الجزائر: أويحيى يتنحى من قيادة «التجمع» بعد ضغط شديد من معارضين محسوبين على «المخابرات»

«أصحاب القرار» نظروا بعين الريبة للتقارب بينه وبين شقيق بوتفليقة

TT

أعلن أحمد أويحيى، أمين عام حزب «التجمع الوطني» الجزائري، وهو ثاني قوة سياسية في البلاد، استقالته أمس على خلفية معارضة شديد يتعرض لها منذ شهور من طرف قيادات بارزة في الحزب. وبرر أويحيى تنحيه عن قيادة «التجمع»، بـ«حرصه على الحفاظ على وحدته»، لكن الشائع أن أطرافا في النظام أرادت إبعاده عن المشهد السياسي لكبح طموحه في الترشح لانتخابات الرئاسة في 2014.

وقال أويحيى في نص الاستقالة المنشورة بالموقع الإلكتروني للحزب، والموجهة للمناضلين، إن «قراري هذا قد يكون مرا، وإنني لأطلب منكم مسبقا العذر والتفهم لأن استقالتي ليست من أجل خدمة أي حساب شخصي كان، كما قد يدعي البعض، بل هي خطوة ترمي إلى غاية نتقاسمها من دون شك، وهي الحفاظ على وحدة حزبنا الذي سأظل من مناضليه المقتنعين». وأوضح أويحيى أن استقالته تصبح عملية بدءا من 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، تاريخ انعقاد «المجلس الوطني» للحزب، مشيرا إلى أن «وحدة الصفوف تعتبر المصدر الوحيد لازدهار الحزب والاستمرار في خدمة (جزائر نوفمبرية جمهورية ديمقراطية)». واعتبر وحدة الصف «مسؤولية جسيمة تقع على كل واحد منا».

وشكر أويحيى قياديين في الحزب ساندوه في مواجهة معارضة عدد كبير من القياديين، ودعاهم إلى المشاركة في أشغال «المجلس الوطني حتى تسهموا بحكمة في استرجاع الوحدة والشرعية إلى صفوف تجمعنا». ودعا أويحيى مسانديه إلى «المشاركة في جلسة المجلس الوطني بحضور أعضائه الشرعيين فقط والاحتكام إلى القانون الأساسي والنظام الداخلي دون سواهما».

يشار إلى أن المعارضين يأخذون على أويحيى أنه «قتل الحيوية داخل الحزب»، وأنه أبعد المناضلين الأوفياء «وجلب المال القذر إلى التجمع». ومن المفارقات أن استقالته جاءت بعد نجاح كبير في انتخابات البرلمان والانتخابات البلدية وأخيرا انتخابات «مجلس الأمة».

وأضاف أويحيى في رسالة الاستقالة «لقد لجأت إليكم مباشرة، أنتم المناضلين، لأفصح عن استقالتي هذه، لكون المجلس الوطني غير مخول بحكم نصوص الحزب للنظر في ولايتي الحالية على رأس الأمانة العامة للحزب التي أقرها المؤتمر الثالث». وتابع قائلا إن الهدف من وراء قرار الاستقالة «ليس حكما على أي كان أو حتى الرد على التهجمات التي وجهت لي شخصيا، والتي كانت جارحة أحيانا».

وقال الطيب زيتوني، أحد الأعضاء النشطين في حركة إنقاذ التجمع الوطني المعارضة، لـ«الشرق الأوسط»، إن رفاقه دخلوا في اجتماع مباشرة بعد إعلان أويحيى رسميا تنحيه. وأوضح أن «الحركة» ستنظر في الإجراءات التي ستتخذ لاحقا بعد قرار أويحيى «الذي كنا نتوقعه في الأيام المقبلة لأننا أضعفناه كثيرا». ويتزعم حركة إنقاذ التجمع وزير الصحة الأسبق، يحيى قيدوم الذي يعاني من مرض خطير، ويرجح أنه لن يستمر في زعامة حركة المعارضة. ويتوقع البعض أن تؤول قيادتها إلى وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار، الشريف رحماني. والرجلان محسوبان على جهاز المخابرات العسكرية، صاحب الأمر والنهي في الدولة. ولوجود رحماني وقيدوم على رأس معارضي أويحيى، دلالات عميقة. فأويحيى كان يوصف بأنه «أقرب مدني إلى القوى النافذة في الجيش وعلى رأسها المخابرات»، وتنحيه من رئاسة الحزب على أيدي شخصين غير عاديين مؤشر قوي على أن «أصحاب القرار» تخلوا عن صنيعتهم. وهذا التخلي يفهم منه أن هؤلاء قرروا وضع حد لطموح مفترض لدى أويحيى للترشح للرئاسة في انتخابات ربيع 2014. وبالتالي فإن أويحيى لم يتنح بمحض إرادته وإنما دفع إلى الاستقالة. وتذهب قراءات أخرى لـ«استقالة» أويحيى إلى أن «أهل الحل والعقد» في النظام ينظرون بعين الريبة إلى التقارب غير العادي في المدة الأخيرة، بينه وبين السعيد بوتفليقة شقيق رئيس الجمهورية وكبير مستشاريه. وبعبارة أوضح ينظر جهاز المخابرات إلى الأمر من زاوية أن «رجله الوفي» أضحى مقربا من الرئاسة أكثر من اللازم، وهي المؤسسة التي تنافسه بشراسة على اقتسام الصلاحيات والنفوذ في أجهزة الدولة.