اليمن: «المصالحة الوطنية» يفجر خلافات داخل البرلمان

وزير الشؤون القانونية لـ «الشرق الأوسط»: مشروع القرار ليس ملبيا للعدالة الانتقالية

يمني بين مجموعة من «الخبازات» التي تستعمل لوضع العجين في المخابز كنوع من الصناعات التقليدية في صنعاء القديمة أمس (رويترز)
TT

تفجرت أزمة في البرلمان اليمني على خلفية مشروع قانون خاص بالمصالحة والوطنية والعدالة الانتقالية، وذلك للمرة الأولى منذ بدء تطبيق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لحل الأزمة في اليمن، حيث أعلنت كتل برلمانية يمنية، أمس، رفضها لمشروع «قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية»، الذي أحاله الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مجلس النواب (البرلمان) لمناقشته وإقراره، وذلك بعد إقرار البرلمان إحالة المشروع إلى اللجان المختصة لدراسة وتقديم تقرير بشأنه إلى المجلس، بعد أن عبر التصويت بالأغلبية التي يمتلكها حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بصورة مخالفة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي تنص على اتخاذ القرارات في البرلمان والحكومة بالتوافق، وليس بالتصويت والأغلبية، الأمر الذي دعا كتلة أحزاب «اللقاء المشترك»، التي تترأس حكومة الوفاق الوطني لإعلان رفضها لإحالة المشروع إلى اللجان المختصة، كما رفض ذلك الائتلاف البرلماني من أجل التغيير، الذي يضم البرلمانيين الذين استقالوا من حزب صالح إبان الاحتجاجات المطالبة بإسقاطه نظامه احتجاجا على قمع المحتجين.

من جهته، قال وزير الشؤون القانونية اليمني، الدكتور محمد المخلافي لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون المحال إلى اللجان لدراسته «هو مشروع يخص حزب المؤتمر الشعبي فقط»، وإنه «كان لدى الحكومة مشروع قانون قدمته لجنة وزارية وجرت مناقشته في مجلس الوزراء، لكن حزب المؤتمر الشعبي طلب تقديم وجهة نظره كحزب بشأن المشروع وليس كحكومة»، مؤكدا وجود نقطتين خلافيتين بين الفريقين في مشروع القانون، وهما: «عدم قبوله (المؤتمر) بالعدالة الانتقالية واستبدل الاسم من (مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية) إلى العكس، والنقطة الثانية رفضه أن تشمل العدالة الانتقالية الصراعات السابقة وما ترتب عليها من انتهاكات لحقوق الإنسان، ومسألة الفترة الزمنية مسألة رئيسية، لأن مشروع القانون لم يعد ملبيا لأهداف العدالة الانتقالية؛ فقد استبعدت منه كل الصراعات السابقة، بما في ذلك حرب صيف عام 1994، وهي المحطة الرئيسية التي تستوجب إيجاد عدالة انتقالية ومصالحة وطنية، وبالتالي لم يعد هناك هدف حقيقي للقانون»، وأشار المخلافي إلى أن «مجلس الوزراء لم يقبل هذا الرأي؛ فتم الاتفاق على إحالة مشروع القانون إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لكي يبتا في المسألتين الخلافيتين، وما حدث الآن أنه أرسل إلى مجلس النواب طبقا لمقترحات المؤتمر الشعبي العام».

من ناحية ثانية، أجرى مساعد وزير الأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية لشؤون الحماية الوطنية وإدارة البرامج «راندي بيرز»، مباحثات مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تتعلق بتعاون اليمن والولايات المتحدة في مجال محاربة الإرهاب والجوانب الأمنية، وأحيطت مباحثات المسؤول الأميركي البارز بالسرية كما هي العادة، كما لم يعلن عن زيارته من قبل لأسباب أمنية.

إلى ذلك، نفت السفارة الفرنسية في صنعاء الأنباء التي جرى تداولها، اليومين الماضيين، بخصوص تعرض سفير باريس فرانك جيله لمحاولة اغتيال في صنعاء، وقالت السفارة في بيان لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «كان قد وقع حادث للحراسة اليمنية المرافقة للسفير، بينما كانت خارج الخدمة ولم تكن مرافقة له في ذلك»، وكانت مصادر يمنية قالت إن موكب السفير الفرنسي تعرض لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين يستقلون إحدى السيارات، وبعد وقت قصير عثر على السيارة المهاجمة في أحد أحياء صنعاء وبداخلها مشروبات روحية.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه الوضع الأمني سيئا في المدن اليمنية، فإن أجهزة الأمن تواصل حملتها الأمنية لمنع حمل الأسلحة والتجوال بها وضبط الدراجات النارية التي لا تحمل لوحات معدنية، بعد تزايد استخدامها في سلسلة الاغتيالات التي تشهدها كثير من المدن اليمنية، وملاحقة المطلوبين أمنيا، وقد شكلت وزارة الداخلية غرفة عمليات مشتركة بين كل الوحدات الأمنية والعسكرية من أجل تنفيذ الخطة الأمنية الجديدة.

وفي موضوع آخر، قضت محكمة يمنية، أمس، بسجن 10 من القراصنة الصوماليين 10 سنوات لكل منهم، وأدانت المحكمة الجزائية المتخصصة (أمن الدولة) في حضرموت المتهمين بـ«خطف سفن والقرصنة من خلال الاشتراك في اتفاق جنائي لاختطاف وسائل النقل البحرية، وأعدوا لذلك الوسائل اللازمة من أسلحة كلاشنيكوف و(آر بي جي) ومسدس وسفينة (عبري) وقارب بوت (طراد) عليه مكينة 60 خيل وسلم للصعود على السفن، وارتدوا ملابس عسكرية للتمويه على أنهم قوة دولية، وشرعوا في خطف عدد من السفن المارة في المياه البحري»، حسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.

إلى ذلك، نفى مكتب وزير الداخلية اليمني اللواء عبد القادر قحطان الأنباء التي تداولتها عدد من وسائل الإعلام عن تعرض وزير الداخلية لمحاولة اغتيال ومعه عدد من المسؤولين أثناء وجودهم في نادي ضباط الشرطة بالعاصمة صنعاء. وقال المكتب، في بيان، نشره موقع صحيفة «26 سبتمبر» الإلكتروني أمس: «لا صحة مطلقا لما تداولته المواقع الإخبارية من تفاصيل ومعلومات مضللة»، موضحا أن ضبط كمية من الأسلحة أو الذخائر هنا أو هناك أثناء حملة التفتيش التي تنفذها الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء لا يعني أنها كانت معدة لاغتيال الوزير. ودعا مكتب وزير الداخلية، العاملين في الحقل الإعلامي إلى تحري المصداقية والموضوعية والبحث عن المعلومة الصحيحة من مصادرها بعيدا عن البلبلة والإثارة التي تنتهجها بعض وسائل الإعلام، وبما ينسجم مع متطلبات المرحلة التي تمر بها البلاد.