المالكي يرمي كرة المتظاهرين في ملعب البرلمان.. والنجيفي يدعو إلى جلسة طارئة الأحد

قال إن مجلس النواب وليس الحكومة له صلاحية إلغاء قانون مكافحة الإرهاب

عراقيون يتظاهرون ضد حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في سامراء أمس (أ.ف.ب)
TT

في خطوة بدت مفاجئة بحسب المراقبين السياسيين للمشهد السياسي الملتبس في العراق اليوم، فإنه في الوقت الذي حذر فيه رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، من تسييس المظاهرات التي يشهدها عدد من محافظات العراق الغربية ذات الغالبية السنية لصالح ما سماه «أجندات خارجية وحسابات سياسية وفئوية ضيقة»، فقد نأى بنفسه عن إمكانية تنفيذ معظم ما يطالب به المتظاهرون والمعتصمون.

وقال المالكي في بيان صدر عن مكتبه أمس، إنه يتابع «باهتمام بالغ ما يحدث في عدد من المحافظات التي تشهد مظاهرات تطالب بتحقيق عدد من المطالب، التي نعتقد أن بعضها مطالب مشروعة، امتزجت بأخرى تتناقض جوهريا مع طبيعة النظام السياسي في البلاد الذي يجب أن نحتكم فيه جميعا إلى الدستور والقانون، وألا نوفر الفرصة لأعداء العملية السياسية من التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية وأزلام النظام السابق من اختراق المظاهرات ومحاولاتهم المكشوفة في ركوب الموجة، بما سيؤدي إلى إشاعة الفوضى والاضطرابات وتهديد الوحدة الوطنية والسلم الأهلي وجر العراق إلى الاقتتال الطائفي».

وأضاف البيان أن «مجلس الوزراء ورئيس الوزراء لا يملكان الصلاحية الدستورية في إلغاء القوانين التي يشرعها مجلس النواب، وخصوصا قانون المساءلة والعدالة وقانون مكافحة الإرهاب، كما أن قانون العفو العام لم يتم التصديق عليه في مجلس النواب حتى الآن». واتهم المالكي أطرافا وشخصيات سياسية بالقيام بما سماه «عملية خلط للأوراق حين تطالب الحكومة بإلغاء هذه القوانين وهي تعرف جيدا أنها من مسؤولية البرلمان وليس الحكومة». وحمل المالكي البرلمان «المسؤولية الكاملة في إلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وأن الحكومة ملزمة وفقا للدستور بتنفيذ ما تقره السلطة التشريعية من قوانين». كما طالب «القائمة العراقية»، بزعامة إياد علاوي، التي تطالب بإلغاء هذه القوانين بـ«أن تتقدم بمقترح قانون يطالب بإلغاء هذين القانونين ثم تتم عملية المناقشة في البرلمان وإقراره في حال تمت الموافقة عليه». وكشف المالكي عن «تشكيل إحدى عشر هيئة قضائية جديدة، تعمل ليل نهار من أجل الإسراع في حسم ملفات المعتقلين وإطلاق سراح من لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء». وجدد تأكيده أن «القوات والأجهزة الأمنية التي تصرفت بقدر عال من المهنية والحيادية في توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، فإن المسؤولية القانونية تحتم على القوات الأمنية التصدي لكل من يحاول الإضرار بالمصالح العليا للشعب العراقي ويمس سيادته ووحدته».

من جهته، دعا رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، إلى عقد جلسة استثنائية للبرلمان يوم الأحد المقبل لمناقشة الأزمة السياسية الراهنة، وذلك في بيان مقتضب أصدره مكتبه الإعلامي، مطالبا جميع أعضاء البرلمان بحضور تلك الجلسة.

