نائب كردي يتوقع حربا اقتصادية قادمة بين الإقليم وبغداد

مصدر قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط»: بعد تفرغه من الأزمة مع السنة سيعيد المالكي فتح جبهة أخرى مع كردستان

TT

تتفاعل الأزمة التي اندلعت احتجاجا على أوضاع السجينات العراقيات، والتي أطلقت شرارتها إجراءات ملاحقة أنصار القيادي السني العراقي رافع العيساوي، في المناطق السنية بالعراق مما نقل اهتمامات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى جبهة جديدة تشتد فيها المواجهة الإعلامية إلى درجة أن المالكي بنفسه حذر من تحولها إلى حرب طائفية، كما حذر في وقت سابق من مواجهته مع إقليم كردستان بالمناطق المتنازع عليها أنها قد تتحول إلى حرب قومية «عربية كردية».

المواجهة الجديدة للمالكي الذي يصر على خلق الأزمات المتعددة والمتلاحقة وهذه المرة مع السنة، ترشح حسب مصدر قيادي كردي لحرب أخرى قادمة ضد كردستان، ولكن هذه المرة بواجهة اقتصادية.. فهذا القيادي يؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأزمة التي بدأت في المناطق السنية بانطلاق المظاهرات المنددة بسياسات المالكي، قد حولت انتباهه إلى تلك المناطق والتي تعد أكثر خطورة على حكومته، ولذلك أجل صراعه المستديم مع قيادة كردستان لفترة حتى يتفرغ لمواجهة الخطر الأكبر القادم من تلك المناطق السنية، ولكن ما إن يفرغ من تهدئة تلك الأزمة أو احتوائها بأي شكل من الأشكال حتى يلتفت مرة أخرى إلى كردستان، فهذا الرجل لا يستطيع الحكم إلا في ظل خلق الأزمات المتتالية، والهدف هو التستر على فشله في إدارة شؤون البلاد التي تعاني من أزمات اقتصادية ومعيشية وخدمية رغم أن ميزانيتها تفوق ميزانيات عشر دول مجتمعة». ونبه القيادي الكردي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن «الجدال الحاصل حاليا في بغداد حول تقليص نسبة حصة كردستان من ميزانية الدولة سيكون العنوان الأبرز للأزمة القادمة التي سيخلقها المالكي مع إقليم كردستان، فمعظم النواب والمسؤولين الداعين إلى تقليص هذه النسبة هم من كتلة المالكي وأعوانه، وهذا يؤكد أن المالكي يدفعهم بهذا الاتجاه، لكي يمهد لخلق أزمة جديدة مع كردستان».

وكانت القيادة الكردية والكتل السياسية العراقية قد وقعت مجتمعة بعد سقوط النظام السابق وكتابة الدستور وتشكيل الحكومة العراقية على اتفاق سياسي يقضي بتخصيص نسبة 17 في المائة من ميزانية الدولة العراقية لإقليم كردستان إلى حين إجراء الإحصاء السكاني العام في العراق، وتعتمد تلك النسبة التقديرية على معطيات البطاقة التموينية لسكان العراق، وهي نسبة تم الاتفاق بشأنها، وسينتهي مفعول ذلك الاتفاق بعد ظهور النتائج النهائية للإحصاء السكاني والتي ستحدد عدد نفوس العراقيين في المحافظات، عندها يمكن أن تقسم الدولة مواردها وفقا للنسب السكانية، لكن دلير محمود مقرر اللجنة المالية والاقتصادية في البرلمان الكردستاني يؤكد لـ«الشرق الأوسط» بدوره أن «الحكومة العراقية تخاف من إجراء ذلك الإحصاء السكاني، ولذلك تخرج علينا كل يوم بتبريرات مختلفة لعدم إجراء ذلك الإحصاء».

وحول التكهنات الرائجة حاليا بتقليص الميزانية وتداعياتها على الوضع الاقتصادي في كردستان، قال محمود «أولا الحصة المقررة لكردستان تقرر تحديدها وفقا لاتفاق سياسي، والاتفاقات السياسية هي بالأساس أخذ وعطاء، ففي ظل هذا الاتفاق وقعت العديد من الاتفاقات السياسية الأخرى، بمعنى أن أي إخلال بهذا الاتفاق سيؤدي بدوره إلى الإخلال بالاتفاقات الأخرى ومنها تلك المتعلقة برسم العملية السياسية والشراكة والمشاركة بالحكومة وغيرها من الالتزامات التي فرضت على الأطراف السياسية وفقا لاتفاقات سابقة، وأؤكد أن أي مساس بهذا الاتفاق يعني تجويع الشعب الكردستاني وشن حرب اقتصادية ضد الإقليم، وستكون لهذه الحرب لو وقعت تداعيات خطيرة جدا ليس على المستوى المعيشي بل على المستوى السياسي أيضا».

وأوضح النائب محمود تلك التداعيات قائلا إن «كردستان حققت تقدما اقتصاديا كبيرا بفضل تلك الحصة المقررة من ميزانية الدولة، بالمشاريع التنموية والنهضة العمرانية والاقتصادية التي أصبحت لافتة أمام الجميع، وأن أي مساس بالحصة سيؤثر بطبيعة الحال على مستويات التنمية الاقتصادية وبالتقدم الحاصل يوما بعد يوم بكردستان، كما أن من شأن أي حديث عن تقليص الميزانية أن يؤخر مناقشات البرلمانين العراقي والكردستاني ومصادقة ميزانيتهما، بمعنى أن المتضرر لن يكون فقط الشعب الكردي بالإقليم، بل إن الشعب العراقي سيكون هو المتضرر الأكبر.

، وخاصة في ظل الوضع المتردي الحالي بالعراق الذي ستتأثر حركة أسواقه بأي تأخير لمصادقة الميزانية، إضافة إلى وقف العديد من المشاريع الخدمية التي يحتاجها العراق حاليا، بل هو بأشد الحاجة إليها بسبب إخفاق الحكومة بتلبية مطالب الشعب العراقي من المشاريع الخدمية، وسيجر هذا الأمر مشاكل أخرى ليس أقلها زيادة نسبة البطالة وإفقار الشعب».

يذكر أن كتلة التحالف الكردستاني وعلى لسان متحدثها مؤيد طيب قد أكدت أن «هناك عددا من أعضاء البرلمان من كتلة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يطالبون بتقليص حصة كردستان من ميزانية الدولة من 17 إلى 13 في المائة، وهذا إن تحقق فإنه سيؤدي إلى خلق أزمة كبيرة بين أربيل وبغداد». وقال طيب إن «التحالف الكردستاني يرحب بأي زيادة أو تقليص بالميزانية، ولكن على أساس النتائج التي ستظهر بعد إجراء الإحصاء السكاني، وقبل ذلك لن نسمح بأي مساس بالحصة المقررة لأن جميع الكتل والأطراف العراقية وقعت على اتفاق بهذا الشأن ولا نسمح بانتهاكه أو إلغائه».

وتبلغ الميزانية التقديرية للعراق للعام الحالي 2013 بما يقدر بـ138 تريليونا و424 مليارا و608 ملايين دينار عراقي، وتخصص حصة كردستان، وفقا لذلك، بما يقدر بـ14 تريليونا و406 ملايين دينار.