لبنان: الأزمة السياسية تتفاقم.. ورئيس الجمهورية يلغي جلسة الحوار المقررة غدا

باسيل يقارب النازحين بـ«تجربة الفلسطينيين».. والمعارضة السورية: سيحاكم على العنصرية والطائفية

TT

عمق الخلاف اللبناني على إغاثة النازحين السوريين، الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد على خلفية الأزمة السورية والبحث في قانون الانتخابات واستقالة الحكومة الحالية. وبرز أمس تطوران لافتان، حيث أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أعضاء هيئة الحوار قراره بإلغاء جلسة الحوار المقرر عقدها غدا (الاثنين)، في حين برر الوزير جبران باسيل اعتراض التيار الوطني الحر على إجراءات الحكومة لإغاثة النازحين، بالقول إنه «لا يجب أن ننسلخ بالفكر عن تجاربنا السابقة كتجربة الفلسطينيين».

وأعلن سليمان أمس إلغاء جلسة الحوار الوطني المقرر عقدها غدا (الاثنين) في بعبدا، من دون أن يحدد أي موعد آخر لها. وجاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية أن سليمان «أبلغ أعضاء هيئة الحوار الوطني قراره إلغاء جلسة الحوار المقررة الاثنين في القصر الجمهوري في بعبدا».

وتتعرض جلسات الحوار اللبناني لحملة مقاطعة من قوى «14 آذار» التي تطالب باستقالة الحكومة.

في هذا السياق، اعتبر عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا أن «الشروط ليست على رئيس الجمهورية الذي نحترم نياته وتوجهه الكريم. كل الناس في الداخل والخارج أصبحوا يعلمون أنه باستئناف آلة القتل عملها وفي العمل البرلماني، نجد أن هذه الحكومة غير مكترثة لشيء ولا إمكانية للتواصل معها ولإيجاد حلول بوجودها».

بموازاة ذلك، تواصل الخلاف بين الأفرقاء اللبنانيين على خطة الحكومة لدعم النازحين السوريين. وأوضح وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أن موقف تكتل التغيير والإصلاح من قضية النازحين السوريين جاء «بعدما حصل مجلس الوزراء أخيرا على تقرير يفيد بأن عدد النازحين في لبنان وصل إلى 170 ألف نازح»، لافتا إلى أن «هذا ما استدعى اتخاذ موقف واضح قوامه وقف حد لاستقبال النازحين من سوريا».

وقال إن النقطة الثانية من الموقف تستند إلى «التخفيف من الأعداد الموجودة في لبنان»، مشيرا إلى أنه «هنا لم نتحدث لا عن طرد ولا عن ترحيل ولا عن أي شيء آخر. هذا الموقف جاء الرد عليه بوصفنا بالعنصرية والطائفية أو بالمصالح الانتخابية، هذا الرد زاد من شكوكنا بأن العملية ليست طبيعية فهناك من يستفيد من هذا الموضوع»، مشددا على أن «ردهم دفع بنا إلى التوجس».

وقال باسيل في مؤتمر صحافي عقده في البترون إن «الحكومة أطلقت شعار النأي بالنفس في الموضوع السوري وكبلد ككل في إعلان بعبدا نريد حماية لبنان من الأزمة السورية، إذن سياسة لبنان واضحة في هذا الشأن». وأضاف: «حتى نحدد ماذا نريد أن نفعل في هذا الموضوع يجب أن نحدد وضع لبنان.. عوامله الاجتماعية وديموغرافيته وجغرافيته وسياسته، وذلك حتى نحدد كيفية تعاطينا مع هذا الموضوع»، مشيرا إلى أنه «لا يجب أن ننسلخ بالفكر عن تجاربنا السابقة كتجربة الفلسطينيين مثلا، بل يجب أن نتطلع إلى النتائج. والتجربة الثانية هي الـ22 شهرا الذي استدعى أخذ هذا الموقف في موضوع النازحين».

وأضاف باسيل قائلا: «عرض علينا في مجلس الوزراء خطة كيف نأتي بالأموال للنازحين وكل الوزراء أجمعوا على أن هذه الخطة غير صالحة. المشكلة أن ظروفنا صعبة وإذا أمنا الأموال لعام واحد فماذا نفعل في العام المقبل؟! أما نحن فطرحنا وضع حد». وأشار إلى أن «هناك بعض المناطق السورية آمنة أكثر من لبنان فلماذا يأتون إلى لبنان؟! ونعطي بطاقة نازح إلى عامل.. إلى من يريد الطبابة». ولفت قائلا: «نعرف بأي سياسة تدار العمليات، فنحن غير قادرين على استيعاب هذا العدد. يجب على الدول أن تساعد بمختلف الوسائل من خلال عدم التشجيع على الدم والقتل. يجب توجيه رسالة تقول إنه إذا لم يكن هناك حالات طارئة فلا تأتوا إلى لبنان».

وشدد باسيل على أن «إمكانيات مجتمعنا معروفة نتيجة الاختلاف والتوازنات، كما أننا نرى زيادة في السرقات نتيجة حاجة بعض النازحين»، لافتا إلى حصول «خربطة» بسوق العمل نتيجة عدد النازحين.

وعن الموضوع الأمني، لفت إلى أن «وزير الداخلية قال بوجود مخيمي تدريب كما رأينا سوريين يقاتلون في طرابلس كما أن الجيش أوقف سوريين كانوا يقاتلون في قصقص وغيرها، فهل وضع هؤلاء وضع نازحين؟!».

وعن إيواء النازحين في المخيمات، أكد باسيل وجود «تخوف من تحويل المخيم إلى مخيم عسكري وهذا الأمر قائم أصلا من دون وجود مخيمات، كما أنه بحال تركنا النازحين مفرقين فالخوف من حصول خلايا نائمة، وبالحالتين هناك كارثة أمنية حقيقية في البلد وهي بدأت تظهر».

رسميا، لاقى اعتراض وزراء تكتل التغيير والإصلاح على الإجراءات الحكومية التي اتفق عليها في مجلس الوزراء، تأكيدا من وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور بأن «الحكومة اللبنانية مستمرة بالعمل وفق الخطة التي أقرتها بشأن اللاجئين السوريين، من إيوائهم وحمايتهم وتأمين التمويل لهم».

وقال أبو فاعور في تصريحات صحافية إن الحكومة «نتيجة الإنكار الذي مارسته سابقا بأن لا شيء يحدث في سوريا، لم تقم بواجباتها، ولذلك ليس هناك من إحصاء لعدد اللاجئين، وبعد حصولنا على التمويل من المفوضية العليا للاجئين سنباشر بتسجيل النازحين»، لافتا إلى أن عددهم هو بحسب المفوضية 170 ألفا.

أما في سوريا، فانتقد معارضون ومدونون سوريون كلام باسيل. وقالت مصادر الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» إن التعابير التي استخدمها باسيل في مؤتمره الصحافي أمس بحق النازحين السوريين «تعني انكشاف محور المخادعة ومرتزقته وأقزامه». وقالت المصادر إن باسيل «سيحاكم هو وأسياده من طهران إلى دمشق فبيروت على كل ما فعلوه بالشعبين اللبناني والسوري عبر أربعين عاما من القتل والحقد وزرع الفتنة والعنصرية والطائفية في بلادنا».