وزيرا خارجية السعودية ومصر: حان وقت خروج العراق من المذهبية وفتنة الطائفية

الفيصل: السوريون هم من يحدد طريقة خروج الأسد > عمرو: زيارة صالحي للقاهرة تتعلق بالملف السوري

الأمير سعود الفيصل ووزيرالخارجية المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

أكد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، أن بلاده تؤيد الحل السلمي في سوريا «وهو أمر مرغوب عربيا ودوليا»، مؤيدا في الوقت ذاته ترك الخيار للشعب السوري في تحديد طريقة خروج نظام الرئيس بشار الأسد من السلطة.

وأشار الفيصل في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري محمد كامل عمرو، في أعقاب محادثات جرت بينهما في الرياض أمس، إلى أن العراق لن يعود لوضع الاستقرار إلا بخروجه من دائرة المذهبية المنتشرة حاليا فيه. وأضاف سعود الفيصل أنه يشعر بالألم لما يحدث هناك «إلا أنه لا يمكنه التدخل في الأوضاع التي يشهدها العراق حاليا من احتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، بصفة أن العراق بلد مستقل». واتفق معه وزير الخارجية المصري قائلا إنه آن الأوان ليخرج العراق من الأزمة ودائرة الفتنة الطائفية ويستفيد من موارده الطبيعية.

ومن جانبه، ذكر الوزير محمد كامل عمرو أن «الوضع في سوريا مأساوي ولا يمكن القبول باستمراره، ولا بد من تحقيق مطالب السوريين مثل الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية والمحافظة على وحدة التراب السوري». وأعلن عمرو رفض بلاده تأجيل المؤتمر المقبل لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، مؤكدا أن الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي للقاهرة الأربعاء المقبل «تأتي في إطار لقاء مجموعة الاتصال الإقليمية التي تضم السعودية ومصر وتركيا وإيران، والتي اقترحها الرئيس المصري محمد مرسي في محاولة لإيجاد حل للأزمة السورية».

وقال وزير الخارجية المصري إن العلاقات السعودية المصرية تتعدى في زخمها الدولتين إلى التأثير لتكون عنصرا حاسما في عدد من القضايا في منطقة الشرق الأوسط، مبينا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع لنحو خمسة مليارات دولار في العام الماضي، بينما تبلغ الاستثمارات المصرية في السعودية ملياري دولار، وهناك فرص لإمكانية الدخول في مشاريع ثلاثية بين الدولتين ودولة أخرى في مختلف المجالات ومنها الزراعة.

ولفت عمرو إلى أن مصر أعطت أولوية للسعوديين للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة التي تعتزم بلاده تصديرها لأوروبا في الوقت الذي أنشأت فيه القاهرة وحدة خاصة لمواجهة أي إشكالات تعارض المستثمرين السعوديين وستطعن في الأحكام التي صدرت بخصوص مصادرة مشاريع يملكها رجال أعمال.

بينما أوضح الأمير سعود الفيصل، من جانبه، أن المحادثات بينه وبين الوزير محمد كامل عمرو تطرقت لقضايا سياسية، أهمها مأساة سوريا «التي ما فتئت تزداد تفاقما»، حسب قوله، ويدلل على ذلك إعلان الأمم المتحدة الأخير بوصول عدد القتلى إلى 60 ألف قتيل، علاوة على الملايين من اللاجئين والنازحين، مشيرا إلى أنه تم استعراض نتائج الجهود والاتصالات الدولية القائمة وضرورة الدفع بها بما يحقق تطلعات الشعب السوري نحو حقن الدماء والحفاظ على الأمن والاستقرار وعلى وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها مع التأكيد على أهمية الانتقال السلمي للسلطة وذلك بعد أن فقد النظام السوري شرعيته داخليا وعالميا.

وقال الفيصل «إن المباحثات - التي وصفها بالمثمرة والبناءة - اتسمت بتطابق وجهتي النظر، واهتمت بالقضية الفلسطينية في ظل التصعيدات الإسرائيلية الخطيرة ببناء المزيد من المستعمرات والاستحواذ على مزيد من الأراضي الفلسطينية، علاوة على سياسة الابتزاز التي تمارسها إسرائيل بمنع تحويل الأموال الفلسطينية للفلسطينيين في محاولة لفرض عقوبات عليهم لمجرد نيلهم حقا مشروعا بالحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة بدعم واسع من المجتمع الدولي»، مبديا أسفه لتعثر المصالحة الفلسطينية، ومشيدا في الوقت نفسه بالجهود التي تبذلها مصر في محاولة لتقريب وجهات النظر وإتمامها على النحو الذي يعيد للفلسطينيين لحمتهم.

