تضارب حول أسباب انفجار محطة بدمشق.. والنظام يتقدم في داريا

الخطيب: النظام المجرم عجن الخبز بدماء الأطفال

TT

تحولت محطات الوقود في العاصمة السورية، بعد المدارس والأفران، إلى طعم لاصطياد المدنيين، حيث قتل أمس تسعة أشخاص على الأقل إثر انفجار بمحطة للوقود في حي مساكن برزة في شمال دمشق، بعد يومين فقط من مقتل 30 شخصا إثر تنفيذ القوات النظامية غارة جوية على محطة للوقود في منطقة المليحة في ريف دمشق، في حين اعتبر رئيس الائتلاف الوطني السوري أن إيقاف المجازر في سوريا هو مسؤولية المجتمع الدولي.

ووجه رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب نداء إلى كل من «الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والأمين العام لجامعة الدول العربية والمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، وملوك وأمراء ورؤساء حكومات العالم»، اعتبر فيه أن «إيقاف ما يجري في سوريا من مجازر هو مسؤولية دولية على الجميع تحملها». وأشار إلى أن «النظام المجرم لم يكتف بقصف المدنيين بالطائرات والصواريخ والأسلحة الثقيلة، بل إنه عجن الخبز بلحوم ودماء الأطفال الأبرياء، وقصف حتى المخابز والمساجد ومحطات الوقود، ويمارس إبادة جماعية كاملة، ولم يترك جريمة ضد الإنسانية إلا وارتكبها».

واعتبر الخطيب أن «شعبنا يتعرض للإبادة، وبلادنا تدمر، والصمت الدولي يشجع النظام على ارتكاب المزيد من الجرائم»، واضعا «الجميع أمام مسؤولياتهم الدولية؛ السياسية والأخلاقية».

ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل ما لا يقل عن تسعة مواطنين بينهم أطفال إثر انفجار سيارة مفخخة في محطة وقود قاسيون في حي مساكن برزة في دمشق، مشيرا إلى «أن العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالة خطرة». وكان المرصد أفاد في وقت سابق بانفجار السيارة في الحي الذي تقطنه غالبية سنية إضافة إلى أقلية علوية، موضحا أن «سيارات الإسعاف تتوافد إلى منطقة الانفجار».

من جهتها، أفادت «الهيئة العامة للثورة السورية» بأن الانفجار وقع «على بعد أمتار من محطة وقود حاميش»، وأعقبه «إطلاق نار كثيف وانتشار أمني وقطع للطريق العام».. فيما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» بـ«تفجير إرهابي في كازية قاسيون بجانب مشفى حاميش في برزة»، مشيرة إلى «أنباء عن إصابات» من دون أن تحدد عددها أو طبيعتها.

لكن محمد علوش، المدير التنفيذي في جبهة تحرير سوريا، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن انفجار محطة الوقود في مساكن برزة «ناتج عن قذيفة أطلقتها القوات النظامية باتجاه المحطة»، نافيا أن يكون التفجير «ناتجا عن سيارة مفخخة». وقال علوش إن «وجود السيارات على محطة الوقود، حيث توجد المواد القابلة للاشتعال، دفع الناس للاعتقاد بأنه ناتج عن سيارة مفخخة، غير أن الحقيقة تقول إن استهداف المحطة جرى بقذيفة مدفعية، أثناء ملاحقة القوات النظامية لمقاتلين معارضين». وأضاف: «في هذه الأوقات، يكثر الطلب على الديزل والبنزين؛ لأن الناس يحتاجونهما للتحرك والتنقل والتدفئة، فيجد النظام في محطات الوقود فخا لاصطياد المعارضين والمدنيين».

واعتبر علوش أن «هذه السياسة جديدة بالنسبة إلينا، وطارئة على السوريين، مدنيين ومعارضين، وستكون مضرة جدا على الجهتين»، مؤكدا أن سياسة ضرب محطات الوقود «التي تنضم إلى سياسة الأرض المحروقة، جاءت بعد استهداف المدارس أولا، ثم أفران الخبز».

