تونس: وزير الخارجية يقاضي مدونة اتهمته باختلاس أموال عمومية

الناشطة تمهل الحكومة حتى 7 يناير الحالي لتقديم قضية بنفسها ضده

TT

تقدمت مجموعة من المحامين التونسيين من بينهم المحامي فتحي العيوني المكلف نزاعات الدولة، بشكايتين نيابة عن رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي إلى القضاء التونسي؛ الأولى ضد المدونة التونسية ألفة الرياحي التي اتهمته باختلاس الأموال العمومية، والثانية ضد نزل «شيراتون» بتهمة «القذف ونشر أخبار زائفة».

وتتهدد المدونة التونسية مجموعة من القضايا الأخرى من بينها: هضم جانب موظف عمومي، ونسبة أمور غير حقيقية وغير صحيحة لموظف عمومي، والاعتداء على المعطيات الشخصية والإساءة إلى الغير عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وتواجه المدونة التونسية ألفة الرياحي التي اتهمت وزير الخارجية رفيق عبد السلام بسوء التصرف في أموال الوزارة، حسب بعض خبراء القانون، عقوبة بالسجن قد تصل إلى الخمس سنوات مع خطايا مالية متعددة.

وأعلنت ألفة الرياحي في أحد البرامج التلفزيونية المحلية انتماءها الصريح إلى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أحد شركاء حركة النهضة في قيادة تونس. وكان محمد عبو الأمين العام لحزب المؤتمر قد صرح لإذاعة «موزاييك إف إم» المحلية الخاصة بامتلاك الحزب للوثائق نفسها التي تملكها المدونة ألفة الرياحي، إلا أنه استدرك ليقول إن الحزب لا «ينتهج نفس أسلوب المدونين في الكشف عن الحقائق وإنما يحبذ وضع الوثائق والمعطيات على طاولة السلطة الحاكمة و(المؤتمر) شريك فيها».

أما بالنسبة للقضية الثانية، فقد وجه من خلالها وزير الخارجية التونسي أصابع الاتهام إلى الممثل القانوني لنزل «شيراتون» في ما يتعلق بـ«إذاعة مضامين مكاتيب خاصة محمولة على واجب التحفظ وكذلك الاعتداء على المعطيات الشخصية».

وفي هذا السياق، قال المحامي التونسي فتحي العيوني في تصريح خاطف لـ«الشرق الأوسط» إن ما نشرته المدونة التونسية ألفة الرياحي يمس مباشرة سمعة الوزير وإنها معرضة لإجراءات زجرية باعتبارها قد تعدت على المعطيات الشخصية وخالفت أحد القوانين الصارمة في هذا المجال.

وكانت الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة قد أبدت مساندتها لوزير الخارجية (أحد قياداتها) واستنكرت حملة التشويه التي يتعرض لها وقالت إن تلك التهم قد استهدفته بشكل ممنهج وافتعلت شائعات وأصدرت أحكاما نهائية قبل الانتهاء من نتائج البحث القضائي إن ثبت الجرم المزعوم.

أما المدونة التونسية ألفة الرياحي من جانبها، فقد طالبت بفتح بحث استعجالي في القضية والكشف عن تفاصيل مبلغ مليون دولار أميركي قالت إن الحكومة الصينية قد تبرعت به لتونس لكن وزارة الخارجية استولت عليه ولم تدفع به إلى ميزانية الحكومة التونسية.

وفي هذا الشأن، اتهمت الحكومة بالتستر على الأمر والمشاركة في إخفاء تلك المبالغ المالية، وأمهلت المدونة التونسية الحكومة حتى يوم 7 يناير (كانون الثاني) الحالي للتحقيق مع وزير خارجيتها. وقالت عبر صفحاتها في المواقع الاجتماعية إنها متمسكة بتوجيه تهمة اختلاس الأموال العمومية من قبل وزير الخارجية وذلك لأغراض شخصية في إشارة إلى دفع معلوم سكن إحدى قريباته في نزل «شيراتون» ليلة 18 يونيو (حزيران) الماضي.

وأضافت أنها ستبادر بعد تاريخ 7 يناير بتقديم قضية عدلية للتحقيق في الوثائق التي نشرتها على مدونتها الخاصة في صورة رفض الحكومة فتح تحقيق من تلقاء نفسها حول تلك الاتهامات. ودعت عبر الشبكة الاجتماعية كل الراغبين في كشف الحقيقة إلى التوقيع على الشكوى التي ستقدمها بعد انتهاء المهلة التي حددتها للحكومة. ولم تغفل المدونة التونسية عن الاعتذار إلى المرأة المتهمة بقضاء الليلة مع وزير الخارجية ووجهت لها الكلام قائلة: «أنا آسفة لأنني وضعتك في مأزق ولن مصلحة تونس أهم بكثير منا جميعا»، وقالت إنها لم تذكر اسمها ولن تكشفه لأي طرف كان.

وكانت المدونة التونسية ألفة الرياحي قد شنت هجوما كاسحا ضد رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسية (إحدى وزارات السيادة التي تطالب المعارضة بتحييدها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة)، ونشرت مجموعة من فواتير خلاص النزل الذي أقام فيه عدة مرات خلال النصف الأول من سنة 2012. واتهمته بإيواء امرأة في النزل والحال أنها تقطن في منطقة الوردية بضواحي العاصمة.

ونشرت ثلاث فواتير باسمه وأكدت تمتعه بخدمات وإقامة فاخرة في نزل «شيراتون» بالعاصمة التونسية وأن أسعار الليالي التي قضاها تراوحت بين 332 و516 دينارا تونسيا (ما بين 237 و368 دولارا أميركيا) لليلة الواحدة ومن بينها فاتورة إقامة امرأة تبلغ من العمر 38 سنة متزوجة وتعمل بأحد المستشفيات العمومية التونسية بالعاصمة وتقطن في منطقة المروج القريبة من العاصمة.

ودافع رفيق عبد السلام في وقت سابق عن موقفه، وقال إنه بالفعل قضى النصف الأول من السنة الماضية في نزل «شيراتون» بالعاصمة وعلل ذلك بعدم امتلاكه منزلا خاصا، ونفى وجود أي شبهة حول المرأة التي أقامت في الليلة نفسها بالنزل نفسه، وقال: «انتهى عهد العشيقات والرفيقات». وحول فواتير الإقامة، دافع عبد السلام عن موقفه بالقول إن وزارات السيادة في كل أنحاء العالم تتمتع بصندوق خاص موجه إلى النفقات الطارئة من قبيل استقبال الضيوف أو مواصلة المباحثات السياسية في أكثر من مكان.

واعتبر أن نزل «شيراتون» الذي كان يقيم به كان مكانا آمنا لعدة لقاءات سياسية، وأن كل الفواتير موثقة ومثبتة قانونا، أما كل النفقات التي تتجاوز حدود العمل، ومن بينها إقامة قريبته من الأم، فقد دفعها من حسابه الخاص.