خطة مشتركة تنتظر توقيعي المالكي وبارزاني لاحتواء التوتر في المناطق المتنازع عليها

عرب وأكراد وتركمان طوزخورماتو منشغلون بهموم حياتهم اليومية أكثر من التوتر العسكري

علم كردستان على سفح جبل يطل على بلدة طوزخورماتو المتنازع عليها قرب كركوك (أ.ف.ب)
TT

امتنعت مصادر في الوفدين العسكريين الكردي والعراقي المجتمعين أمس في أربيل عن كشف تفاصيل الخطة المشتركة التي تم الاتفاق حولها لتطبيع أوضاع المناطق المتنازع عليها والشروع بسحب قواتهما من تلك المناطق باتجاه حل العقدة نهائيا.

وحضر اجتماع أمس كبار قادة وزارة الدفاع العراقية ووزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان وبحثوا خطتين، لأولى تلك التي تقدم بها الوفد الكردي في بغداد أثناء المحادثات السابقة والمؤلفة من ثماني نقاط تحدد آلية سحب القوات العسكرية هناك، والثانية الخطة الشفهية التي تقدم الوفد العراقي، وتحولت تلك الخطة أمس إلى خطة مكتوبة سلمت إلى الجانب الكردي الذي طلب إعطاءه مهلة عشرة أيام لدراستها. وستدخل الخطة حيز التنفيذ بعد أن يمهرها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة العراقية ومسعود بارزاني رئيس الإقليم بصفته قائدا عاما لقوات البيشمركة.

وأعلن مصدر في وزارة البيشمركة أن «الوفدين اتفقا على استئناف المحادثات يوم 13 من الشهر الحالي في أربيل عندها سيقدم الوفد الكردي رده الرسمي على خطة عمل الجانب العراقي، وسيتم استئناف المحادثات على ضوء الخطة الجديدة لتهيئة اتفاق شامل عن كيفية سحب القوات وتحديد مناطق انتشارها وتوزيعها، والاتفاق على إعادة تفعيل اللجان المشتركة، وتسيير الدوريات والتفاصيل الأخرى».

وفيما تتواجه قوات الجانبين، فإن سكان المناطق المتنازع عليها يبقون منشغلين بهموم حياتهم اليومية. إذ يقول بائع الفراخ شيرزاد صالح وهو يقف خارج دكانه في بلدة طوزخورماتو إن الناس منشغلين بمشاغل الحياة أكثر من التوتر العسكري الحاصل في محيط بلدته. ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «الجيش جاء إلى هنا ويقول هذه وظيفتي، والبيشمركة جاءوا إلى هنا ويقولون هذه وظيفتنا». ويتابع: «لست مع الجيش ولا مع البيشمركة.. نحن نريد خدمات وكهرباء ومشاريع».

وتتميز مدينة طوزخورماتو بمبانيها المنخفضة وأشجار النخيل ويقيم فيها 110 آلاف شخص. وهي تقع ضمن أراض واسعة يطالب إقليم كردستان بإدراجها ضمن مناطق حكمه الذاتي، الأمر الذي ترفضه بغداد بشدة. ويعتقد دبلوماسيون ومسؤولون أن النزاع حول هذه المناطق هو أخطر تهديد لاستقرار العراق على المدى البعيد.

وأثار تشكيل قيادة عمليات دجلة من قبل الحكومة الاتحادية في سبتمبر (أيلول) الماضي، في المناطق المتنازع عليها غضب الأكراد مما دعاهم للرد بخطوة مماثلة تمثلت في نشر قوات بيشمركة على خطوط التماس، مما صعد التوتر بين الجانبين. وفي 16 نوفمبر (تشرين الثاني) اندلع قتال بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية عند محاولة الأخيرة اعتقال كردي. وبعد ذلك تزايدت فجوة الخلاف بين بغداد وكردستان ورد الجانبان عليها بتحشيد قوات أكثر على مناطق التماس. وأثار التوتر بين بغداد وكردستان الخوف والهلع لدى سكان طوزخورماتو وأثر سلبا على الأعمال التجارية هناك.

ويقول صالح: «عندما قدم الجيش والبيشمركة شعر الناس بالخوف وتأثرت أعمالنا بشدة». بدوره، يقول هشام فاتح حميد وهو بقال في البلدة: «لا نريد أن تحدث حرب، سيقتل الناس في الحرب، وستؤثر علينا، وأعمالنا ستتوقف».

وتعد طوزخورماتو مدينة متعددة الهويات وهي حقيقة تعكسها الرايات المختلفة على تلالها، حيث يرفرف علم عملاق لكردستان على أحد التلال، فيما يرفرف العلم العراقي على المباني الحكومية، بينما عدد لا يحصى من رايات استذكار وفاة الإمام الحسين على المنازل. وعدد كبير من سكان البلدة هم تركمان شيعة ويرفعون رايات الإمام الحسين، لكن البلدة يعيش فيها كذلك أكراد وعرب.

وعلى الرغم من تعدد الأعراق والاثنيات فيها يقول الناس إن الإشكال الحاصل بين بغداد وإقليم كردستان لم ينعكس على سكانها. ويقول صالح وهو كردي: «ليس هناك فرق بين تركماني أو عربي أو كردي». ويوافق شاكر أحمد صاحب محل بقالة على ذلك قائلا: «لم يحدث توتر بين المواطنين إطلاقا».

لكن طوزخورماتو وقعت رهينة وسط الجدل على كل حال، فقوات البيشمركة تنتشر على تلال البلدة من الشرق، والجنود العراقيون ينصبون حواجز ويعززون مواقعهم من الجنوب. وتتعدد أنواع تشكيلات القوات الأمنية في طوزخورماتو حيث يتواجد فيها شرطة محلية وشرطة فيدرالية وجيش عراقي وقوات بيشمركة.

يرى قائمقام البلدة شلال بابان أن «ما تحتاجه المنطقة هو التنمية وليس المزيد من الرجال والعتاد». وأضاف: «نحن بحاجة إلى مشاريع وبناء»، مشيرا إلى نقص المياه الصالحة للشرب والخدمات الأساسية. وتابع: «نحن لا نريد دبابات ولا ناقلات ولا طائرات.. نحن بجاحة إلى المشاريع فقط».