مرض كلينتون يثير جدلا سياسيا في أميركا

جمهوريون ينتقدون عدم نشر تفاصيل عن صحة الوزيرة خشية التأثير على ترشحها للرئاسة

TT

بينما تفاءل الأطباء بشفاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي نقلت إلى مستشفى في نيويورك يوم الأحد، أثير جدل سياسي حول قلة نشر تفاصيل عن مرض الوزيرة. وقال جمهوريون إن عدم نشر معلومات حول مرض كلينتون يهدف لعدم التأثير على فرصتها للترشح إلى الرئاسة في عام 2016. وفي نفس الوقت، رفض زوج هيلاري، الرئيس السباق بيل كلينتون الحديث إلى صحافيين بعد أن غادر، الاثنين، المستشفى الذي تعالج فيه. وكان غيابه عن زيارة زوجته في اليوم الأول لدخولها المستشفى أثار نقاشا حول قوة العلاقات بينهما. وكانت المؤسسات الإخبارية قد نقلت خبر نقل كلينتون إلى مستشفي «بريسبيتيريان» في نيويورك الأحد، من دون إشارة إلى زوجها ومكان وجوده في ذلك الوقت. والاثنين، شوهدت، ابنة كلينتون، تشيلسي، تغادر المستشفى الذي تعالج فيه والدتها، لكنها رفضت، كما رفض زوجها مارك ميزنسكي، الحديث إلى الصحافيين. غير أن الاضطراب كان ظاهرا على وجه تشيلسي وهي تخرج من المستشفى.

وصباح أمس، قال مصدر طبي لشبكة «سي إن إن» التلفزيونية بأن الحالة الصحية لكلينتون «طيبة»، من دون تقديم تفاصيل إضافية. وبدوره، قال لاري غولدشتاين، اختصاصي الخلايا الدماغية في مستشفى جامعة ديوك (ولاية نورث كارولينا) أمس: «نعم، جلطة في الجمجمة ليست مرضا عاديا يحدث بعد سقوط الشخص و(وقوع) ارتجاج في مخه. ثم إن الجلطة في شريان رئيسي في الجمجمة، يذهب مباشرة إلى القلب». وأضاف أن كل شيء يعتمد على فعالية أدوية تخفيض كثافة الدم التي تتعاطاها كلينتون حاليا، وأن «يوما أو يومين» سيحسمان حالتها الصحية، غير أنه أكد عدم صلته بعلاج كلينتون في نيويورك.

وفي نفس الوقت، أثار مرض كلينتون (65 عاما) نقاشات سياسية وطبية. وقال البعض إن المرض سيؤثر حتما على احتمال ترشيحها للرئاسة عام 2016، علما بأن كلينتون كانت نفت مرارا عزمها الترشح. وفي جانب آخر، كانت مصادر في الحزب الجمهوري قالت مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما قطعت كلينتون زيارتها إلى أوروبا والشرق الأوسط، وعادت إلى منزلها في واشنطن، وأصدرت الخارجية بيانا عن إصابتها بفيروس معوي، بأن بيان الخارجية كان تهربا من ذهاب كلينتون إلى الكونغرس للإدلاء بشهادة حول الهجوم على بنغازي، في ليبيا.

ويوم الاثنين، قال جون بولتون، الجمهوري الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن: «مرض الوزيرة كلينتون مرض دبلوماسي». وطلب بولتون من وزارة الخارجية نشر تفاصيل حالتها الصحية. وقال إن هناك «مؤامرة ديمقراطية» لمنع نشر تفاصيل مرض كلينتون حتى لا يؤثر ذلك على احتمال ترشيحها للرئاسة في عام 2016.

وأمس، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالة رأي للكاتبة كاثلين باركر بعنوان «مؤامرة لاغتيال شخصية هيلاري كلينتون». وانتقدت تصريحات بولتون التي أدلى بها لتلفزيون «فوكس» الذي يميل نحو الجناح المتطرف للحزب الجمهوري. وكان بيان للخارجية الأميركية أعلن، يوم الاثنين، أن كلينتون أصيبت بتجلط دموي في وريد بين الدماغ والجمجمة خلف أذنها اليمنى، وأن الأطباء يتوقعونها أن تتعافى معافاة كاملة. وقالوا إن كلينتون لم تصب بجلطة أو تلف في الأعصاب، وإن أوعية المخ لم تتأثر. وقال بيان الخارجية: «الوزيرة في حالة معنوية جيدة، وتتكلم مع أطبائها، وأسرتها، ومساعديها».

وعرف عن كلينتون دفاعها عن بلادها خلال توليها وزارة الخارجية، وكذلك دعمها للديمقراطية ودعواتها إلى اللجوء إلى «القوة الذكية». كما عرفت بضحكتها الرنانة التي كانت تنقل عدوى الضحك لمن حولها في الكثير من اللقاءات. ومثل زوجها الرئيس السابق بيل، فإنها تتمتع بحضور قوي ودفء يجعلان من السهل على الآخرين التقرب منها. واشتهرت كلينتون بأنها مدمنة على العمل لا تكل ولا تمل. كما عرفت باهتمامها بالتفاصيل وميلها إلى الابتعاد عن الرسميات في بعض الأحيان.

لكن بعد سنوات من التعامل مع الكثير من المعضلات المحلية والعالمية، تقول السيدة الأولى السابقة والسيناتورة السابقة عن ولاية نيويورك إنها ترغب الآن في الاستمتاع بمتع الحياة البسيطة مثل القراءة ومشاهدة برامجها التلفزيونية المفضلة.

ولدت هيلاري كلينتون في إلينوي في عام 1947، وعملت محامية بعد تخرجها في جامعة ييل، حيث التقت زوجها بيل كلينتون في 1974. وقد صعدت إلى أعلى مراتب السلطة لتخط طريقا للنساء في كل مكان. وفي 2008 كادت تدخل التاريخ كأول رئيسة للبلاد في الانتخابات الرئاسية التي خاضتها مرشحة عن الحزب الديمقراطي. لكن أثناء اعترافها بهزيمتها أمام باراك أوباما قالت إن الـ18 مليون صوت التي حصلت عليها هي «شروخ» في السقف الزجاجي الذي يمنع النساء من الوصول إلى أعلى منصب في البلاد. ورغم نفيها المتكرر، قال كثيرون إن كلينتون سترشح نفسها للرئاسة مرة أخرى، رغم أن مشكلاتها الصحية يمكن أن تقف عائقا أمام ذلك الآن. كما أنها ستكون قد بلغت السبعين من العمر بعد أربع سنوات، عند بدء ولاية الرئيس المقبل للولايات المتحدة.