مقاتلون عرب وأجانب يخوضون المعارك الدائرة على الأرض السورية

«الحر»: معنا «أفراد» متعاطفون.. مقابل دعم عسكري «متكامل» للنظام من إيران وروسيا وحزب الله

TT

جاء إعلان وزارة الخارجية الأسترالية أمس عن مقتل أحد مواطنيها في سوريا ليعيد إلى الواجهة قضية مشاركة مقاتلين أجانب وعرب في المعارك السورية، إلى جانب كل من النظام والمعارضة، اللذين يرمي كل منهما هذه التهمة على الطرف الآخر، نافيا كل ما يقال عن استقدام مقاتلين من الخارج للمشاركة في العمليات العسكرية. مع العلم بأن السلطات السورية كانت قد سلمت الأمم المتحدة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قائمة بأسماء 108 أشخاص، قالت إنهم مقاتلون أجانب تم اعتقالهم بسبب مشاركتهم في القتال إلى جانب المعارضة، فيما يؤكد المعارضون، لا سيما الجيش الحر، أن النظام يعتمد على خبرات عسكرية روسية وإيرانية وأخرى من عناصر تابعة لحزب الله في حربه ضد الشعب السوري، معلنين كذلك عن اعتقال عددا منهم.

وقالت وزارة الخارجية الأسترالية، بحسب ما ذكرت وكالتها الرسمية للأنباء «آي آي بي»، في بيان لها، إنها تحقق في تقارير عن مقتل أسترالي خلال قتاله مع الثوار السوريين. وجاء في البيان أن «السفارة الأسترالية في القاهرة ومسؤولين قنصليين في كانبيرا يجرون التحقيقات في هذا الصدد». وأتى الموقف الأسترالي بعدما نشر ثوار سوريون على موقع «يوتيوب» تسجيلا مصورا يؤكدون فيه مقتل أسترالي يدعى يوسف تروبراكايا من ملبورن خلال قتاله إلى جانبهم، فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مواطنا أستراليا قتل صباح الأحد الماضي في سوريا خلال عملية اقتحام المقاتلين المعارضين قاعدة وادي الضيف العسكرية الاستراتيجية في شمال غربي البلاد.

تعليقا على هذه المعلومات، لم ينف العقيد في الجيش الحر عارف الحمود، أن هناك مشاركة لبعض المقاتلين العرب والأجانب في المعارك السورية؛ إنما بأعداد قليلة جدا ليس لها أي تأثير على الأرض، مشددا على أنهم يأتون بمبادرات فردية انطلاقا من قناعاتهم بضرورة مساعدة شعب مظلوم، من دون أي دعم لا مادي ولا لوجستي من الجيش الحر، قائلا: «لا نقدم لهم الدعم ولا نمنعهم»، لافتا إلى أنه وإن كان بين هؤلاء عدد من الأجانب، إنما معظمهم من الإسلاميين الذين يقاتلون بدافع جهادي، وينظمون مجموعات خاصة بهم.

في المقابل، يؤكد الحمود أن «هناك مساعدة للنظام في حربه ضد شعبه تأتي من روسيا وإيران بالدرجة الأولى من خلال تقديم الأسلحة والخبرات العسكرية لقواته، إضافة إلى مشاركة في المعارك من قبل حزب الله اللبناني، كما يتولى قياديون منه مهمة تدريب قوات النظام وضباطه، لا سيما من القوات الخاصة والمخابرات العسكرية والجوية، وذلك في منطقة الدريج بريف دمشق في (مدرسة الصاعقة والمظلات) حيث يخضعون لتدريبات تتراوح مدتها بين 3 و4 أسابيع، وذلك بشهادة عدد من الضباط الذين أعلنوا انشقاقهم في الفترة الأخيرة».

وكانت تقارير سابقة قد أكدت مشاركة مقاتلين من بلدان عدة عربية وغربية في القتال على أرض سوريا، وكان آخرها التقرير الذي نشرته منظمة الأمم المتحدة في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الذي قالت فيه إن «مقاتلين من أنحاء العالم تسللوا إلى سوريا للمشاركة في حرب أهلية قسمت البلاد على أسس طائفية».

وقال محققو الأمم المتحدة في تقريرهم إن أغلب «المقاتلين الأجانب» الذين تسللوا إلى سوريا للانضمام لمجموعات المعارضين أو القتال بشكل مستقل في صفهم من السنة من دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت كارين أبو زيد عضو فريق التحقيق إن المقاتلين «يأتون من جميع الأنحاء.. من أوروبا وأميركا ومن الدول المجاورة بوجه خاص»، مؤكدة أنه تم تسجيل أسماء من 29 دولة حتى الآن.

وقال التقرير إن جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية أكدت أن أعضاء منها في سوريا وأنهم يقاتلون لصالح الأسد، مشيرا إلى أن شيعة عراقيين جاءوا للقتال في سوريا، لافتا إلى أن إيران أكدت في سبتمبر (أيلول) أن أفرادا من الحرس الثوري الإيراني موجودون في سوريا لتقديم المساعدة، نافية المشاركة في أعمال عسكرية.

وفي الأسبوع الماضي، نشرت وكالة الصحافة الفرنسية مقابلة مع ضابط إسباني «جاء إلى سوريا للمشاركة في القتال إلى جانب الجيش الحر وتدريب المقاتلين المعارضين على القتال وكيفية استخدام الأسلحة التي يملكونها مثل صواريخ الدوشكا والرشاشات الثقيلة المثبتة على السيارات الـ(بيك آب)».

كذلك، وفي شهر سبتمبر الماضي، كانت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، قد نشرت تحقيقا موسعا عن المسلحين الأجانب في سوريا، وذلك من خلال مقابلات أجراها معد التحقيق مع عدد من هؤلاء الذي يصلون إلى سوريا عن طريق تركيا، وسبق لبعضهم أن شاركوا في القتال على جبهات أخرى، لا سيما اليمن والعراق وأفغانستان، فيما لم يسبق لبعضهم أن شارك في أعمال كهذه.

وبعد خضوع هؤلاء المقاتلين للتدريب يتم توزيعهم على عدد من الجماعات الجهادية من بينها «أحرار الشام» و«جبهة النصرة». كما سمح للبعض مثل أبو عمر الشيشاني بتشكيل مجموعاتهم القتالية، ويشار إليهم باسم «المهاجرين».