إعلامي «منشق» يكشف كيفية «فبركة» تسجيلات تسيء للثوار

أحد المسؤولين عن التسريبات لـ «الشرق الأوسط»: الفروع الأمنية تتحكم في المنظومة الإعلامية

TT

روى إعلامي سوري منشق، كان يعمل في قناة «الدنيا» المقربة من نظام بشار الأسد، لـ«الشرق الأوسط»، كيفية اختلاق الوقائع وتضليل الرأي العام وتصنيع الأخبار والأحداث وتشويه الثوار المعارضين في القنوات السورية الرسمية لصالح نظام الأسد، مسربا في الوقت نفسه عدة مقاطع مصورة من أرشيف هذه القنوات، تظهر كيفية تلقين المعتقلين ما يجب أن يقال في مسعى لتشويه صورة الجيش الحر أمام الرأي العام.

ونشرت قناة «العربية» أمس على موقعها الإخباري فيديو مسربا، من هذا الإعلامي نفسه، يظهر فتاة تتهم شبانا في مدينة حرستا بريف دمشق باختطافها، ثم يجلب أحد معتقلي حرستا للاعتراف بما لم يرتكب، إلا أن ما ظهر من تسريبات من منشقين عن «الدراما الإعلامية» كما يسميها السوريون يوضح أن الفتاة لم تخطف وأن الشاب ضحية.

وقال الإعلامي المنشق، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «مسرح الجريمة يكون محضرا مسبقا في أحد الفروع الأمنية.. ومن ثم يتم استقدام مراسلي الإعلام الرسمي السوري الموالي لتسجيل الاعترافات بعد أن يتم تلقين المتحدث ما يجب أن يدلي به من شهادات تسيء إلى الثورة وقوى الحراك الثوري».

وأشار الإعلامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، إلى أن «سبب كثرة الفروع الأمنية وعدم التنسيق في ما بين هذه الفروع يظهر على الشاشة أحيانا تناقضات فاضحة؛ مثل حادثة مقتل نجل مفتي الجمهورية سارية أحمد حسون عندما عرض التلفزيون السوري خلال زمنين متباعدين اعترافات مجموعتين إرهابيتين كما يقول الإعلام السوري وبروايتين مختلفتين لقصة مقتل سارية، طبعا كل رواية تحمل الصبغة التي أرادت الجهة الأمنية إظهارها عبر وسائل الإعلام».

وعمل هذه الشاب الإعلامي، وهو من ريف إحدى المحافظة الشمالية، في قناة «الدنيا» محررا في نشرة الأخبار الرئيسية مطلع عام 2011 قبل بدء الثورة في مارس (آذار) بعدة شهور حتى نهاية العام ذاته، ثم انتقل للعمل في مجال آخر ريثما يجهز نفسه ويلتحق بالعمل مع الثوار إعلاميا.

وعن الضغوط الأمنية التي كانت تمارس على كادر القناة والجهة الأمنية التي كانت تشرف على قناة «الدنيا»، استبعد الإعلامي وجود جهة أمنية واحدة تشرف على الإعلام الرسمي في سوريا، وقال «كل الفروع الأمنية تتدخل في عمل المنظومة الإعلامية وهو حال كل المؤسسات الحكومية في سوريا»، مضيفا أن «داخل أروقة قناة (الدنيا) والتلفزيون السوري لا يجرؤ أي موظف أو إعلامي على الإدلاء برأي يخالف سياسة النظام خوفا من بطش الأمن السوري وعملائه المنتشرين بكثرة شديدة داخل كل مؤسسة إعلامية سورية، وهناك عدد من الموظفين تم اعتقالهم بسبب افتضاح ميولهم الموالية للثورة، وعدد من المعتقلين تم الإفراج عنهم وهم حاليا بمصر ودبي، وهناك أشخاص آخرون لا أعلم بمصيرهم حتى الآن».

ويعمل حاليا الشاب السوري في المجال الإعلامي في بعض المناطق السورية، والذي لم يخف تعاون البعض من زملائه ممن ساعدوه على تسريب فضائح الإعلام السوري الموالي، وتحفظ على ذكر أسمائهم حرصا على سلامتهم وسلامة عوائلهم، كما لم يوضح توقيت تسرب هذه الفيديوهات من القناة.

ويرى الإعلامي المنشق أن دور الإعلام السوري الرسمي والمقرب من النظام تحول إلى الترويج لسياسة النظام الذي يؤمن ويتظاهر بأن هناك مؤامرة على سوريا، وهنالك عصابات مسلحة تقتل وتروع المدنيين الآمنين. وقال إن «هناك غرفا على مواقع التواصل الاجتماعي تساعد قنوات الإعلام الرسمي في فبركة المقاطع وتزويرها، لا سيما شبكة (شام) المؤيدة، والجيش السوري الإلكتروني الذي يموله مجاهد إسماعيل زعيم الشبيحة في سوريا، والصفحة الكبرى لبشار الأسد التي يمولها رجل الأعمال مجد سليمان نجل ضابط المخابرات المعروف وسفير النظام حاليا في الأردن بهجت سليمان».

وأكد الإعلامي المنشق وجود وسائل للضغط على كثير من الشخصيات للإدلاء بتصريحات تعاكس الواقع وتشوه صورة الثورة، مثال ذلك لقاءات نواف البشير وأحمد الصياصنة وجلال الطويل على قنوات الإعلام الرسمي قبل أن يغادر هؤلاء سوريا ويفضحوا جرائم النظام.