مشروع قانون الانتخابات البرلمانية يجدد خلافات القوى السياسية في مصر

«الإنقاذ» تضع شروطا للمشاركة فيها.. وقيادي في «الحوار الوطني» وصف بعضها بـ«الساذجة»

مواطنة مصرية تشارك في مظاهرة بالتحرير ضد سياسات الرئيس محمد مرسي أمس (أ.ب)
TT

تبدأ مصر فصلا جديدا من الصراع السياسي على خلفية قانون الانتخابات البرلمانية التي تعكف حكومة الدكتور هشام قنديل على الانتهاء منه خلال الأسبوع الجاري.

وبينما لا تزال التصريحات الرسمية تشير إلى أنه لن يتم الدفع بالقانون لإقراره في مجلس الشورى قبل طرحه لنقاش مجتمعي، قالت قيادات معارضة بجبهة الإنقاذ الوطني إن جلسات الحوار الوطني التي يرعاها الرئيس محمد مرسي تجاهلت مقترحاتها بشأن القانون.

وتأمل المعارضة في تعديل ميزان القوى لصالحها في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) بعد أن هيمن الإسلاميون على منصب رئيس الجمهورية ومجلس الشورى، الذي انتقلت إليه سلطة التشريع كاملة لحين انتخاب مجلس النواب.

وأثبتت المعارضة قدرتها على الحشد خلال مظاهراتها للاحتجاج على الإعلان الدستوري المثير للجدل الذي أصدره مرسي الشهر قبل الماضي، رغم فشلها في إسقاط الدستور خلال الاستفتاء الذي جرى الشهر الماضي. وسيكون عليها تحقيق نتائج مرضية في انتخابات مجلس النواب إن أرادت أن تشارك في صناعة القرار السياسي، بحسب مراقبين.

وتصدرت الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد صدارة المشهد بعد هدوء نسبي أعقب إقرار الدستور الجديد، لكن طرفي الصراع في البلاد (جماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها من القوى الإسلامية من جانب، وجبهة الإنقاذ الوطني المعارضة من جانب آخر) يستعدان لمعركة البرلمان التي يرى مراقبون أنها ستحدد مصير البلاد لسنوات قادمة، خاصة أن البرلمان المقبل سيلعب دورا أساسيا في تشكيل الحكومة. وأعلنت جبهة الإنقاذ الوطني، وهي تحالف واسع بين القوى المدنية، أمس، عشرة شروط للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتضمنت هذه الشروط رؤية الجبهة في قانون الانتخابات، والضمانات الإجرائية اللازمة، ومنها إشراف مؤسسات المجتمع المدني على العملية الانتخابية، وتخفيض عدد الناخبين في كل لجنة انتخابية فرعية.

وبموجب الدستور الجديد لا بد من بدء إجراءات الانتخابات خلال 60 يوما من إقرار الدستور الجديد، وهو ما يعني أن تبدأ لجنة الانتخابات في أعمالها نهاية الشهر المقبل.

وشددت جبهة الإنقاذ على ضرورة إعادة تقسيم القوائم الانتخابية التي تمثل ثلثي مقاعد مجلس الشعب، بحيث تكون لكل محافظة قائمة واحدة، ما عدا المحافظات الخمس الأكبر في عدد السكان، فتقسم كل منها إلى قائمتين فقط.

وقال المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي القيادي البارز في جبهة الإنقاذ، إن المشاركين في جلسات الحوار الوطني التي ترعاها مؤسسة الرئاسة ويديرها نائب رئيس الجمهورية المستقيل محمود مكي قد تجاهلت مطالب الجبهة.

في المقابل، قال الدكتور محمد محيي وكيل حزب غد الثورة المشارك في جلسات الحوار، إنهم (الحوار الوطني) تسلموا بالفعل مقترحات جبهة الإنقاذ التي سلمها القيادي في الجبهة الدكتور عبد الغفار شكر، مشيرا إلى أنهم أخذوا بالفعل ببعض هذه المقترحات.

وأوضح محيي لـ«الشرق الأوسط» أمس أنه تم التوافق على أن تتضمن التعديلات على قانون الانتخابات تقديم المرأة للنصف الأول من القائمة باستثناء الدوائر التي تقتصر قوائمها على أربعة مقاعد فقط.

وتابع: «تم التوافق أيضا على أن يتم إعلان نتائج فرز الأصوات داخل اللجان الفرعية، واللجان العامة عقب انتهاء عمليات التصويت»، لافتا إلى أنه يصعب في الوقت الراهن تعديل الدوائر الانتخابية، وهو أحد مطالب الجبهة، مؤكدا أن الانتخابات ستجري وفق تقسيم الدوائر في الانتخابات البرلمانية السابقة. ووصف محيي مطلب جبهة الإنقاذ بإعلان فوز المرشحين على المقاعد الفردية بأعلى الأصوات من الجولة الأولى دون اشتراط حصولهم على الأغلبية المطلقة بـ«السذاجة السياسية»، قائلا إن «هذا مطلب حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) أيضا، وهو يعني أن يتم تسليم البرلمان لـ(الإخوان).. هذا مطلب سياسي ساذج من المعارضة».

وفيما يتعلق بخفض عدد الناخبين المقيدين في كل لجنة فرعية إلى 500 ناخب، قال محيي: «هذا أمر تختص به اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات.. وهو مطلب غير ممكن تحقيقه أيضا لأنه يعني ببساطة ضرورة توفير مائة ألف عضو هيئة قضائية للإشراف على الانتخابات، وهذا غير ممكن عمليا». وينص الدستور الجديد في أحكامه الانتقالية أيضا على أن تتولى اللجنة العليا للانتخابات القائمة في تاريخ العمل بالدستور، الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية، وعلى أن يتم لاحقا تشكيل مفوضية وطنية للانتخابات.

وتطالب القوى المعارضة أيضا بضرورة النص في قانون الانتخابات على دور وصلاحيات منظمات المجتمع المدني في الرقابة على الانتخابات، ومشاركة منظمات المجتمع المدني في اللجان المنبثقة عن اللجنة العليا للانتخابات، وتنظيم حصول المراقبين والمندوبين على تصاريح الرقابة، بحيث يكون للمندوبين حق الرقابة على مقار الانتخاب للقائمة كلها.

وكانت جبهة الإنقاذ قد شككت في نتائج الاستفتاء على الدستور، قائلة إن عملية التصويت شابتها خروقات قانونية كثيرة، وهو ما نفته اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء في حينه. ودعت جبهة الإنقاذ جميع المصريين إلى المشاركة في مظاهرات تستعد لتنظيمها في الذكرى الثانية للثورة يوم 25 يناير (كانون الثاني) المقبل، للتأكيد على رفض الجبهة للدستور المعمول به حاليا، كما تأمل في أن تكون تلك المظاهرات استعراضا لقوتها على الأرض، بحسب مراقبين.