رجل أعمال لبناني ـ فرنسي يؤكد امتلاكه «براهين» على تلقي ساركوزي أموالا من القذافي

مقربون من الرئيس السابق يردون على اتهاماته

TT

يحمل العام الجديد في طياته كثيرا من المخاطر للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي تلاحقه مجموعة من «الفضائح» الكامنة أو المعلنة التي تهدد بالانفجار بوجهه في وقت أو آخر. وآخر ما استجد منها عودة الاتهامات الموجهة إليه بحصوله على تمويل من ليبيا لحملته الرئاسية لعام 2007 التي أوصلته إلى قصر الإليزيه.

وعلى الرغم من أن هذه الاتهامات ليست جديدة يبقى الجديد فيها أنها جاءت أول من أمس على لسان الوسيط اللبناني - الفرنسي، زياد تقي الدين، الذي كان على علاقة جيدة مع النظام الليبي ومع المحيط المباشر للرئيس ساركوزي نفسه، إلى درجة أنه عاد يوما من طرابلس وهو يحمل في حقيبة مبلغ 1,5 مليون دولار، واتهم تقي الدين بتبييض الأموال والفساد.

وقال تقي الدين الذي كان ناشطا في قطاع صفقات السلاح بين فرنسا وبعض بلدان الشرق الأوسط، بحسب ما نقلته صحيفة «لو باريزيان» عن محضر استجوابه على يدي قاضي التحقيق، رينو فان ريمبيك يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إنه يمتلك «البراهين» على قيام ليبيا بتمويل حملة ساركوزي الانتخابية بما يتجاوز مبلغ 50 مليون دولار، وإنه قادر على «توفيرها» لقاضي التحقيق.

وتتقاطع هذه المعلومات مع ما سبق أن قاله سيف الإسلام القذافي، إبان الحرب في ليبيا حيث أكد أن بلاده مولت الحملة المذكورة مطالبا الرئيس الفرنسي وقتها بـ«رد الأموال للشعب الليبي». كما أن صحيفة «ميديا بارت» الإلكترونية نشرت في أبريل (نيسان) الماضي رسالة لرئيس الوزراء الليبي السابق الذي هرب إلى تونس، عبر أحد محاميه، يشير فيها إلى دور العقيد القذافي بإرسال أموال إلى المرشح ساركوزي قبل عام 2007. وجدير بالذكر أن القذافي زار فرنسا رسميا شتاء العام المذكور. وعقب نشر الرسالة، قدم ساركوزي دعوى ضد الصحيفة الإلكترونية أمام القضاء بتهمة القدح والذم، وردت الصحيفة بدورها بالادعاء على الرئيس السابق.

ولا تتوقف اتهامات تقي الدين على ساركوزي وحده بل تتناول وزير داخليته، كلود غيان، الذي أدار حملة المرشح ساركوزي في عام 2007. وبعد وصول الأخير إلى قصر الإليزيه عين في منصب أمين عام الرئاسة وكان الشخص الأقرب للرئيس اليميني الذي عينه في أواخر عهده وزيرا للداخلية. ويؤكد تقي الدين أن غيان كان على تواصل مع السكرتير الشخصي للعقيد القذافي، بشير صالح.

وحتى عصر أمس لم يصدر مباشرة أي رد فعل عن ساركوزي العالق في تهم مشابهة مرتبطة بثرية فرنسا الأولى، ليليان بتانكور. وكان خضع بصددها لاستجواب قاضي التحقيق في مدينة بوردو. غير أن غيان رد على تقي الدين داعيا إياه إلى «إبراز» القرائن التي يدعي حيازتها إن كان يمتلك مثلها، واصفا ما ادعاه بأنه «محض ترهات». أما بخصوص التواصل مع نظام القذافي، فإن وزير الداخلية السابق لم ينف ذلك أبدا بل ربطه بحاجة الدول الأجنبية التواصل مع المرشح ساركوزي الذي كانت استطلاعات الرأي تفيد بإمكانية فوزه برئاسة الجمهورية الفرنسية. وانضم إلى جوقة المدافعين عن الرئيس السابق وزير الداخلية الأسبق بريس هورتفو، وكريستيان جاكوب، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية في الجمعية الوطنية. ووصف الأخير ادعاءات تقي الدين بأنها «خرافات لا أساس لها من الصحة».

وترى أوساط متابعة للملف أن اتهامات تقي الدين جاءت من باب «تصفية الحسابات» مع ساركوزي وأعوانه السابقين لأنهم «تخلوا عنه». وسبق للقضاء أن وجه اتهامات كثيرة لتقي الدين بشأن تبييض الأموال أو التورط في فضيحة بيع ثلاث غواصات من طراز «أغوستا» إلى باكستان وقبض عمولات عن ذلك أو في صفقات سلاح أخرى.

وحتى وقت قريب كانت لتقي الدين علاقات جد وثيقة مع زعماء اليمين الفرنسي ضمنهم جان فرنسوا كوبيه، الرئيس الحالي لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية.

ولا تتوقف مآسي ساركوزي عند هذا الحد،إذ إن اسمه وارد أيضا في موضوع قبض العمولات من صفقة «أغوستا» لجهة موافقته كوزير للميزانية في عهد حكومة إدوار بالادور على إنشاء شركة في لوكسمبورغ عادت إليها بعض أموال العمولات على الصفقة مع باكستان.وفضلا عن ملف بتانكور، فإن اسمه ورد في دعوى أقيمت على قصر الإليزيه أثناء عهده لجهة تنفيع أحد المقربين منه في عقود من غير منافسة لإجراء استطلاعات للرأي دفعت كلفتها من ميزانية الرئاسة.