عدم اكتمال النصاب يدفع البرلمان العراقي للاكتفاء بـ«جلسة تشاورية» لبحث مطالب المتظاهرين

قيادي في ائتلاف المالكي لـ «الشرق الأوسط»: النجيفي صار طائفيا بامتياز

قياديون في ائتلاف دولة القانون يعقدون مؤتمرا صحافيا في مبنى البرلمان العراقي أمس (أ.ب)
TT

في لحظة مفصلية من تاريخ العراق، فشل البرلمان العراقي أمس في عقد جلسة كاملة النصاب لبحث أخطر أزمة تواجه البلاد وهي تخطو نحو أعتاب العام الحادي عشر من التغيير بعد أحداث عام 2003؛ فمع إقرار ائتلاف دولة القانون بأن القضايا المصيرية يجب أن تحل داخل قبة البرلمان، فإنه طبقا للتصريحات التي أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» إحسان العوادي عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، فإن «السبب الرئيس الذي حال دون إمكانية حضور دولة القانون ومكونات أخرى من التحالف الوطني هو النهج السلبي الذي بات يسلكه رئيس البرلمان أسامة النجيفي».

وكان مقرر البرلمان العراقي أعلن أمس في مؤتمر صحافي أن الجلسة الاستثنائية التي دعا إليها النجيفي «ستناقش قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة والمحكمة الاتحادية والتوازن في مؤسسات الدولة». وأضاف أن «جلسة البرلمان الاعتيادية التي ستعقد يوم الثلاثاء المقبل ستشهد التصويت على قانون المحكمة الاتحادية، فيما سيدرج قانون العفو العام ضمن جدول أعمال جلسة الخميس المقبل للتصويت عليه». وكان رؤساء الكتل البرلمانية عقدوا اجتماعا في مكتب النجيفي قبيل الجلسة للاتفاق على القوانين التي سيتم التصويت عليها خلال الجلسة الاستثنائية.

من جهتها قللت عضو البرلمان عن القائمة العراقية فائزة العبيدي من أهمية عدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة. وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الجلسة كانت هامة بكل المقاييس، وإذا تحدثنا عن العبرة بالنتائج فإنها أفضل بكثير من عشرات الجلسات كاملة النصاب التي يعقدها البرلمان دون أن يبحث فيها قضايا هامة ومصيرية كهذه الجلسة». وأضافت أن «عدم اكتمال النصاب لا يعود إلى مقاطعة دولة القانون فقط، وإنما لعدم قدرة نواب آخرين بسبب وجودهم خارج العراق، ومن بينهم 20 نائبا من العراقية وحدها، لم يتمكنوا من الحضور، والأمر نفسه ينطبق على نواب من التحالف الكردستاني وكتلة الأحرار الصدرية».

وأشارت فائزة العبيدي إلى أن «البرلمان تسلم مطالب المتظاهرين الأربعة عشر، وتمت مناقشتها بشكل واضح، وتم الاتفاق على إدراج قانون العفو العام خلال جلسة الثلاثاء المقبل، وتعديل قانون مكافحة الإرهاب، والتطبيق العادل لقانون المساءلة والعدالة، كما تم الاتفاق على إدراج قانون المحكمة الاتحادية خلال جلسة الخميس المقبل». وأكدت أنه «تم تشكيل لجان من داخل البرلمان للاطلاع على المطالب الفرعية للمتظاهرين؛ لأن المطالب الرئيسية تمت مناقشتها كما تم جمع تواقيع لاستضافة رئيس الوزراء نوري المالكي خلال الجلسات القريبة المقبلة، بالإضافة إلى جمع تواقيع لاستضافة نواب رئيس الوزراء لمعرفة مصير قضية التوازن الوطني في مؤسسات الدولة».

من جهته حمل عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون إحسان العوادي بشدة على رئيس البرلمان، واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «أصبح طائفيا بامتياز». وأوضح العوادي «السبب الرئيسي الذي حال دون حضورنا جلسة البرلمان هو السلوك الطائفي لرئيس البرلمان الذي لم يعد يمثل كل العراقيين، بل بات يمثل طائفة واحدة ينطق باسمها علنا دون أن يلتفت إلى ما عداها».

وردا على سؤال بشأن الكيفية التي يمكن بها حل الأزمات السياسية ما لم تكن داخل قبة البرلمان، قال العوادي: «نعم نحن ندرك أن المشاكل والأزمات لا يمكن أن تحل إلا داخل قبة البرلمان، وهو أمر مهم، لكن هناك شروط لهذه الجلسة لم تعد متوفرة بالانحياز الواضح للنجيفي الذي لا ننسى أنه أول من أطلق عبارة الإقليم السني من واشنطن قبل نحو سنة ونصف السنة».

وردا على سؤال حول حقيقة ما قيل عن عزم المالكي تقديم طلب بحل البرلمان والحكومة، قال العوادي إن «المالكي كان واضحا حين حدد الخيارات الأربعة، لكن هناك اتجاها يريد إسقاط الحكومة، بينما قلنا لهم نحن نقول لنسقط الحكومة والبرلمان معا، ونرمي الكرة في ملعب الشعب من خلال الذهاب إلى انتخابات مبكرة إن لم نستطع أن نتحاور».

بدوره، عزا المتحدث الرسمي باسم التحالف الكردستاني مؤيد طيب أسباب إخفاق جهود النجيفي إلى «غياب عدد كبير من أعضاء البرلمان بسفرات خارجية بمناسبة حلول أعياد الميلاد ورأس السنة، إضافة إلى قصر مدة الإشعار المعلن بعقد الجلسة الاستثنائية». وقال مؤيد طيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه بسبب الغياب الكبير لعدد الأعضاء تحولت الجلسة إلى «تشاورية»، وهذا يعني أن وقائعها لن تدرج ضمن محاضر جلسات المجلس، وأن ما خرجنا به من تلك الجلسة التشاورية هو فقط إيصال وتوضيح مواقفنا تجاه الأحداث التي تشهدها المناطق السنية، دون أن يكون هناك قرار بهذا الشأن.

وحول التدخلات التي ظهرت مؤخرا من بعض القوى بالمظاهرات السنية وخاصة البيان المنسوب إلى عزة الدوري الذي يقود حزب البعث المنحل في العراق، قال طيب «لقد أكدنا خلال الجلسة التشاورية دعمنا الكامل لمطالب المتظاهرين، واعتبرناها دستورية وقانونية، من حق المواطن أن يطالب بحقوقه الدستورية، وأكدنا أيضا على سلمية المظاهرات وعدم السماح بدخول أجندات خارجية فيها حماية لطابعها العراقي، ولكننا نرفض بشدة أي تدخل أو دور لحزب البعث المنحل بتلك المظاهرات ونرى في ذلك خطرا كبيرا على العراق ومستقبله، فنحن لن نقبل بالمطلق عودة حزب البعث ورموزه وقياداته إلى واجهة الأحداث بالعراق، ولن نتصالح معهم أبدا». وكان الدوري قد خصص جانبا من خطابه المتلفز للدفاع عن الشعب الكردي عندما قال «نحن على استعداد للدفاع عن (شعبنا) الكردي من أي اعتداء يستهدفهم».