إخراج كوريا الشمالية من عزلتها عبر بوابة «غوغل»

رئيس شركة عملاق الاتصالات يعتزم زيارة البلد الشيوعي أملا في إقناعه برفع قيود المعلومات

رئيس شركة «غوغل» شميدت يتحدث في سيول بمناسبة إطلاق جهاز «نيكسوس 7» اللوحي، في سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

يخطط رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة «غوغل» إيريك شميدت، الذي يعد رائدا من رواد الاتصالات المجانية والمفتوحة، للقيام برحلة إلى كوريا الشمالية، وهي دولة بوليسية منعزلة تمنع كل مواطنيها تقريبا من استعمال الإنترنت. وكشفت وكالة «أسوشييتد برس»، التي بثت أنباء الرحلة المرتقبة، عن أن شميدت سوف يسافر بصحبة حاكم ولاية نيومكسيكو الأميركية بيل ريتشاردسون، في ما قيل إنها مهمة إنسانية شخصية. ومن المحتمل أن يغادرا في وقت قريب ربما يكون هذا الشهر.

ويقول المحللون إنه من المستبعد أن تحدث هذه الرحلة تغييرا فوريا في كوريا الشمالية، التي تحظر قيادتها العائلية المعلومات القادمة من الخارج، كوسيلة للحفاظ على سلطتها. ومن المرجح أيضا أن تمانع شركة «غوغل» في إبرام اتفاقية شراكة مع بيونغ يانغ، إذ قد يواجه محرك البحث الشهير في كوريا الشمالية قيودا أشد صرامة بكثير من القيود المفروضة عليه في الصين، ذلك البلد الذي خرج منه عام 2010 بسبب الرقابة على الإنترنت.

إلا أن شميدت، المسؤول عن العلاقات الحكومية لشركة «غوغل»، قد يضغط على كوريا الشمالية بهدف تخفيف هذه القيود في مجالات محدودة مثل برامجها التعليمية، وذلك بحسب ما يقوله المحللون. وكتب فيكتور تشا، وهو الرئيس الكوري لـ«مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، في مذكرة موجزة عن تلك الرحلة «إن الرقابة المقيدة على المعلومات تأتي في صميم (كوريا الشمالية)، ومع ذلك فهي على وشك استضافة أكبر مشغلين في الغرب لتدفقات المعلومات غير المرتبطة بحدود. إذا كانت شركة (غوغل) هي الخطوة الصغيرة الأولى في اختراق فقاعة المعلومات التي تحيط ببيونغ يانغ، فإن هذا قد يكون تطورا مثيرا للاهتمام إلى حد بعيد».

وأشار شميدت في كلمة ألقاها العام الماضي إلى أن الحكومة - سواء بفرض قيود على مواطنيها أو بارتكاب جرائم إلكترونية تحت رعاية الدولة - تمثل أكبر خطر على الإنترنت، حيث إن كوريا الشمالية منفصلة اقتصاديا عن جميع البلدان تقريبا باستثناء الصين، وتضعها التصنيفات العالمية بين أكثر البلدان فسادا وقيودا، فالمواطنون هناك يحدد لهم أين يعيشون، وهم ممنوعون من الاعتراض، ويتعرضون للعقاب في معسكرات العمل، وتقتصر أجهزة التلفزيون والراديو التي يملكونها على ما تبثه القنوات والمحطات الحكومية.

لكن على الرغم من ذلك، فإن كوريا الشمالية لديها بالفعل بعض البنية التحتية المتطورة في مجال الاتصالات، حيث تمتلك شبكة جيل ثالث تسمح بإجراء المكالمات الهاتفية المحلية والاتصال بالإنترنت في جميع أنحاء البلاد - بصورة منفصلة عن شبكة المعلومات العالمية - عبر البوابات الإلكترونية ونظم الرسائل الخاصة بها. وقد أوضح تقرير صادر في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011 عن «معهد نوتيلوس» بشأن التكنولوجيا في كوريا الشمالية «في اليوم الذي تقرر فيه الحكومة فتح الصمام والتصريح بالنقل الكامل لمواقع الإنترنت المحلية إلى مشغلات وطنية متصلة بشبكة المعلومات العالمية، سوف تنفتح الأبواب على مصراعيها وسوف تنطلق بالتأكيد طفرة الإنترنت».

ولا يسمح سوى لعدة مئات من أسر النخبة بالدخول إلى الإنترنت العالمي، غير أن آلة الدعاية الكورية الشمالية تستخدم مواقع إنترنت متطورة - تستضيف الصين بعضها - وكذلك موقع إعلام اجتماعيا شبيها بموقع «تويتر» من أجل نشر رسائل دعائية شبه يومية. وقد كانت أهمية التكنولوجيا الحديثة جزءا جوهريا من الدعاية الكورية الشمالية لما يزيد على عقد من الزمان، ففي كلمة ألقاها هذا الأسبوع، دعا الزعيم الكوري الشمالي الشاب، كيم جونغ أون (29 عاما)، إلى القيام بـ «ثورة» في العلوم والتكنولوجيا تقدم الطريق المختصر «إلى بناء عملاق اقتصادي».

وليس واضحا في الوقت الحالي مع من سيلتقي كل من ريتشاردسون وشميدت، وقد سبق لريتشاردسون - بصفته سفيرا سابقا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة - زيارة كوريا الشمالية كثيرا في مهام خاصة، كما أنه من الممكن أن يستغل هذه الرحلة في الضغط من أجل إطلاق سراح كينيث باي، وهو أميركي محتجز في كوريا الشمالية. وكانت وسائل الإعلام الحكومية الكورية الشمالية قد أعلنت الشهر الماضي أنه تم إلقاء القبض على مواطن أميركي دخل البلاد بصفة سائح من أجل ارتكاب جرائم لم يتم تحديدها، وأكدت الحكومة الكورية الشمالية «تم وضعه قيد التحفظ لدى هيئة ذات صلة بالأمر»، وقد تم السماح له بالالتقاء بالمسؤولين في القنصلية السويدية، الذين يتولون الاعتناء بالمصالح الأميركية في كوريا الشمالية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»