وبين الفيصل أن الملف النووي الإيراني كان ضمن مباحثاته مع نظيره المصري، بعدما عبرت دول مجلس التعاون في قمتها الأخيرة بالعاصمة البحرينية المنامة عن القلق نظرا للمخاطر البيئية للبرنامج النووي الإيراني وخطورته على أمن وسلم المنطقة والعالم، في ظل عدم تجاوب إيران مع جهود مجموعة «5+1» لحل الأزمة دبلوماسيا، منتقدا في السياق ذاته السياسات الإيرانية الرامية لمحاولة التدخل في شأن دول المنطقة بشتى السبل وإثارة القلاقل والمشكلات فيها.

وكان الاجتماع الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين السعودية ومصر قد انعقد أمس برئاسة وزيري خارجية البلدين، وتناول أعمال اللجنة المشتركة بين البلدين والتي يرأسها وزيرا تجارة البلدين، وتطرق لسبل تسهيل الاستثمارات وبرنامج الدعم الاقتصادي لمصر وغيرهما من القضايا التي تصب في خدمة شعبي البلدين.

ويأتي اللقاء في إطار الاجتماع الوزاري الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية بين البلدين والمسائل ذات الاهتمام المشترك.

حضر اللقاء الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية، والدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية، والأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل الوزارة للعلاقات المتعددة الأطراف، والدكتور خالد الجندان وكيل الوزارة للعلاقات الثنائية، والدكتور يوسف السعدون وكيل الوزارة للعلاقات الاقتصادية والثقافية، والسفير أحمد قطان سفير السعودية لدى جمهورية مصر العربية، والسفير أسامة نقلي رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية، وسفير المصري لدى السعودية عفيفي عبد الوهاب.

وحول إلقاء السلطات الإماراتية القبض على مجموعة إرهابية أجاب وزير الخارجية السعودي بقوله «في الواقع بالنسبة لنا في هذا البلد فنحن لا نتكلم إلا عن شؤوننا الداخلية، أما الشؤون الداخلية للدول الأخرى فعندنا سياسة صارمة بأننا لا نتدخل». فيما قال وزير الخارجية المصري من جانبه «إذا كان لي أن أضيف شيئا فلدي تعليق صغير: مصر لا تتدخل أبدا في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى.. هذا موقف مصري واضح عُبر عنه على أعلى المستويات في مصر. ما حدث ويحدث في مصر هو أمر داخلي يخص الشعب المصري فقط، ولا شأن لنا ولا اهتمام لنا بنقل ما يحدث في مصر لأي دولة أخرى، وكل دولة لها ظروفها، وكل دولة هي أدرى بما يدور فيها. وأكرر.. مصر لا تتدخل أبدا في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى، ولا مصلحة لها في تصدير أي نوع معين من الفكر أو خلافه. ما يحدث في مصر هو أمر داخلي وشأن داخلي يخص المصريين فقط».

ونفى الأمير سعود الفيصل ما يتناقل في بعض وسائل الإعلام العالمية من أن تكون هناك قوة سعودية ضربت أحد المواقع التابعة لـ«القاعدة» في اليمن بتنسيق مع السلطات اليمنية، وقال «هذا غير صحيح». وأكد أن المساعي حثيثة لاستعادة نائب القنصل السعودي في اليمن عبد الله الخالدي، وقال «نحن نرتكز على الناس الذين يفاوضون».

وكان الأمير سعود الفيصل أكد في كلمة افتتح بها المؤتمر الصحافي المشترك على عمق العلاقات السعودية المصرية، وأنها «تربطها أواصر قوية، واحترام متبادل، وعلاقات وثيقة على المستويات كافة وفي جميع مجالات التعاون في خدمة المصالح المشتركة للبلدين، وخدمة القضايا العربية والإسلامية، والأمن والسلم الدوليين».

وأضاف مرحبا بنظيره المصري والوفد المرافق له «الحديث عن العلاقات السعودية المصرية هو حديث عن تاريخ طويل وعريق بين البلدين الشقيقين، تربطه أواصر قوية، واحترام متبادل، وعلاقات وثيقة على كل المستويات، وفي جميع مجالات التعاون في خدمة المصالح المشتركة للبلدين، وخدمة القضايا العربية والإسلامية، والأمن والسلم الدوليين»، وقال «بهذه الروحية عقدنا اليوم الاجتماع الوزاري الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين، وتناولنا خلاله العديد من موضوعات التعاون المشترك، بما في ذلك أعمال اللجنة السعودية المصرية المشتركة التي يرأسها وزيرا التجارة في البلدين، وتطرقنا كذلك إلى سبل تسهيل الاستثمارات، وبرنامج الدعم الاقتصادي للشقيقة مصر، وغيرهما من القضايا التي تصب في خدمة شعبي البلدين، وترتقي إلى طموحات قيادتينا».

