هشاشة الإدارة المحلية معضلة تواجه الحكومة المصرية

أبرزتها الاحتجاجات الفئوية واحتلال الباعة أرصفة المدن

TT

فاقمت «هشاشة» السلطات المحلية في مصر فشل الحكومة في احتواء الاحتجاجات الفئوية، ومواجهة الإضرابات الأخيرة التي وصلت إلى اقتحام مباني دواوين الحكومة والمحليات واحتلال الشوارع والطرقات من الباعة الجائلين، وسط محاولات من جانب السلطات المحلية لاحتوائها بإجراء تعديلات وزارية جديدة، واتهامات بعدم تقدير ما وصف بـ«المسؤولية الوطنية» من جانب المواطنين المضربين، الذين هددوا بالتصعيد، ردا على عدم الاستجابة لمطالبهم، وبينما تسبب سيطرة الباعة الجائلين على الطرقات العامة في إصابة حركة المواصلات بالشلل التام ببعض مناطق العاصمة القاهرة والمحافظات، اشتدت الاعتصامات الفئوية في القاهرة وعدد من محافظات الجمهورية.

وتصاعدت حدة اقتحام دواوين الحكومة والمحليات أمس (الاثنين)، وشهد عدد من المحافظات احتجاجات واعتصامات وإضرابات، وأعلن الباعة الجائلون بالسويس اعتصامهم داخل مبنى ديوان المحافظة احتجاجا على قانون حبسهم وتغريمهم ومصادرة بضائعهم من قِبل شرطة المرافق. كما واصل مئات العاملين المؤقتين بأسوان (بصعيد مصر) اعتصامهم أمس لليوم الثاني داخل مبني المحافظة لحين تثبيتهم.

وفي مرسى مطروح، تجمهر العشرات من سائقي سيارات الأجرة واعتصموا أمام ديوان عام المحافظة، اعتراضا على سوء حالة الطرق، فيما نظم عمال النظافة المؤقتون ببلطيم وقفة احتجاجية أمام مجلس المدينة، مهددين بإغلاقه إذا لم يتم تثبيتهم في وظائفهم.

وفي البحيرة، تظاهر العشرات من المشاركين في القرعة العلنية للوحدات السكنية التابعة لهيئة الأوقاف بشبين الكوم، احتجاجا على عدم حصولهم على شقق. كما أعلن العمال المفصولون من جامعة طنطا الاعتصام والمبيت أمام مبنى إدارة الجامعة لحين العودة لعملهم.

وشهدت مواقف الحافلات العامة بمحافظات صعيد مصر إضرابا جماعيا أمس (الاثنين) للسائقين، وهددوا بعدم فضه إلا بعد إلغاء المخالفات المرورية، قائلين إن «الحكومة تصر على إهانة كرامتنا ولا حركة لأي حافلة من دون الحصول على حقوقنا».

وبينما احتل الباعة الجائلون أرصفة شوارع العاصمة القاهرة وبيع منتجات مجهولة المصدر، انتشرت المقاهي الجائلة الصغيرة على الطرق السريعة وفي وسط الطرق الرئيسية وهي عبارة عن مجموعة من المقاعد البلاستيكية التي يتم تأجيرها للمواطنين.

وجدد احتلال الباعة الجائلين للأرصفة الجدل حول المبادرة التي أطلقتها الحكومة لتخصيص أسواق اليوم الواحد للباعة، وقال سيد توفيق، عضو غرفة القاهرة التجارية، «عقدنا اجتماعا مع الحكومة لحل أزمة الباعة الجائلين بإنشاء أسواق دائمة وتم تشكيل لجنة معاينة ووعدت الحكومة بحل الأزمة، ولم يحدث شيئا».

وأضاف توفيق لـ«الشرق الأوسط»، أن «الباعة الجائلين يحتاجون أسواقا دائمة لتدبير احتياجات أسرهم بدلا من أسواق اليوم الواحد التي اقترحتها الحكومة سابقا، مشيرا إلى أنه من الضروري إصدار تصريح مزاولة للمهنة وشهادات صحية للعاملين بالأغذية مما يساهم في حصرهم وتقنين وضعهم خلال فترة زمنية قصيرة».

وتؤكد حكومة الدكتور هشام قنديل الجديدة التي حلفت اليمين أمام الرئيس محمد مرسي أول من أمس (الأحد) عودة الانضباط للشارع، وقالت مصادر داخل مجلس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس الوزراء طلب من حكومته الجديدة طرق وآليات إعادة الاستقرار للشارع المصري وذلك من خلال الحملات الأمنية المستمرة».

إلا أن أحد رؤساء الأحياء التي تقع في (شرق القاهرة) فضل عدم ذكر اسمه، قلل من التصريحات الحكومية، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأحياء تستغيث بالداخلية من البلطجة؛ لكن دون مجيب لأن الضباط يخافون من سطوة البلطجية»، لافتا إلى أن مشكلات الأحياء مع تنفيذ إزالة المخالفات وتطبيق قانون المحليات والمعوقات البيروقراطية تبدو متشابهة في ظل غياب التنظيم عن كثير من أجهزة الدولة.

من جانبه، قال الدكتور محمد عبد الباقي أستاذ الهندسة بجامعة عين شمس، إن «المخالفات التي يشهدها المجتمع الآن، منوط بمتابعتها أجهزة الحكم المحلى والممثلة في المحافظات؛ لكن تلك الجهات تعاني منذ فترة طويلة فسادا إداريا وضعف الكوادر الفنية العاملة بها، ونقصا في الإمكانات والمعدات، وكذلك نقص في القدرات لتنفيذ مهام عملهم، ويضاف إلى ذلك غياب البعد الأمني وعدم تطبيق القانون على أحد».