الجزائر: نشطاء إسلاميون يعتزمون تأسيس حزب سلفي اسمه «جبهة الصحوة الحرة»

وسط توقعات برفض السلطات الترخيص له لمجرد أن تشتم فيه رائحة «جبهة الإنقاذ»

TT

أعلن نشطاء إسلاميون جزائريون أمس عن تأسيس حزب جديد وصفوه بـ«السلفي»، وطلبوا من وزارة الداخلية الترخيص لهم مثل بقية الأحزاب الجديدة التي نشأت في سياق ما سمي «إصلاحات سياسية عميقة». اللافت في المبادرة أن أصحابها مرتبطون بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، التي منعت السلطات نشطاءها من العودة إلى السياسة.

وقال نشطاء الحزب الجديد الذي يحمل اسم «جبهة الصحوة الحرة» في الوثائق التي وضعوها أمس في وزارة الداخلية، إنهم «عازمون على النشاط في الساحة السياسية مساهمة منا في صناعة الرأي والتعبير الحر المحترم، والدعوة إلى الإصلاح العام والنفع الشامل وفق قوانين الجمهورية للسيادة الجزائرية المستقلة، ذات الأصالة العريقة المنتمية إلى الأمة الإسلامية بالامتداد والولاء».

وأفاد هؤلاء النشطاء في الملف المودع لدى وزارة الداخلية، والذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، أن «المخاض الذي طرأ على الساحة السياسية، بعد مجال التعددية السياسية، أفرز مجموعات من الأحزاب على حسب قناعات أهلها ومناصريها، ونحن (جبهة الصحوة الحرة) الإسلامية السلفية، نريد إثراء الساحة السياسية بمشاركة سلفية سياسية توافق تركيبة من تركيبات المجتمع الجزائري».

ولا يعرف الكثير عن أصحاب المشروع، ما عدا المتحدث باسمهم الذي وضع الملف في وزارة الداخلية، وهو عبد الفتاح حمداش زيراوي، أحد نشطاء «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، الذي دخل السجن مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي في إطار موجة الاعتقالات التي طالت قاعدة «الإنقاذ» النضالية الكبيرة، مباشرة بعد تدخل الجيش لمنع «الجبهة» من الزحف نحو الحكم.

وعاد زيراوي إلى النشاط بشكل لافت على خلفية الاعتداء الإسرائيلي على غزة نهاية 2008، عن طريق مسيرات قادها تضامنا مع الغزاويين وانطلقت من مساجد بالعاصمة. ولم يتعرض زيراوي لمضايقة السلطات، مما ترك الانطباع بأن نشاطه مسموح به.

ودعا مؤسسو الحزب السلفي إلى «المشاركة الشرعية في تأصيل القرارات والمواقف وفق الشرع الإسلامي»، وإلى «العدل في الأحكام والاتزان في السلوك حفاظا على مقاصد الشريعة». وأوضحوا أنهم «ينتهجون الوسطية والاعتدال الذي دعا إليه العلماء وسلكه الخلفاء الراشدون».

وطالب أصحاب الحزب الجديد السلطات بـ«إشراكنا في العملية السياسية السلمية»، معتبرين العمل بالسياسة «حق مكفول في جميع الشرائع والمواثيق الإنسانية»، وأعلنوا أنهم يركزون «أكبر جهدنا على التربية والتعليم، والمساهمة في الخير والصلاح والإصلاح. ونرى أن تربية الشعب وتعليمه والصبر عليه هو أعظم جهاد يقوم به المصلحون من غير إهمال المشاركة السياسية». ودعوا من وصفوهم بـ«المصلحين والصالحين» إلى «الخروج من انغلاقهم وانعزالهم وتقوقعهم، للمساهمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فلو ترك هذا المجال للعلمانيين والليبراليين لأحدثوا دمارا عقائديا وفسادا تشريعيا ضد الأصالة والقيم والدين الحنيف».

ويتوقع مراقبون أن يلقى المشروع رفضا قاطعا من جانب السلطات التي تحرص على إقصاء أي شخص من العمل السياسي، لمجرد أن تشتم فيه رائحة «جبهة الإنقاذ». وترجمت هذا الحرص في نصوص قانونية، أهمها «قانون المصالحة» الذي صدر عام 2006، ويمنع أفراد «الإنقاذ» من العودة إلى السياسة بحجة أنهم يتحملون مسؤولية الدماء التي سالت خلال «العشرية السوداء (عقد التسعينات)».

واللافت أن القانون لا يسمي الممنوعين من السياسة، والشائع أنه يستهدف أساسا علي بن حاج، نائب رئيس «جبهة الإنقاذ». ويضاف إلى هذه التدابير، أن الدستور يحظر تأسيس أحزاب على أساس ديني، وذلك منذ التعديلات التي أدخلت عليه نهاية 1996.