المغرب: الغاضبون على أمين عام «الاستقلال» يشكلون تيار «لا هوادة»

شباط يشبه أسلوب ابن كيران في قيادة الحكومة بأسلوب قيادة محمد مرسي لمصر

حميد شباط أمين عام حزب الاستقلال خلال مؤتمر صحافي في الرباط مساء أول من أمس (تصوير: منير أمحيمدات)
TT

جاء أول رد فعل على مذكرة المطالبة بتعديل حكومي، التي رفعتها قيادة حزب الاستقلال أول من أمس إلى رئيس الحكومة وقادة أحزاب الغالبية الحكومية، من داخل حزب الاستقلال نفسه. فقد أعلن الغاضبون داخله معارضتهم لمطلب التعديل الحكومي، كما أعلنوا خلال مؤتمر صحافي عقدوه أمس في الرباط، عن تشكيل تيار سياسي معارض داخل الحزب اسمه «لا هوادة».

وقال أنس بنسودة، أحد متزعمي التيار المعارض داخل الحزب، لـ«الشرق الوسط»، إن «تيار لا هوادة» سيعقد أول اجتماع موسع لأعضائه يوم غد (الأحد) من أجل انتداب لجنة تنسيقية، ووضع خطط عمل للتيار في مواجهة الأمين العام، واللجنة التنفيذية للحزب.

وقال بنسودة خلال مؤتمر صحافي «نحن لسنا حركة انشقاقية، ولا نسعى إلى تأسيس حزب جديد، وإنما نمثل خطا نضاليا فكريا يسعى من داخل الحزب إلى رد الاعتبار للعمل السياسي، والدفاع عن ثوابت حزب الاستقلال والثوابت الوطنية». وأشار بنسودة إلى أن تيار «لا هوادة» يمثل أكثر من نصف أعضاء المجلس الوطني للحزب الغاضبين على الطريقة التي تم بها مؤتمر الحزب، والتي أعطت الأمانة العامة لحميد شباط، وعلى الطريقة التي بدأ يتصرف بها داخل الحزب من خلال تغيير بعض المسؤولين الحزبيين بشكل غير ديمقراطي، وتنصيب موالين له، وانفراد الأمين العام بالقرارات دون الرجوع إلى أجهزة الحزب.

وانتقد بنسودة المذكرة التي رفعها شباط أول من أمس لرئيس الحكومة وقادة أحزاب الغالبية، وقال إن مثل هذه المذكرة، التي تضمنت مطالب بتعديل الحكومة كان يجب أن تتم مناقشتها والمصادقة عليها من طرف المجلس الوطني للحزب، الذي يعتبر أعلى هيئة تقريرية بعد مؤتمر الحزب، قبل رفعها لرئيس الحكومة.

وأشار بنسودة إلى أن المطالبة بالتعديل الحكومي التي تضمنتها مذكرة شباط لا تنطلق من اعتبارات سياسية موضوعية، وإنما تهدف إلى إرضاء بعض أعضاء الحزب الذين أصيبوا بخيبة أمل بسبب عدم إسناد مهام وزارية لهم في حكومة عبد الإله ابن كيران.

وفي غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن المعارضين لشباط رفعوا دعوى قضائية استعجالية جديدة ضده في الرباط، والتي تطعن في دعوته لانعقاد المجلس الوطني للحزب في دورة غير عادية يوم 11 يناير (كانون الثاني) الحالي. وستنظر المحكمة في هذه الدعوى يوم 8 من الشهر الحالي. وترتكز هذه الدعوى الجديدة على كون المعارضة سبق لها أن رفعت دعوى قضائية تطعن فيها في المؤتمر السادس عشر للحزب ونتائجه، وعلى رأسها انتخاب شباط أمينا عاما لحزب الاستقلال في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، إضافة إلى انتخاب اللجنة التنفيذية للحزب، وتشكيلة مجلسه الوطني.

ولا تزال هذه الدعوى جارية أمام القضاء، وتم تأجيلها حتى يوم 18 من الشهر الحالي، حيث سيقدم المتقاضيان مرافعات كتابية. وترى المعارضة أن دعوة شباط لانعقاد المجلس الوطني للحزب تعتبر باطلة ما دامت قضية الطعن في المؤتمر ونتائجه جارية أمام المحكمة. إضافة إلى ذلك، ترى المعارضة أن قوانين الحزب تنص على تنظيم دورتين في السنة للمجلس الوطني، الأولى في أكتوبر (تشرين الأول)، والثانية في أبريل (نيسان)، وتشير إلى أن دورة أكتوبر لم تتم الدعوة إليها في وقتها. كما انتقد أعضاء في التيار المعارض داخل الحزب تصادف تاريخ الدعوة لانعقاد المجلس الوطني للحزب مع يوم 11 يناير، وهو يوم ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في المغرب.

