تونس: ديلو يتخلى عن مهمة الناطق باسم الحكومة ويحتفظ بـ«حقوق الإنسان»

مصدر معارض يعتبر الخطوة نتيجة تصارع 3 أجنحة داخل «النهضة»

TT

فاجأ سمير ديلو، وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية التونسي، والقيادي في حركة النهضة، الساحة السياسية بإعلانه أمس التخلي عن منصب الناطق الرسمي باسم الحكومة، مع احتفاظه بوزارة حقوق الإنسان.

وأعلن ديلو أثناء لقائه وفدا أمميا معنيا بمسألة التمييز ضد المرأة، أنه تخلى عن جزء من مهمته، وأن تعيين ناطق رسمي جديد للحكومة سيتم في غضون الأيام المقبلة، إذ ينتظر الإعلان عن تعديل وزاري مرتقب من قبل القيادات السياسية، وفي ظل خلافات واسعة بين الحكومة والمعارضة حول حدود التعديل والحقائب الوزارية التي سيقع التخلي عنها أو إعادة توزيعها بين الأطراف السياسية.

وقال ديلو، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، إنه فكر في التخلي عن مهمة الناطق الرسمي منذ نهاية السنة الماضية، مشيرا إلى أن طريقة التعاطي مع الكثير من الملفات لا ترضيه، وأن البلاد تمر بحالة «هرج ومرج» غير مسبوق، جعلته لا يعبر عن قناعاته السياسية بالطريقة التي يحبذها.

وأضاف ديلو أن تونس افتقرت خلال الفترة الماضية إلى التواصل الحقيقي، وإلى الحوار الفعلي الذي تتطلبه المرحلة الانتقالية. وعبر عن عدم رضاه عن المرحلة السياسية السابقة، وقال إن شرعية الفوز في الانتخابات والالتجاء إلى صندوق الاقتراع لضمان الشرعية الانتخابية لا يمكنهما وحدهما أن يخرجا البلاد من التوتر السياسي، وإن الحلول التوافقية هي الطريق الأفضل لمرحلة ما بعد الثورة.

وكان ديلو قد وعد منذ فترة بإرساء قانون العدالة الانتقالية ومحاسبة رموز الفساد، ووعد أيضا بألا تكون عدالة انتقامية. وانتقد مرارا دخول المجلس التأسيسي (البرلمان) في نقاشات جانبية تبعد البلاد عن الاستقرار وتدخلها في دائرة التذبذب السياسي. وسجل منذ أكثر من أسبوعين تغيبه عن المشاركة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وأبدى حذرا مبالغا فيه، على غير عادته، في التصريحات الإعلامية التي أدلى بها خلال المناسبات السياسية التي حضرها، كما أبدى حذرا في الدفاع عن وجهة نظر الحكومة بشأن تعاملها مع الكثير من الملفات وإدارة الشأن العام، وهو ما أدى بالمراقبين إلى استنتاج أن ديلو قد يكون اتخذ قرارا بمراجعة حساباته السياسية.

وفي سياق ذلك، قال الناشط السياسي المعارض عادل الشاوش، إن تخلي ديلو عن مهمة الناطق الرسمي للحكومة يعتبر أول تململ «نهضوي» في تركيبة الحكومة التي تقودها حركة النهضة.

واعتبر الشاوش الأمر في غاية من الخطورة بالنسبة لحركة النهضة التي عرفت بتماسكها التاريخي، والتستر عن خلافاتها الداخلية. وقال إن بوادر التململ ترجع إلى المؤتمر التاسع للحركة حين تحدث المحللون السياسيون عن وجود صراع بين ثلاثة أجنحة هي: قيادات المهجر التي عادت إلى البلاد بعد الثورة، والقيادات التي رابطت في تونس وتحملت أعباء السجون والقمع التعذيب، وكذلك القيادات التي ظلت في البلاد وجمدت نشاطها السياسي خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.