انقسام السلفيين يعزز فرص الليبراليين في البرلمان

TT

* أعلن الرئيس السابق لحزب النور السلفي المحافظ في مصر تشكيل حزب جديد الثلاثاء الماضي مما يعني انقسام أكبر حزب سلفي في البلاد، وثاني أكبر حزب في البلاد، إلى حزبين، وينظر إلى الحزب الجديد «الوطن»، وهو أحدث مولود للثورة المصرية، على أنه مزيد من الانتشار في تشكيل الأحزاب الدينية في البلاد؛ إذ أعلن في السابق الداعية السلفي والمرشح المستبعد من انتخابات الرئاسة حازم أبو إسماعيل نيته هو الآخر تشكيل حزب جديد. ورئيس الحزب الجديد هو نفسه رئيس حزب النور سابقا الدكتور عماد عبد الغفور، وتدشين الحزب من قاعة الأزهر، كان اختيارا له رمزيته، لأن المعتاد أن تتم هذه المناسبات في قاعات الفنادق، وأتصور أن المؤسسين رغبوا في إرسال رسالة بأن حزبهم، كما أنه سيعمل وفق الحاضنة الرسمية للدولة وقوانينها، فإنه سيعمل وفق الحاضنة الدينية الكبرى لمصر وهي الأزهر. ويأتي ذلك قبل شهرين من إعلان متوقع من الرئيس المصري محمد مرسي عن إجراء الانتخابات البرلمانية. ويشير الإعلان عن تشكيل حزب سلفي إلى وجود انقسام داخل القوى الإسلامية الطامعة في الفوز بعدد كبير من مقاعد البرلمان المقبل وممارسة دور في الصراع السياسي بين الأحزاب الدينية والمدنية. وعانى حزب النور من أزمة داخلية حادة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بسبب خلاف بين قادته يتعلق بدور الهيئة التي تضم رجال الدين في سياسات الحزب.

وحصد الحزب نحو 25 في المائة من مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد العام الماضي، ليصبح ثاني أكبر قوة سياسية بعد جماعة الإخوان المسلمين. بيد أن الانشقاق ظهر في الحزب عقب قيام بعض أعضائه بمحاولة التخلص من سيطرة رجال الدين على شؤون الحزب. وقال عماد عبد الغفور الذي ترأس سابقا حزب النور، إنه سيتولى تأسيس حزب «الوطن» الذي «سيتبنى الحفاظ على الشريعة الإسلامية والعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان». وكان عبد الغفور، وهو أيضا مساعد للرئيس مرسي، من الداعين إلى فصل الحزب عن جماعة الدعوة السلفية، التي دعمت تأسيس الحزب. ثم انشق مع أكثر من مائة عضو وكثير من النواب السابقين في مجلس الشعب المنحل، وأسسوا حزب الوطن الجديد. وبينما يشعر السلفيون عموما بالحذر من هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على المشهد السياسي، فإن الانشقاقات وسط السلفيين، قد تعد مؤشرا على تحالفات سياسية جديدة مع الإخوان قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة.

من جهتها، قالت صحيفة «فايننشيال تايمز» أمس، إن الصف السلفي في مصر المنقسم يثري الدينماكية في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقالت الصحيفة، في تقرير عبر موقعها الخاص أمس، إن هذا الانقسام يضفي مزيدا من التعقيد على المشهد السياسي المصري المعقد في الأساس.

وأوضحت الصحيفة أن السلفيين لم يذهلوا المصريين فقط، بل أذهلوا أنفسهم مطلع سنة 2012 عندما حصل حزبهم الوليد «النور» على ربع مقاعد البرلمان الذي تم حله في ما بعد بحكم قضائي وقرار من المجلس العسكري الحاكم آنذاك.

ورجحت الصحيفة وقوع اختلافات آيديولوجية ونزاعات شخصية وراء هذا الانقسام، مشيرة إلى اتهام حزب النور جماعة الإخوان المسلمين اتهاما صريحا بالوقوف وراء ذلك. ورأت الصحيفة أن من شأن هذا الانقسام في المعسكر السلفي، جنبا إلى جنب مع انشقاق عدد من ألمع نجوم حزب النور وتوجههم صوب الحزب الجديد «الوطن»، أن يؤدي إلى الحد من نفوذ السلفيين، وانحسار مدهم أمام الليبراليين والعلمانيين للمنافسة على عدد أكبر من المقاعد البرلمانية.

وأوضحت أن الانقسامات الجديدة التي أصبحت تشمل التيار الإسلامي بكامله، قد تؤثر على جهودهم في تحقيق النجاح نفسه خلال الانتخابات البرلمانية المقررة خلال شهرين، وتمنح المعارضة الفرصة في تعزيز حظوظهم في البرلمان.

وأضافت الصحيفة أن السلفيين بمصر صدموا الجميع حتى أذهلوا أنفسهم عندما حصدوا ربع مقاعد البرلمان الذي تم حله في وقت لاحق بأمر من المحاكم الدستورية. وتابعت: «انشقاق المعسكر السلفي قد يضعف تأثيره ويقلل من زخمه في الشارع، ويعطي الليبراليين والعلمانيين فرصة لزيادة حصتهم من المقاعد في الانتخابات البرلمانية المقررة في فبراير (شباط)» المقبل، لافتة إلى أن «الخلافات داخل المعسكر السلفي تعمقت أكثر في الفترة الأخيرة على نطاق واسع، والجبهة الإسلامية ككل، مع اتهام مسؤولين كبار في الجبهة السلفية جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء هذا الانقسام».

ونقلت الصحيفة عن عماد شاهين، خبير الحركات الإسلامية في شمال أفريقيا والباحث في الجامعة الأميركية في القاهرة، قوله: «إذا نظرتم إلى الإسلاميين من جهة؛ والأحزاب العلمانية والليبرالية من جهة أخرى، فالتحالف الليبرالي يبدو أنه يتعزز، فيما يتفتت الإسلاميون.. وإذا بقي الحال على هذا النحو، فربما تنقلب الكفة ضدهم».