ووثقت لجان التنسيق المحلية أمس مقتل ما يزيد على ثمانين شخصا بينهم الكثير من الأطفال والنساء، معظمهم في دمشق وريفها، وحمص وحلب. وذكرت اللجان أن الجيش الحر تمكن من إسقاط أربع طائرات تابعة لجيش النظام، منها طائرتان في ريف حلب، لم يتم الكشف عن نوعهما، بالإضافة إلى طائرة قتالية من نوع «ميغ» في دير الزور، وطائرة مروحية في تفتناز، وأن مقاتلي المعارضة تمكنوا من فرض سيطرتهم على نحو 70 في المائة من مطار تفتناز، وقاموا بتصفية قائد المطار ورئيس الاتصالات.

في هذا الوقت، أعلن النظام السوري أن قواته حققت تقدما على الأرض في محيط مدينة معضمية الشام جنوب غربي دمشق، وعززت مواقعها في مدينة داريا المجاورة التي تحاول منذ أسابيع السيطرة عليها بشكل كامل، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «قوات النظام أحرزت تقدما في مدينة داريا وفي محيط المعضمية اللتين كانت تركز عملياتها حولهما منذ يوم الخميس»، مشيرا إلى أن النظام «عزز حواجز قواته في المناطق المحيطة بداريا». وإذ لفت إلى أن التقدم أحرز ليل الخميس وخلال يوم أمس، أشار إلى «وجود استماتة لدى النظام لحسم مسألة السيطرة على المعضمية وداريا ومحيطهما». وتنفذ القوات النظامية منذ أسابيع عمليات واسعة في ريف دمشق للقضاء على معاقل المقاتلين المعارضين الذين يستخدمون هذه المناطق كقاعدة خلفية لعملياتهم في اتجاه العاصمة. وقد استقدمت لهذه الغاية على مدى الأيام الماضية والجمعة تعزيزات عسكرية كبيرة، لا سيما إلى داريا التي كانت دخلت إلى أجزاء منها الأسبوع الماضي.

في المقابل، قال علوش لـ«الشرق الأوسط» إن «كتائب الصحابة» التابعة للجيش الحر في داريا «صدت الهجوم، ومنعت القوات النظامية من التقدم»، مشيرا إلى «صمود المقاتلين المعارضين في وجه أعنف حملة عسكرية تتعرض لها داريا». ووقعت اشتباكات عنيفة في هذه المناطق الجمعة، تخللتها غارات من طائرات حربية أحدثت دمارا هائلا في المعضمية، بحسب ما أظهرت أشرطة فيديو، وأوقعت قتلى وجرحى.

وكانت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام السوري كتبت الجمعة أن الجيش النظامي «حسم معركته مع الإرهابيين في مدينة داريا بريف دمشق، ودمر ما تبقى من أوكار لمسلحيهم، وأوقع إرهابيي جماعة (النصرة) بين قتيل وجريح ومستسلم»، وتوقعت الصحيفة «أن يتم إعلان داريا آمنة مساء اليوم (أمس الجمعة)»، مشيرة إلى أن محور دمشق الجنوبي «بات آمنا».

في محافظة إدلب، أفاد المرصد بوجود اشتباكات «في محيط مطار تفتناز العسكري بين القوات النظامية ومقاتلين من جبهة النصرة وكتائب أحرار الشام والطليعة الإسلامية ولواء داود، في محاولة مستمرة منذ ثلاثة أيام للسيطرة على المطار». بينما في حلب، قتل مقاتل معارض في اشتباكات مع القوات النظامية في محيط مقر اللواء 80 قرب مطار حلب الدولي، حيث تتركز المعارك منذ أيام، وقد أقفل نتيجتها المطار منذ الثلاثاء.