وكان شباط نظم مساء أول من أمس مؤتمرا صحافيا في المقر المركزي للحزب بالرباط، قدم خلاله المذكرة التي رفعها لرئيس الحكومة، وقادة أحزاب الغالبية. وقال شباط إن المذكرة تم إعدادها بمشاركة جميع أفراد اللجنة التنفيذية للحزب، الذين صوتوا عليها بالإجماع. وأضاف «استغرق وقت إعداد المذكرة ستين يوما، وأردت أن أقدمها في هذا اليوم بالذات، والذي يصادف مرور مائة يوم على انتخابي أمينا عاما للحزب، ومرور سنة على تنصيب الحكومة».

وأوضح شباط أن الحزب متمسك بالمشاركة في الحكومة، وقال «إن مشاركة الحزب في حكومة ابن كيران كانت بقرار من المجلس الوطني للحزب، وقرار الانسحاب من الحكومة لا يمكن إلا أن يكون بقرار من المجلس الوطني».

وقال إن هدف المذكرة هو تقييم الأداء الحكومي واقتراح إجراء تعديل حكومي من أجل الرفع من هذا الأداء، وإصلاح العديد من الاختلالات، والتي ذكر منها تعدد الرؤوس بوجود وزيرين في بعض القطاعات، كقطاع المالية والخارجية، والذي يؤثر على الأداء خاصة حين يكون الوزيران من حزبين مختلفين. كما انتقد التضارب في تصريحات أعضاء الحكومة، وضعف التنسيق بينهم، وعدم التشاور والتنسيق بين الأحزاب المشاركة في ائتلاف الغالبية. كما انتقد شباط استفراد ابن كيران باتخاذ مجموعة من القرارات غير الشعبية من دون مشاورة شركائه في التحالف الحكومي، خاصة التراجع عن اتفاقيات تشغيل العاطلين، وعدم تنفيذ بعض مقتضيات اتفاقية الحكومة السابقة مع النقابات، والزيادة في أسعار المحروقات، والتصريحات المنفردة حول إصلاح صندوق المقاصة (موجه لدعم أسعار الطاقة والسكر والدقيق) وصناديق التقاعد، مشيرا إلى أن مثل تلك القرارات تشكل خطرا على استقرار البلاد، ويجب الرجوع فيها إلى الغالبية الحكومية. ودعا شباط إلى إعادة النظر في ميثاق الغالبية، وشبه أسلوب ابن كيران في قيادة الحكومة بأسلوب قيادة محمد مرسي لمصر.

كما انتقد شباط بطء تعامل الحكومة مع القوانين التي نص عليها الدستور الجديد، والتي يجب أن تصدر كلها خلال ولايتها، والتي ذكر منها القوانين التي تهم الهوية كالقانون المتعلق بالأمازيغية، وقانون الإضراب. وأضاف «الآن انقضت سنة من عمر الحكومة من دون إخراج أي من هذه القوانين، والسنة المقبلة ستكون سنة انتخابات بلدية، كما أن السنة الأخيرة من عمر الحكومة ستكون أيضا سنة إعداد الانتخابات التشريعية المقبلة، إذن، فلا يتبقى أمامنا إلا سنتان فقط من أجل القيام بالإصلاحات الكبرى التي ينتظرها الشارع، وإخراج القوانين الكبرى التي نص عليها الدستور الجديد. ونعتقد أن إجراء تعديل حكومي من أجل نجاعة أكبر في العمل، أصبح أمرا ملحا وضروريا».

وغاب عن المؤتمر الصحافي وزير المالية نزار بركة، الذي تقول أوساط حزبية إنه من بين المستهدفين من التعديل الحكومي الذي يرغب فيه شباط. إلا أن هذا الأخير عزا غياب بركة إلى وجوده خارج المغرب، وقال إنه أسهم في صياغة المذكرة، وإنه متفق عليها.

يذكر أنه تم تسليم المذكرة لرئيس الحكومة في نحو الساعة السادسة والربع من مساء أول من أمس. ويرتقب أن تعقد قيادة حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، اجتماعا اليوم أو غدا لتدارس المذكرة، حسب ما قاله مسؤول حزبي لـ«الشرق الأوسط».