محكمة أميركية تؤيد سرية «درون»

لكنها تشك في نيات الحكومة

TT

أيدت محكمة اتحادية في نيويورك السرية التي تحيط بها الحكومة الأميركية عمليات الطائرات من دون طيار (درون) في الحرب ضد الإرهاب، غير أن المحكمة شكت في نيات الحكومة بأنها تتعذر بالمحافظة على أمن الشعب الأميركي بينما لا تعلن للشعب معلومات عن ذلك.

وقالت القاضية كولين مكماهون إن إدارة الرئيس باراك أوباما «لم تخالف القانون» عندما رفضت طلب صحيفة «نيويورك تايمز» بإعلان المبررات القانونية لعمليات القتل المستهدف. غير أن مكماهون ترددت في الحكم الذي أصدرته. وأشارت إلى أن الكشف عن هذه المعلومات يمكن أن يساعد الأميركيين على فهم «هذه العملية الكبيرة المتنامية التي نخوضها منذ أكثر من عشر سنوات بتكلفة كبيرة من الأرواح والأموال، والتي يراها البعض تؤثر على الحرية الشخصية لمواطنين أميركيين».

لكن، قالت القاضية إن الحكومة «ليست ملزمة» بتسليم المواد التي طلبتها الصحيفة بموجب قانون حرية المعلومات.

وكانت الصحيفة واثنان من الصحافيين العاملين فيها، تشارلي سافيدج وسكوت شين، أقاموا دعوى ضد الحكومة لكشف تفاصيل عن برنامج طائرات من دون طيار (دورن). بما في ذلك قتل المواطنين الأميركيين أنور العولقي وابنه عبد الرحمن (16 عاما) في هجومين منفصلين في اليمن في عام 2011.

وكانت منظمات الحريات المدنية الأميركية انتقدت برنامج «درون». وقالت إنه يعطي الضوء الأخضر للحكومة لقتل أميركيين دون اللجوء إلى الإجراءات القانونية المناسبة وفقا للدستور.

لكن، رفض وزير العدل الأميركي، اريك هولدر، هذا الرأي، ورفض الوصول إلى حل وسط مع صحيفة «نيويورك تايمز»، مما جعل الصحيفة تلجأ للقضاء.

ومن بين المواد التي طلبتها الصحيفة، مذكرة قالت الصحيفة إن مكتب الاستشارات القانونية في وزارة العدل أعدها. واستشهدت الصحيفة بأشخاص قرأوا الوثيقة. وقالت إن المذكرة أعطت وزارة الدفاع حق استهداف أنور العولقي.

وأمس، بعد صدور الحكم، قالت الصحيفة إنها تعتزم استئناف القرار. بالإضافة إلى قضية الصحيفة، رفعت، في العام الماضي، عائلات ثلاثة مواطنين أميركيين من أصل يمني قتلتهم طائرات «درون» قضايا ضد ليون بانيتا، وزير الدفاع، وآخرين، في أول قضية من نوعها.

وجاء في أوراق القضية، أمام محكمة اتحادية في واشنطن، أن قتل الرجال الأميركيين الثلاثة في هجمات شنتها الحكومة الأميركية «ينتهك الحقوق الأساسية الممنوحة لأي مواطن أميركي، ومنها الحق في ألا يحرم من الحياة من دون محاكمة».

وتشمل الشكوى حالات أنور العولقي، وابنه عبد الرحمن، وسمير خان، أميركي باكستاني.

وكان خبراء في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (اي سي إل يو) قالوا إن قتل أنور العولقي «لم يكن له أي مبرر لأنه لم يكن يشكل أي تهديد فوري. لم تكن الولايات المتحدة في حالة حرب مع اليمن. وليست هي الآن في حالة حرب مع اليمن حتى يقال إن العولقي كان يحارب مع الأعداء».

وتستند القضية على معلومات صحافية تفيد بأن خان وابن العولقي لم يكونا هدفين محددين لتلك الغارات. واتهمت القضية السلطات الأميركية بعدم «اتخاذ تدابير تحمي المدنيين من مخاطر تلك الغارات»، حتى إذا كان يمكن تبرير قتل أنور العولقي.

وكان الرئيس باراك أوباما برر القضاء على العولقي بأنه بسبب «أعماله الإرهابية ضد الولايات المتحدة». وأكد أوباما في ذلك الوقت أن قتل العولقي وجه «ضربة قاسية جدا إلى أنشطة فروع القاعدة».

وفي السنة الماضية، كان وزير العدل هولدر برر قتل العولقي في خطاب رئيسي في كلية القانون في جامعة نورثويستيرن (ولاية أللينوي، قرب شيكاغو).

وعلى الرغم من أن الوزير لم يشر إلى العولقي، وكان خطابه تفسيرات قانونية عن دستورية قتل الحكومة لمواطن أميركي، كان واضحا أن الوزير يرد على الانتقادات. واعتمد على نقطتين قانونيتين:

الأولى: يعطي الدستور الأميركي الحكومة حق حماية المواطنين الأميركيين حتى من جانب مواطنين أميركيين آخرين، مثل العولقي، مثلما يحدث في الحياة اليومية عندما تضطر الشرطة لقتل مواطن يهدد آخرين.

الثانية: وافق الكونغرس في سنة 2001 على قانون أعطى الرئيس حق محاربة الإرهاب بأي صورة يراها. وهو القانون الذي استعمل لغزو أفغانستان، ثم لغزو العراق.

لكن، لم يكشف الوزير تفاصيل القرار الذي كان اتخذه في السنة الماضية عندما أجاب عن استفسار من البيت الأبيض عن قانونية قتل العولقي. كما خيب الوزير آمال الذين طلبوا نشر المذكرة السرية حول هذا الموضوع. ومن بين هؤلاء: أعضاء في الكونغرس، ومنظمة «هيومان رايتس ووتش» (مراقبة حقوق الإنسان)، ومنظمة «امنيستي إنترناشونال» (العفو الدولي)، وصحف منها «نيويورك تايمز».

وجاء في وثائق «نيويورك تايمز» عندما رفعت القضية: «بالنظر للأسئلة المحيطة بمشروعية ممارسة كل من القانون الأميركي والقانون الدولي، دعا علماء قانون بارزون، ونشطاء حقوق الإنسان، ومسؤولون حكوميون، حاليون وسابقون، الحكومة الأميركية للكشف عن تحليلها القانوني لتبرير استخدام القوة المميتة المستهدفة، وخصوصا على مواطنين أميركيين».

في ذلك الوقت، قال ديفيد ماكراو، مساعد مستشار شركة «نيويورك تايمز»: «لسنا مهتمين بتفاصيل حساسة. الأمر برمته يتعلق بحجج قانونية صيغت داخل وزارة العدل، واستخدمت لتبرير قانونية القتل».