من جانبه، اعتبر عضو البرلمان العراقي عن «القائمة العراقية» حامد المطلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي نعانيها الآن أنه لا توجد إرادة حقيقية لحل الأزمة، والسبب يعود إلى تراكم الفشل عبر السنوات الماضية والمتمثل في جوانب كثيرة جدا، لكن لا أحد يريد الاعتراف بهذا الفشل، بل يعمل على رمي كرة فشله في ملعب من سواه، متصورا أن ذلك يمكن أن يعفيه من المسؤولية». وردا على سؤال حول طلب المالكي من البرلمان إلغاء القوانين التي تتعلق بالإرهاب والمسألة والعدالة وفيما إذا كان البرلمان قادرا على ذلك، قال المطلك إن «المالكي لم يفعل أكثر من أنه حاول التملص من المسؤولية بإلقائها في ساحة البرلمان، ولنقل إن ذلك أمر مقبول باعتبار أن الكثير من هذه الأمور تتعلق فعلا بتشريعات»، مضيفا: «وأنا أقول للسيد ريس الوزراء نوري المالكي إن البرلمان قادر بالفعل على معالجة القوانين التي يطالب بها المتظاهرون، في حالة واحدة وهي أن يقوم المالكي بإعطاء التوجيهات اللازمة لأعضاء ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه بالموافقة على إلغاء تلك القوانين». وأكد المطلك أنه «لا يكفي أن يحمل المالكي البرلمان المسؤولية وهو يعلم أن كتلته هي أولى الكتل التي سوف تعترض، وهو ما يعني أنه عن طريق نوع من التحايل ينقذ نفسه من المساءلة، وهو أمر لا يستقيم مع منطق بناء الدولة وتحمل مسؤوليتها التاريخية».

لكن عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون إحسان العوادي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «البرلمان لن يتوصل إلى حل لهذه القوانين وغيرها، وذلك بسبب عدم حيادية رئيسه أسامة النجيفي، الذي تحول في الآونة الأخيرة إلى قطب من أقطاب المعارضة للحكومة». وأضاف العوادي أن «البرلمان هو السبب في تأجيج الشارع لأنه لم يشرع الكثير من القوانين المهمة التي كان يمكن لها أن تمتص الكثير مما يطالب به الناس، ومنها قانون البنى التحتية الذي تم تعطيله بقرار سياسي عندما ربط بقانون العفو العام». وأوضح أن «الحكومة سوف تتعامل بحكمة مع أزمة المظاهرات بعد أن ارتفعت أصوات العقلاء من أجل وأد الفتنة التي حاول البعض إيقادها من جديد».

إلى ذلك، أكد محافظ كركوك، نجم الدين كريم، أن «حق التظاهر مكفول دستوريا، ولا أحد يستطيع منعه عن المواطن العراقي»، مشيرا إلى أن «العراق يمر اليوم بوضع حساس جدا، وهناك انتهاكات دستورية تشكل خطرا على مستقبل العراق ودولته». وقال كريم في بيان أمس إنه «عقد اجتماعا مع اللجنة الأمنية بمحافظة كركوك بحضور قادة الجيش والشرطة وقيادات البيشمركة والأسايش الكردية، وتباحث معهم حول مستجدات الوضع الأمني بالمحافظة، في مقدمتها المظاهرات الشعبية التي شهدتها بعض المحافظات العراقية، وأكدنا خلال الاجتماع أن التظاهر حق قانوني ودستوري، والعراق يمر اليوم بوضع حساس بسبب الانتهاكات الحاصلة على الدستور، وهذه حالة تشكل خطرا على مستقبل العراق ودولته». وأشار محافظ كركوك إلى أنه «وصلتنا معلومات تفيد بمنع قيادة الفرقة 12 المنتشرة هناك تنظيم مظاهرات بناحية الرشاد التابعة للمحافظة، ولكننا لم نتلق لحد الآن أي شكاوى بهذا الصدد، وفي حال وصلتنا أي شكاوى بهذا المضمون فإننا سنقاضي قيادة الفرقة 12 أمام المحاكم».