وأكد أنه في إطار القضايا السياسية «بحثنا معا قطاعا عريضا من الموضوعات، على رأسها بالتأكيد مأساة سوريا التي ما فتئت تزداد تفاقما، ويدلل على ذلك إعلان الأمم المتحدة الأخير بوصول عدد القتلى إلى ستين ألفا، علاوة على الملايين من اللاجئين والنازحين، كما استعرضنا في هذا الإطار نتائج الجهود والاتصالات الدولية القائمة، وضرورة الدفع بها، بما يحقق تطلعات الشعب السوري نحو حقن الدماء والحفاظ على الأمن والاستقرار، وعلى وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها، مع التأكيد على أهمية الانتقال السلمي للسلطة، وذلك بعد أن فقد النظام السوري شرعيته داخليا وعالميا».

وأوضح أنه «تم استعراض القضية الفلسطينية كذلك، خصوصا التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة والخطيرة ببناء المزيد من المستعمرات والاستحواذ على المزيد من الأراضي الفلسطينية، علاوة على سياسة الابتزاز التي تمارسها إسرائيل بمنع تحويلات الأموال الفلسطينية للفلسطينيين، في محاولة لفرض عقوبة عليها لمجرد نيلها حقا مشروعا بالحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وبدعم واسع من المجتمع الدولي». وبين أنه تم في الإطار نفسه «بحث تطورات المصالحة الفلسطينية التي ما زالت متعثرة، للأسف الشديد، رغم الجهود الحثيثة والمحمودة للشقيقة مصر في محاولة لتقريب وجهات النظر، وإتمامها على النحو الذي يعيد للفلسطينيين لحمتهم».

بينما تناول وزير الخارجية المصري في كلمته جانبا من الاجتماع مع نظيره السعودي، وقال «في الحقيقة كما ذكر سمو الأمير سعود الفيصل هذا كان الاجتماع الوزاري الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين مصر والمملكة العربية السعودية، وهو يأتي في وقت مهم في الحقيقة ليس فقط بالنسبة للدولتين بل تتعدى أهمية العلاقات بين البلدين حدود تأثيرها على الجانبين لتمتد إلى المنطقة بأكملها، وكان دائما التنسيق المصري السعودي عنصرا حاكما في حركة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وربما أبعد من ذلك».

وأكد أن «العلاقات المصرية السعودية دائما وفي كل الأوقات كانت علاقات حميمة لأنها مبنية على تاريخ مشترك ومبنية على علاقات بين الشعوب قبل أن تكون علاقات بين الأنظمة، وهذا هو المعيار الحقيقي لقوة هذه العلاقات، إلى جانب وجود الأراضي المقدسة على أرض المملكة، والحب الذي في قلب كل مصري لهذه الأراضي وللمملكة». وقال «هناك مئات الآلاف من المصريين موجودون على أرض المملكة، وهناك مئات الآلاف من السعوديين موجودون بين أشقائهم في مصر». وأضاف «بحثنا العديد من الأمور مثل العلاقات الثنائية المشتركة وأعمال اللجنة السعودية المصرية التي يرأسها وزيرا التجارة في البلدين، وهناك اجتماع في القريب العاجل لها».

وتطرق وزير الخارجية المصري إلى لقائه مع الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وقال «خلال زيارتي تشرفت بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد، حيث سلمته رسالة من فخامة الرئيس محمد مرسي إلى شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله)، وكان لقاء حميميا وأخويا شعرنا فيه بدفء العلاقات ومدى الحب والتواصل والرغبة في تعميق العلاقات مثلما عهدنا دائما من إخواننا في السعودية».

وبين أنه تم بحث موضوع الاستثمارات بين البلدين وزيادتها، حيث وصلت إلى 5 مليارات دولار في عام 2011، مضيفا «هناك فرص كثيرة في الحقيقة أمام زيادة هذه الاستثمارات، وتحدثنا في مجال جديد وهو إمكانية الدخول في مشاريع تعاون ثلاثي للتعاون بين المملكة ومصر لإقامة مشاريع استثمارية في دول أخرى مجاورة سواء في مجالات الزراعة أو غيرها». وقال الوزير المصري «تعرضنا للأمور القنصلية ووجدنا المشاعر الطيبة والتقدير للدور الذي يقوم به المصريون العاملون في المملكة، ومدى الرعاية التي يجدونها من السلطات في المملكة». وأضاف «بالنسبة للقضايا الإقليمية كان الوضع في سوريا في مقدمة المباحثات، وهو وضع مأساوي لا يمكن القبول باستمراره، والانتقال السلمي للسلطة أمر مهم جدا لتجنيب الشعب السوري المزيد من المآسي والمزيد من المعاناة، وتحدثنا عن القضية الفلسطينية وهي قضية العرب الأولى، وكانت المملكة ومصر دائما في مقدمة الدول التي دافعت وساعدت الشعب الفلسطيني لإعادة حقوقه المشروعة». كما تطرق إلى مؤتمر إعلان الشرق الأوسط خاليا من الأسلحة النووية 2012، وقال إن مصر ترفض تأجيل المؤتمر.