البرلمان الإيراني يدعو إلى تحرك قضائي بعد وفاة مدون

طهران تصمم برنامجا «ذكيا» يسمح بدخول انتقائي ومراقب لمستخدمي الإنترنت

إيرانية تتصفح على الشبكة العنكبوتية في مقهى للإنترنت بمركز تسوق وسط طهران أمس (أ.ب)
TT

في تطور لافت في الجمهورية الإسلامية، دعا مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) أمس إلى «تحرك قضائي» بحق عدد من الشرطيين المسؤولين عن وفاة المدون ستار بهشتي في الاعتقال، إثر تعرضه، على ما يبدو، إلى عمليات تعذيب أدت إلى وفاته، وفي غضون ذلك أعلن قائد الشرطة أن طهران تعمل على وضع «برنامج معلوماتي ذكي» يسمح بدخول انتقائي ومراقب لمستخدمي الإنترنت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيس بوك» و«تويتر» المحجوبين حاليا من قبل السلطات.

وحسب تقرير رسمي تلي خلال جلسة مجلس الشورى أمس أمام النواب، فإن «من الضروري أن تتحرك الهيئات المختصة، وخصوصا القضاء، ضد تلك الحوادث الخطيرة (...)، وتحديد المسؤولين عنها، واتخاذ إجراءات قضائية بحقهم».

وقد عثر على ستار بهشتي (35 سنة) الذي اعتقل في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول)، ميتا في زنزانته في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) على ما أفاد به القضاء.

وأوضح تقرير البرلمان أن سبعة عناصر من «شرطة الإنترنت» ملاحقون؛ لأنهم «تصرفوا مع المتهم بطريقة مخالفة للقانون والقواعد الإسلامية»، وأن ثلاثة منهم قيد الاعتقال حاليا، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية أمس.

وأفاد التقرير بأن «السبب الأساسي الذي أدى إلى وفاة (بهشتي) قد يكون صدمة ناجمة عن ضربات على الأجزاء الحساسة من الجسد، إذا تبين ذلك، أو ضغوطا نفسية».

ويتناول هذا الاستنتاج بشكل واسع ما خلص إليه التحقيق القضائي بعد وفاة المدون التي أثارت عدة إدانات دولية وانتقادات شديدة داخل النظام ضد «شرطة الإنترنت» التي أقيل قائدها من منصبه بعد ذلك.

وكان موقع «كلمة» المعارض أفاد بعد وفاة بهشتي بأن سجناء آخرين في سجن إيفين في طهران قالوا إن الأخير علق في سقف زنزانة وضرب.

وقد أنشأت إيران شرطة الإنترنت بداية 2011 لمراقبة هذه الشبكة، وخصوصا لفرض الرقابة على المدونات التي تنتقد النظام.

ودعا المجلس أيضا إلى أن يودع كل الأشخاص الذين تعتقلهم الشرطة في مراكز اعتقال تحت مراقبة إدارة السجون، وأن تكون كل تلك المراكز «مجهزة بكاميرات تفاديا لعمليات غير قانونية قد يرتكبها الشرطيون».

وأفادت منظمة العفو الدولية بأن بهشتي توفي إثر تعرضه للتعذيب، وبعد أن اشتكى من سوء معاملة جلاديه. وانتقدت الدول الغربية وخبراء الأمم المتحدة تلك الوفاة ودعت إيران إلى توضيح كامل لهذه القضية.

ولم تتضح طبيعة التحقيق الخاص الذي دعا إليه البرلمان الإيراني أمس، وما إذا كانت الحكومة ستنفذ التوصيات التي وردت في التقرير، إلا أن التقرير يعكس مدى القلق داخل البرلمان حول هذه القضية وتركيز المجلس على حقوق الإنسان قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في يونيو (حزيران) من العام الجاري.

وفي سياق ذي صلة، أعلن قائد الشرطة إسماعيل أحمدي مقدم في تصريحات نشرتها صحيفة «صبح» الإيرانية أن السلطات تعمل على وضع «برنامج معلوماتي ذكي» يسمح بدخول انتقائي ومراقب لمستخدمي الإنترنت إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» المحجوبين من قبل السلطات.

وقال مقدم إن «مراقبة ذكية للشبكات الاجتماعية أفضل من حجبها بالكامل»، وأضاف أن هذا البرنامج الذكي «سيسمح بتجنب مساوئ الشبكات الاجتماعية» و«باستغلال جوانبها المفيدة».

وتخضع مواقع «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» وغيرها من مواقع التواصل وعشرات الآلاف من المواقع الإلكترونية الأخرى لرقابة في إيران منذ المظاهرات الكبيرة التي قامت بها المعارضة الإصلاحية بعد إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد في يونيو 2009.

وكان المعارضون استخدموا بشكل واسع الشبكات الاجتماعية لتعبئة أنصارهم في بلد يضم 36 مليون مستخدم الإنترنت من أصل 75 مليون نسمة. وتأتي تصريحات أحمدي مقدم بعد ظهور صفحة على «فيس بوك» منتصف ديسمبر (كانون الأول) مخصصة على ما يبدو لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، جذبت آلاف المستخدمين.

وكانت إيران أطلقت الشهر الماضي نسختها الخاصة من «يوتيوب» لتشجيع «إنتاجات ذات قيمة»، كما أعلن نائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني لطف الله سياهكلي، ودعا المستخدمين إلى وضع أشرطة الفيديو الخاصة بهم المتعلقة بإحياء ذكرى عاشوراء، إحدى المناسبات الأكثر أهمية لدى الشيعة؛ «ليتمكن الناس في كل مكان في العالم من التآلف مع الثقافة الإيرانية».