقر المؤتمر، وما حدث لا يمت للثوار الحقيقيين بصلة، هذا أمر معوق لبناء الدولة ومشبوه». وتابع «من قام بالاعتداء على مقر المؤتمر الوطني لا يريد أن يفهم، لقد بلغ السيل الزبى، وعلى الشعب أن يقول كلمته، من يقود الشباب عليه أن يتقي الله في ليبيا. لقد حوصر المؤتمر. لن نقبل الابتزاز فليفعلوا ما يشاؤون. بالقانون وبالعقل نحن معهم، أما بالطريقة المهينة التي تعتدي على أبسط الأخلاق الإسلامية والليبية فلا».

لكن اللجنة الأمنية العليا المؤقتة في طرابلس قالت أمس في تنويه نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إن من يحاصرون مقر المؤتمر الوطني العام ليسوا من أعضائها، مشيرة إلى أن أعضاء اللجنة الأمنية فرع طرابلس ينضمون إلى وزارة الداخلية بشكل سلس، وأنه حتى الآن تم ضم 11 ألف عضو من الفرع لوزارة الداخلية. وقالت اللجنة إن أعضاءها يؤكدون أنهم مع شرعية الدولة وتفعيل دور المؤسسات الرسمية لها.

من جهتها، أعربت منظمة التضامن لحقوق الإنسان عن قلقها من تصريحات وزير الداخلية عاشور شوايل بشأن إعادة توظيف نحو 15 ألف عنصر من عناصر الأمن الداخلي المنحل في مديريات الأمن والشرطة. وطالبت المنظمة في بيان أصدرته أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه بمعالجة الأمر على وجه السرعة، مشيرة إلى أن جهاز الأمن الداخلي في النظام السابق كان أداة القمع الرئيسية، وهو مسؤول عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. واعتبرت أن ضم عناصر هذا الجهاز ضمن مؤسسات إنفاذ القانون في ليبيا الجديدة يعتبر تجاوزا خطيرا، وقرارا غير قانوني، داعية وزارتي العدل والداخلية لتشكيل لجنة موحدة تقوم بمراجعة ملفات كل منتسبي جهاز الأمن الداخلي، ومن يثبت تورطه في انتهاكات لحقوق الإنسان يتم تقديمه للمحاكمة، ومن لا تثبت ضدهم انتهاكات يتم إدراجهم في دورات تأهيل قبل انضمامهم لمؤسسات إنفاذ القانون.

في غضون ذلك، بدأ الدكتور محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني العام، زيارة مفاجئة إلى مناطق الجنوب الليبي انطلاقا من سبها التي وصلها أمس على خلفية وقوع اشتباكات بين أفراد من قبيلة القذاذفة وآخرين من قبيلة أولاد سليمان في دار معمر بسبها، مما أدى إلى مصرع ستة أشخاص على الأقل.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن المقريف قوله إن الزيارة «تستهدف الوقوف مباشرة على الأوضاع في المنطقة والاطلاع على كل القضايا والمطالب المتعلقة بالجنوب بهدف التوصل إلى رؤية واضحة وحقيقية للظروف التي يعيش فيها إخوتنا في الجنوب، واتخاذ القرارات اللازمة حيالها، وحث الحكومة على القيام بواجباتها في ما يتعلق باحتياجات الجنوب».

ويعتبر المقريف ثاني شخصية رفيعة المستوى تزور هذه المنطقة، علما بأن عوض البرعصي، نائب رئيس الحكومة الانتقالية، زارها قبل يومين فقط على رأس وفد حكومي كبير. وكان العاملون في مركز سبها الطبي قد نظموا أمس وقفة احتجاجية على الخروقات الأمنية التي شهدها المركز خلال اليومين الماضين والإخفاق في تأمين الحماية وتوفير الأمن بالمركز، مما أدى إلى وفاة أشخاص كان يتم علاجهم داخل غرفة العناية بالمركز.

إلى ذلك، أعلنت مصادر الجيش الليبي أن فصائل من قوات الجيش الوطني وسرايا «ثوار 17 فبراير» التي قامت بتمشيط ميداني للمنطقة الجنوبية لمدينة الكفرة بمشاركة وحدات رمزية من قوات السلاح الجوي، قد ضربت ما وصفته بأهداف وهمية بهدف تسهيل مهام فصائل الجيش الوطني وسرايا الثوار في عمليات التمشيط كغطاء جوي.

في موازاة ذلك، أصدر وزير الداخلية الليبي قرارا برفع الحظر عن الممنوعين من السفر من معارضي نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وقال مجدي العرفي، الناطق الرسمي باسم الوزارة، إنه نظرا لوجود بعض الإشكاليات التي لا تزال تواجه معارضي النظام السابق في الدخول إلى بعض الدول لدى سفرهم لأداء المهام الرسمية، فقد جاء هذا القرار برفع الحظر عنهم لكي يتسنى لهم التنقل بحرية.

ولفت في تصريحات له أمس في طرابلس إلى أن وزارة الداخلية قررت خلال الأيام الماضية ضم المنظومة الخاصة بحظر السفر إلى مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب، بحيث لا يتم منع أي مواطن من السفر أو شطب اسمه أو حذفه إلا بموجب أمر قضائي أو قرار كتابي من وزير الداخلية.