إجماع لبناني على إغاثة النازحين السوريين.. ووزراء عون يطالبون بإغلاق الحدود مع سوريا

مفوضية شؤون اللاجئين: 177654 سوريا في لبنان.. بينهم 46855 غير مسجلين

TT

طغى ملف النازحين السوريين على مجمل المواقف الصادرة أمس على لسان مسؤولين لبنانيين، دعوا إلى التعاطي مع هذا الملف من منطلق إنساني بعيدا عن إدخاله في دائرة التجاذب السياسي، في حين غرد تكتل النائب ميشال عون النيابي والوزاري خارج سرب الأكثرية، محذرا من «خطورة استضافة النازحين السوريين في لبنان».

وأمل الرئيس اللبناني ميشال سليمان في كلمة استهل بها جلسة عقدها مجلس الوزراء اللبناني أمس لمناقشة موضوع النازحين أن يتم «التعاطي مع ملف النازحين السوريين في لبنان بعقلانية وموضوعية وبروحية التجاوب لا التنافس»، في حين طالب وزراء تكتل التغيير والإصلاح، الذي يرأسه النائب عون، خلال جلسة مجلس الوزراء أمس «بعدم استقبال النازحين السوريين بعد اليوم وإغلاق الحدود مع سوريا». وقال وزير الثقافة غابي ليون إن «لبنان لا يستطيع تحمل أعباء النازحين السوريين الوافدين إليه»، لافتا إلى أن «شبابنا يهاجر، وموضوع النازحين يشكل خطورة على لبنان، ولدينا تجارب سيئة في موضوع إيواء اللاجئين».

وفي حين شدد ليون على أن «لبنان لا يستطيع لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا ديمغرافيا ولا أمنيا أن يتحمل هذا العبء»، داعيا إلى أن «تتم استضافتهم في بلدان أخرى»، أكد النائب عن تيار عون، نبيل نقولا، أنه «ليس بمقدور لبنان تأمين فرص عمل وحياة رغيدة للنازحين السوريين»، وسأل: «ما الفرق بين لبنان والسعودية وأي دولة عربية أخرى؟ ولماذا نزح السوريون إلى لبنان وليس إلى أي دولة عربية؟ مع العلم أن هناك دولا كثيرة قادرة على تأمين المساعدات لهم أكتر من لبنان».

وفي موقف لافت أعرب عنه حزب الله أمس، اعتبر أمينه العام السيد حسن نصر الله أن النازحين يمثلون «حالة إنسانية كبيرة جدا»، داعيا إلى التعاطي مع هذا الملف «من أولوية إنسانية وعدم تسييسها». وشدد على وجوب أن «تحظى هذه العائلات بالعناية سواء كانت موالية أو معارضة أو رمادية»، لافتا إلى «أننا لا نستطيع كلبنان أن نغلق الحدود مع سوريا مع تفهمنا للمخاطر السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية».

وبحسب آخر تحديث لقاعدة البيانات الخاصة بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، علمت «الشرق الأوسط» أن عدد النازحين المسجلين حتى مساء أول من أمس بلغ 130799 نازحا سوريا، بينما ينتظر 46855 آخرون تسجيلهم، ليرتفع العدد الإجمالي للنازحين إلى 177654 نازحا سوريا.

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد تبلغ أمس من سفيرة ألمانيا لدى لبنان بريجيتا سيفكر إيبرلي، في حضور ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان نينت كيلي وممثلة منظمة اليونيسيف في لبنان آنا ماريا لوريني، أنه «تجاوبا مع خطة الاستجابة التي وضعتها الحكومة اللبنانية، تعهدت ألمانيا بتغطية حصة تفوق نسبة عشرة في المائة من المبلغ الذي تم تحديده بموجب هذه الخطة، أي بالأرقام 14 مليونا و730 ألف يورو، أو ما يعادل 19 مليونا و200 ألف دولار أميركي».

وكان وزير المال محمد الصفدي أشار إلى أن الحكومة اللبنانية ستؤمن الأموال اللازمة لتنفيذ خطتها لإغاثة النازحين من خلال «المؤسسات الخيرية وبعض الهبات الخارجية التي تضاف إلى المبلغ الذي تؤمنه الدولة». وأكد وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي أن «قضية النازحين تعني كل اللبنانيين، وليست لتسجيل النقاط بعضنا على بعض، وكل دعوتنا منذ الأساس أن تعمل الدولة كدولة، وعلى كل أجهزة الدولة جمع المعلومات والمعطيات لتصب في مكان واحد، ويتم تقاطع المعلومات، ومن ثم تتخذ الدولة القرار المناسب، وهذا القرار يكون مبنيا على معطيات ومعلومات تحدد قدرات الدولة، وليس معقولا أن لا تكون الدولة تمتلك معلومات كهذه».

من جهة أخرى، شددت كتلة المستقبل النيابية على «مسؤولية الحكومة عن تفاقم مشكلة النازحين السوريين والفلسطينيين إلى لبنان»، مشيرة إلى أن «الحل الأكثر واقعية يكون، من جهة أولى، قيام الحكومة بتنظيم مؤتمر إقليمي دولي للمنظمات والدول المانحة لدعم خطة حكومية لبنانية من أجل إغاثة النازحين السوريين ومساعدتهم على تخطي ما يعانونه. ومن جهة ثانية، العمل على تحقيق انضباط صحيح لوجودهم في لبنان بشكل سليم وإنساني، وذلك في تجمعات قريبة من الحدود اللبنانية السورية، ولا سيما في ظل احتمال زيادة أعدادهم في المستقبل وسط ابتعاد أفق الحل واستمرار تصاعد الصراع».

واستغربت التصاريح والمذكرات الصادرة عن السفير السوري في بيروت لما فيها من تجاوز للأصول الدبلوماسية واعتداء على السيادة اللبنانية، مستغربة «الموقف غير المقبول لوزير الخارجية اللبنانية والصمت شبه الكامل لرئيس الحكومة تجاه هذه التجاوزات المرفوضة والتي أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها تسترجع عهد الوصاية».